تراجع “هوليوود الخليج”.. شكاوى من الرقابة على الدراما الكويتية

تحقق الدراما التلفزيونية الكويتية تطوراً ملحوظاً على عدّة أصعدة، بعد تاريخٍ طويل وحافل بدأ منذ الستينيات وما يزال مستمراً.

ومع ذلك، يذهب البعض إلى أنّ صناعة الدراما الكويتية فقدت ريادتها ودورها وتأثيرها في العالم العربي، بعد أن كانت “هوليوود الخليج” بحسب مؤسسة “فنك” الأوروبية.

ويعود هذا التراجع إلى عدّة عوامل. ومن هذه العوامل ما تفرضه وزارة الإعلام الكويتية من الرقابة المشددة على هذه الصناعة.

كما تعاني الدراما الكويتية من أزمات النص الدرامي المبتعد عن مشكلات المجتمع الكويتي الحسّاسة، لا سيما أزمة البدون والمهاجرين وصورة المرأة الكويتيّة.

من البدايات حتى الألفية الجديدة

يقول الممثل الكويتي محمد المنصور إنّ الدراما التلفزيونية في الكويت تمثّل الذراع الحقيقي لما يمكن تسميته بالقوة الناعمة الكويتية.

وفي هذا الصدد، يقول: “الكويت، ومنذ مرحلة مبكرة من استقلالها عن الانتداب البريطاني، بدأت تشتغل على هذه القوة. إذ أنشئ فيها حراكٌ ثقافي وغني يشمل العديد من القطاعات.

ضمن هذا الحراك، استقطب التلفزيون والإذاعة في الكويت عدداً من مبدعي العالم العربي، للإسهام في بناء النهضة الكويتية.

وهذه هي الكينونة التي أسست لانطلاق الدراما التلفزيونية الكويتية”.

عرفت الكويت البث التلفزيوني بشكل رسمي مطلع الستينيات. وكان ذلك عندما تم إنشاء منظومة تلفزيونية رسمية عام 1961.

وبذلك، اعتُبرت الكويت أول دولة خليجية تؤسس محطة تلفزيونية رسمية، عندما بدأ البث يوم 15 نوفمبر عام 1961.

وبحسب الكاتب الكويتي يوسف البريك، فإنّ الكويت من الدول العربية التي كان تاريخياً لها دورٌ رائد في صناعة الدراما التلفزيونية، شأنها في ذلك شأن مصر وسوريا والعراق ولبنان. ويقول البريك إنّ الدراما الكويتية بدأت بوادرها بالظهور من أروقة المسرح الكويتي.

بعد ذلك، ومع التقدم التكنولوجي ودخول التلفزيون إلى الكويت، عرف المتفرجون الكويتيون الدراما التلفزيونية. وكان ذلك عبر التمثيليات والمسلسلات والسهرات التلفزيونية.

وقُدِّمت الدراما التلفزيونية من خلال الفنانين المسرحيين الكويتيين وبعض الفنانين العرب الآخرين.

الناقد والإعلامي الكويتي فهد الهندال يرى أنّ الدراما التلفزيونية في الكويت امتدادٌ للاهتمام بالمسرح.

وفي مقابلةٍ أجراها مع فنك، قال الهندال إن الاهتمام المسرحي كان حافزاً لحضور فن التمثيل اجتماعياً.

وبحسب الهندال، فإن نمو الدراما الكويتية تدرّج عبر الفرق التمثيلية للمدارس والهيئات الفنية، ثمّ كانت الدراما الإذاعية لتكون مع ما سبقها من تجارب، روافد للدراما التلفزيونية.

وفي السنوات الأولى من انطلاق التلفزيون الكويتي، لم يتواجد فيه قسمٌ خاص بالتمثيليات. وفي عام 1964، أنشأ القائمون على التلفزيون هذا القسم وكان على رأسهم الفنان سعد الفرج.

ويقول الهندال إنّ انطلاقة الدراما الكويتية انطلقت بصورة فعلية مع افتتاح تلفزيون الكويت في ستينيات القرن الماضي، خاصة بعد تأسيس معهد للتمثيل في الكويت.

ويضيف أنه تمت دعوة الفنان العربي زكي طليمات ليساهم في تخريج الدفعات الأولى من معهد الدراسات المسرحية، فنشط المسرح والدراما بفرعيها الإذاعي والتلفزيوني.

وقدّم محمد النشمي أول الأعمال التلفزيونية الكويتية التي عُرِضت على الهواء مباشرة على شاشة تلفزيون الكويت.

ما قدّمه النشمي كان فقرات ارتجالية تضمنت بعض النقد الاجتماعي، عبر تقديم فاصل تمثيلي من الحياة والتعليق عليه.

بعد ذلك، بدأت فرقة النمش المسرحية بتقديم حلقات بعنوان “ديوانية التلفزيون”. وفي كلّ حلقة، تناولت الفرقة إشكالية مجتمعية في قالبٍ كوميدي.

زخم الدراما التلفزيونية الكويتية تنامى بمرور الأيام. وألّف الفنان سعد الفرج برنامجاً تلفزيونياً اسمه “رسالة”.

وشارك ممثلون وممثلات من فرقتَي المسرح الشعبي والمسرح العربي في برنامجي “ركن الأسرة” و”ركن الأطفال”.

وقدّم هؤلاء في هذين البرنامجين مواقف درامية مخصصة للعائلات والأطفال. وانضمت فرقة “أبو جسوم” المسرحية إلى التلفزيون لتقديم مشاهد تلفزيونية في شهر رمضان.

ومع نهاية الستينيات، بلغ عدد الأعمال المعروضة على شاشة تلفزيون الكويت 65 عملاً، وفقاً لأرشيف التلفزيون الكويتي.

هذا الرقم الكبير نسبياً جاء على الرغم من قلّة الإمكانيات، إذ لم يتواجد حينذاك في التلفزيون الكويتي إلا إستديو واحد لتصوير وتنفيذ الدراما التلفزيونية.

ومن الأعمال التي تم تقديمها مذكرات بوعليوي عام 1964. وشهد عام 1967 إنتاج 8 تمثيليات قصيرة و10 سهرات تلفزيونية. وتضمنت إنتاجات ذلك العام “محكمة الفريج” و”مدينة النور” وغيرها.

وتشكّل مسألة الرقابة إشكاليّة كبيرة في صناعة الدراما في الكويت. كما تكتنفها عدة وجهات نظر مختلفة، بين الصنّاع والرقباء أنفسهم.

فمن جهة، يشدّد الرقباء على ضرورة الرقابة وحتى على رفع درجة سقفها. وعلى الطرف الآخر، يدعو القائمون على صناعة الدراما الكويتية إلى تخفيض سقف الرقابة.

وينادي البعض بإلغاء الرقابة لعدم فعاليتها، سيّما وأنها تضيّق الخناق على العمل الإبداعي وتعرقل صنعه.

وبحسب العديد من المقابلات التي أجريت مع فنانين ومنتجين كويتيين، فإنّ الرقابة لا تطال النص الدرامي قبل تنفيذه وحسب، بل أنها تصل إلى حد التعديل حتى بعد تصوير العمل الدرامي.

وقد يصل مستوى الرقابة إلى حد حذف مشاهد كاملة من المسلسل.

ويزداد ضغط الرقابة مع عدم وجود معايير واضحة أو تشريع ينظم العمل الرقابي. وعلى هذا الأساس، فإن الرقابة على الأعمال الدرامية ترتبط بحسب وصف بعض صناع المسلسلات “بمزاج لجنة إجازة النصوص”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.