انتقادات لصندوق النقد الدولي: الشروط التقشفية للقروض تُهدّد الحقوق

وجهت منظمة هيومن رايتس ووتش انتقادات لصندوق النقد الدولي على خلفية سياسة الشروط التقشفية للقروض التي تُهدّد الحقوق وفي ظل مشاكل مُركّبة من انعدام المساواة والجهود الناقصة لتخفيف الأثر.

وقالت المنظمة إن صندوق النقد الدولي مع أزمة الديون العالمية الوشيكة، يضع شروطا لقروضه تُهدّد بتقويض حقوق الناس الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. تُفاقم هذه الشروط المشاكل المرتبطة بانعدام المساواة.

وحلّل تقرير للمنظمة صدر في 131 صفحة بعنوان “كمن يغطي الشمس بالغربال: معايير صندوق النقد الدولي للإنفاق الاجتماعي في ظل كوفيد-19″، القروض الموافق عليها من مارس/آذار 2020، عند بداية تفشي فيروس “كورونا”، حتى مارس/آذار 2023، لـ 38 دولة، عدد سكانها 1.1 مليار نسمة.

ووجد التقرير أن معظمها مشروط بسياسات تقشف تقلّص الإنفاق الحكومي أو تزيد الضرائب التنازليّة بطرق تضر بالحقوق.

كما وجد أن مبادرات الصندوق، التي أُعلن عنها في بداية الجائحة، لتخفيف هذه الآثار، مثل الحد الأدنى للإنفاق الاجتماعي (أو “أرضيات” الإنفاق الاجتماعي)، تشوبها عيوب وغير فعالة في معالجة الأضرار الناجمة عن السياسات.

وعرض التقرير دراسة حالة للأردن، حيث أدخلت سلسلة من برامج الصندوق إصلاحات اقتصادية واسعة على مدار العقد الماضي، لكن تدابير التخفيف لم تكن كافية لمعالجة الضرر الذي لحق بالحقوق.

قالت سارة سعدون، باحثة أولى ومناصِرة في العدالة الاقتصاديّة وحقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش: “الاحتجاجات المتصاعدة في باكستان ضد الغلاء المرتبط بمطالب صندوق النقد الدولي، والتي أعقبت احتجاجات مماثلة في بلدان أخرى، يجب أن تُنبّه الصندوق قبل اجتماعاته السنوية المقبلة في أكتوبر/تشرين الأول”.

وتابعت “رغم وعوده في بداية الجائحة بالتعلم من أخطاء الماضي، يدفع صندوق النقد بسياسات لها سجل طويل في مفاقمة الفقر، وانعدام المساواة، وتقويض الحقوق”.

تُظهر الأبحاث الداخلية التي أجراها الصندوق نفسه أن هذه السياسات أيضا ليست فعّالة عموما في خفض الديون، وهو هدفها الرئيسي. لاحظ تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” الصادر عن الصندوق في أبريل/نيسان 2023 أن عمليات ضبط الأوضاع المالية العامة – وهو مصطلح يرتبط عادة ببرامج التقشف – “لا تخفض نسب الدين في المتوسط”.

على المؤسسات المالية الدولية والحكومات التزامات دولية حقوقية للاستجابة للأزمات الاقتصادية بطرق تحمي الحقوق وتُقدّمها على المدى القصير والطويل.

إن تدابير التقشف التي تُقلّل الإنفاق الحكومي على الخدمات العامّة الأساسية بشكل واسع أو تزيد بشكل كبير من الضرائب التنازليّة لها تاريخ مُوثّق جيدا في تقويض الحقوق.

تبنى “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” مبادئ توجيهية لضمان تدابير تعافٍ اقتصادي تُعزّز “مصلحة السكان جميعا لا نفر قليل منهم فحسب”.

وهي تحظر على الحكومات اتباع إجراءات التقشف إلا باستيفاء معايير صارمة، منها تجنّب، وعند الضرورة القصوى، الحد من أي أثر سلبي على الحقوق وتخفيف وقعه. وللقيام بذلك، تطلب المبادئ التوجيهية من الحكومات والمؤسسات المالية إجراء تقييمات الأثر على حقوق الإنسان ونشرها.

إلا أنه، ورغم أن 32 من أصل 39 برنامجا خضع للمراجعة تضمن تدبيرا واحدا على الأقل قد يُقوّض الحقوق، فقد سعى برنامج واحد فقط صراحةً إلى تقييم الأثر على الدخل الفعلي للناس:

يتضمّن 22 برنامجا تدابير لاحتواء فواتير الأجور العامة أو خفضها، بشكل عام من خلال تجميد التوظيف وتحديد سقف للرواتب أو خفضها، ما يضر بقدرة الحكومات على توفير خدمات عامّة جيّدة ومضمونة كحقوق.

وهذه التدابير مستمرة رغم توجيهات الصندوق، المعتمدة في 2007، والتي لا تُشجع على تحديد سقف الرواتب العامة إلا في ظروف استثنائية، حيث تكون “مبررة بطريقة شفافة”. قلة من البرامج تتضمن هكذا مبررات.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.