شهدت تركيا في 14 مايو 2023 يومًا انتخابيًّا ساخنًا أسفر عن فوز تحالف “العدالة والتنمية والحركة القومية والرفاة من جديد والاتحاد الكبير واليسار الديمقراطي والهدى الكردي” بالانتخابات البرلمانية بأغلبية 49.47% من أصوات الناخبين في الداخل والخارج.
أما الانتخابات الرئاسية فقد ذهبت إلى جولة إعادة بين الرئيس أردوغان الذي حصل على نسبة 49.5% مقارنة بمنافسه كمال كليتشدار أوغلو الذي حصل على 44.88% من إجمالي الأصوات.
وأبرز منتدى العاصمة للدراسات في دراسة تحليلية، فشل المعارضة التركية رغم التحالف الموسع الذي دشنته في إسقاط أردوغان وحزبه، وذلك بالرغم من ارتفاع نسبة التضخم ومشاعر التبرم من وجود اللاجئين، والتي بطبيعة الحال لها تأثير على قرار الناخب التركي.
واعتبرت الدراسة أن الخاسر الأكبر في جولة الانتخابات الأخيرة هي أحزاب المعارضة الكبرى مثل الشعب الجمهوري والحزب الجيد حيث انخفضت حصة كل منهما داخل البرلمان.
فبعد أن كان لحزب الشعب الجمهوري 146 عضوًا في برلمان 2018، إلا أنَّه عقب ترشيحه لأشخاص من 3 أحزاب على قوائمه قد حصل على 169 مقعدًا من بينهم 31 مقعدًا تقريبًا لتلك الأحزاب، وهو ما يعني أنَّ حصته الحزبية قد انخفضت بعشَرة مقاعد.
أما على مستوى الحزب الجيد فبالرغم من نشاطه المكثف وتطلع رئيسة الحزب ميرال اكشينار لمنصب رئيسة الوزراء، فإنَّ حصة الحزب من مقاعد البرلمان لم تتغير عن الانتخابات السابقة التي كان الحزب فيها لاعبًا جديدًا.
وهذا يعني أنَّ تحالف الأحزاب المعارضة الكبيرة مع الأحزاب الصغيرة لم يفد الأولى بل خصم كثيرًا من رصيدها على المستويين الشعبي والسياسي أيضًا.
لم يتوقع الحزب الحاكم بقيادة العدالة والتنمية أن يحصل على أغلبية البرلمان لتراجع شعبيته في الشارع نسبيًّا خلال الفترة السابقة بسبب الأزمات التي تمر بها البلاد.
ولكن إقدام أردوغان على الدفع بكوادر الحكومة والحزب كافة المقبولة في الشارع التركي على قوائم المرشحين في الولايات الكبرى مع نزول الأحزاب الحليفة في قوائم منفصلة عزَّز من حظوظ التحالف، وجعله يتقدم في الولايات الكبرى “إسطنبول وأنقرة وبورصة” كما أعطى فرصة لحزب “الرفاة من جديد” ورئيسه فاتح أربكان لدخول البرلمان للمرة الأولى.
صدم تصويت المحافظات المتضررة من الزلزال لصالح أردوغان تكتل المعارضة، حيث ذهبت معظم أصوات المتضررين للتحالف الحاكم بقيادة العدالة والتنمية بفارق كبير عن تحالف المعارضة “أيدمان 62.44% وغازي عنتاب 59.42% وملاطيا 86.96% وكهرمان مرعش 71.26%”.
وهذا الأمر يشير إلى تقدير أهالي تلك المناطق للمجهود الذي بذلته الحكومة عقب تلك الزلزال، وثقتهم في وعود أردوغان بتوفير مساكن لهم خلال عام.
وقد سلّم أردوغان فعلًا خلال الحملة الانتخابية بعض الوحدات للأهالي المتضررين على عكس ما توقعت المعارضة.
أسفرت الانتخابات التركية عن إبراز سنان أوغان المرشح الثالث في المشهد السياسي، فهو كان مجرد نائب في البرلمان التركي عام 2011 عن حزب الحركة القومية ثُمّ استقال في 2015 ليستدعيه أوميت أوزداغ رئيس حزب الظفر كمرشح لتحالف الأجداد الذي لم يتمكن من الحصول على أي مقعد في البرلمان الجديد.
ولكن سنان كان ملاذًا لكل الساخطين من ملف اللاجئين والرافضين للمرشحين البارزين “أردوغان وكليتشدار أوغلو” بعد انسحاب محرم أنجيه، فحصد نحو 2.8 مليون صوت.
وبهذا أصبح سنان شخصية سياسية مهمة في الساحة التركية، مما سيدفعه لتعزيز ذلك المكتسب والانخراط بشكل أكبر في الشأن العام خلال الفترة المقبلة.
بالرغم من ذهاب الانتخابات الرئاسية لجولة الإعادة، فإنَّ نتائج الجولة الأولى تؤكد أنَّ شعبية أردوغان لا تزال حاضرة.
كما أنَّها تؤكد أيضًا أنَّ اختيار المعارضة لكمال أوغلو كمرشح رئاسي لم يكن موفقًا، حيث لم يتجاوز نسبة 44.88% بما فيها حصوله على الكتلة الصلبة لحزب الشعب 25% وكتلة الحزب الجيد 10% وكتلة حزب الشعوب الديمقراطي 10%” وبهذا لم يستطع جذب الفئة الساخطة على الوضع الحالي.
وأنهى أردوغان تلك الجولة بفارق 2.5 مليون صوت الأمر الذي يصعب جولة الإعادة بشكل كبير على المعارضة، وبالأخص مع دخول أردوغان لتلك الجولة رفقة أغلبية برلمانية مريحة.
استطاع أردوغان استمالة جزء من الكتلة التصويتة للأكراد مقارنة بانتخابات 2018 حيث نقصت حصة حزب الشعوب الديمقراطي من 67 عضواً في الانتخابات السابقة إلى 61 عضواً في الانتخابات الأخيرة.
ويعود السبب في هذا إلى تحركات حزب الهدى الكردي المحافظ المتحالف مع أردوغان، والذي دخل رئيسه البرلمان عن محافظة إسطنبول. ومن المرجح أن يساعدَ أردوغان خلال الفترة القادمة في تخفيف حدة التوتر مع الأكراد في المناطق الحدودية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=62663