مركز دراسات: تنافس السعودية والإمارات أعاد علاقتهما عقودًا إلى الوراء

 

أبو ظبي – خليج 24| قال المركز الخليجي للتفكير إن دولة الإمارات العربية المتحدة تحاول تقديم نفسها كقوة إقليمية ومركز للتجارة العالمي على حساب المملكة العربية السعودية وقطر.

وأضاف المركز في تقرير له: “لذلك فهي تخوض سباقا معهما لتكون الوجهة الأكثر جاذبية للعالم وانتهجت عدة خطوات في ذلك”.

وأشار إلى أنه وفي المقابل يسعى ولي عهد السعودية محمد بن سلمان لتقديم الرياض كبديل لأبو ظبي ودبي.

تنافس السعودية والإمارات

ونبه المركز أن علاقتهما شهدت منعطفا حادا بجوانبها الاقتصادية خاصة، تزامنًا مع تحديات، إثر تباطؤ نمو الاستثمارات مع أزمة “كورونا”.

وبين أن الفترة الماضية شهدت قرارات أعادت العلاقات الاقتصادية عقودا إلى الوراء.

وذكر أنها بدأت بقيود سعودية على الشركات الأجنبية التي لا تملك مقرا لها على أراضي المملكة.

كما حذرت السعودية الشركات من أنه إذا لم يتم نقل مكاتبها الإقليمية إلى المملكة بحلول عام 2024، فستعلق عقودها مع ومؤسساتها.

صدام رسمي

وقال المركز إنه يُنظر إلى القرار على أنه دعوة مباشرة للشركات التي لديها مكاتب إقليمية في دبي، للانتقال إلى الرياض.

وأشار إلى أن الصناعات الدفاعية للشركات الأمريكية والأوروبية في الإمارات هي الأخرى مهددة.

وذكر أن الشركة العسكرية السعودية للصناعات الدفاعية تسعى لتقديم إغراءات للشركات الأجنبية بالانتقال إلى الرياض.

وتوقع المركز أن تستمر الرياض وأبو ظبي بالتعامل بحذر أكبر مع المسائل السياسية مع استبعاد تحول الأمر إلى تصعيد وصدام رسمي.

تعامل بحذر

ورجح أن يتم تخفيض وربما تجميد التنسيق بينهما، مع المزيد من التنافس الاقتصادي في مناطق عدة.

كما قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن الإمارات تنوي توسيع دائرة المنافسة بمجال استيراد البضائع من الخارج.

وأشارت إلى أن ذلك لجذب استثمارات أجنبية بإطار “صراع خفي” مع السعودية.

وأوضحت الصحيفة أن “أبو ظبي أبلغت عائلات الأعمال الرئيسية فيها بالسياسة التي بررتها بإطار جهودها لتعزيز المنافسة والانفتاح”.

وبينت أن الإمارات اقترحت تشريعات لوقف التجديد التلقائي لعقود العمل القائمة.

الاستثمارات الأجنبية

وأشارت إلى أن ذلك “يمنح الشركات الأجنبية المرونة لتوزيع سلعها الخاصة أو تغيير وكيلها المحلي خلال انتهاء العقد”.

يذكر أن شركات العائلات تمتلك 90% من القطاع الخاص بأبوظبي، ما يمثل ثلاثة أرباع جميع العمالة في الدولة.

ونبهت الصحيفة إلى أن السياسة الجديدة هي أحدث الجهود التي تبذلها السلطات الإماراتية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

وقالت إن ذلك يأتي من خلال التغييرات القانونية والاجتماعية، لمنافسة السعودية على “صدارة المنطقة” في الاستثمار.

وذكرت أن السعودية تسعى لمنافسة الإمارات كأكبر مركز تجاري ومالي في المنطقة.

ولم يكن ظهور الخلاف الشديد بين السعودية والإمارات في منظمة “أوبك بلس” حول كمية إنتاج النفط الخلاف الأولي بين البلدين.

وحاولت السعودية والإمارات خلال السنوات الماضية الادعاء بوجود تحالف استراتيجي بينهما على مختلف الصعد.

خلاف شديد

وكانت هذه الادعاءات بعيد تسلم الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله الأمير محمد بن سلمان الحكم في السعودية.

وعلى مدار سنوات حاول كل من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وولي عهد السعودية محمد بن سلمان الإظهار كأنهما أكثر من حاكمين صديقين.

وعملا على مدار سنوات بشكل موحد في قضايا وملفات خليجية وإقليمية، وتماهى موقف الرياض وأبو ظبي بشكل كبير حولها.

لكن سرعان ما بدأت العلاقات في التضارب على خلفية المصالح الخاصة وتباين الرؤى بين حكام البلدين الخليجين.

وخلال السنوات الأخيرة وجهت الدولتان ضربات قوية لبعضهما في عديد الملفات الخليجية والإقليمية لكن دون الظهور إلى العلن.

غير أن خلاف السعودية والإمارات في إطار منظمة “أوبك بلس” حول تقاسم حصص الإنتاج العالمي من النفط أظهر حجم الخلاف والصراع.

في حين يؤكد مراقبون ومختصون في الشأن الخليجي أن الخلاف الأخير ليس سوى “جبل جليد” الخلافات، فالخلاف أكبر من ذلك، وأبعد مدى.

وعلى صعيد حرب اليمن، فقد دخلت السعودية والإمارات الحرب عام 2015 بأهداف مشتركة معلنة وبغرفة عمليات موحدة.

غير أنه سرعان ما افترقتا في هذه الساحة فالبلدين يسعيان وراء أهداف مختلفة.

وتباينت قائمة ترتيب الأعداء والتهديدات في حرب اليمن، فالرياض تنظر إلى الحوثي ذراعا لإيران (غريمها التقليدي في المنطقة)؟

في حين كانت تنظر دولة الإمارات إلى إخوان اليمن ممثلا ب”التجمع اليمني للإصلاح”.

صراع بالوكالة

كما اختلفت السعودية والإمارات في تحديد مدى “خطر إيران” في ساحة اليمن.

فبينما تراه الرياض تهديدا وجوديا، غير أن الإمارات لا تراه كذلك.

بل إن أبو ظبي ورغم إعلانها العداء لإيران، إلا أنها واصلت علاقاتها وشراكتها الاقتصادية مع طهران بشكل ضخم.

وظهر جليا حجم الخلاف، بامتناع الحوثيين عن استهداف الأراضي الإماراتية بهجمات مسلحة.

فيما يواصلون بشكل شبه يومي مهاجمة الأراضي السعودية، وشن هجمات قوية ضد الرياض.

وعلى إثر ذلك، اندلعت “حرب الوكالة” بين السعودية والإمارات في منطقة جنوب اليمن.

وتسعى الرياض إلى تثبيت أركان الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والقوات الموالية لها.

في حين تسابق الإمارات الزمن من أجل سيطرة مليشيا المجلس الانتقالي الجنوب الذي تدعمه للسيطرة على جنوب اليمن.

كما اندلعت خلال السنوات الأخيرة حرب الموانئ، بسباق الطرفين للصراع على الموانئ والجزر الاستراتيجية في اليمن.

وكانت القشرة التي قسمت ظهر البعير في حرب اليمن، إعلان أبو ظبي بشكل مفاجئ انتهاء حربها في اليمن.

لكن ضغوط سعودية مكثفة حينها دفعت أبو ظبي للتراجع عن هذا التصريح، ما خلق أزمة كبيرة بين كل من ابن سلمان وابن زايد.

ولم تقتصر علاقة السعودية والإمارات على العمل في الملف اليمني ثم الافتراق.

بل عملا معا على مواجهة ثورات الربيع العربي، وتوحدتا في دعم “الثورات المضادة”.

لكن الإمارات كانت أكثر بروزا وتحريضا ضد الربيع العربي، فيما عملت الرياض بتوجيهات ابن سلمان بالخفاء.

أيضا عملتا معا ضد دولة قطر، وفرضتا مع دول أخرى حصارا على الدوحة وخططتا لعمل عسكري ضدها.

غير أن المصالحة مع قطر في يناير 2021 كان بمثابة أحد أبرز أسباب الخلاف بين الرياض وأبو ظبي.

فحاول محمد بن زايد وضع العصي في دواليب الجهود الكويتية والأمريكية للمصالحة الخليجية.

دواليب المصالحة

لكن التطورات الغير متوقعة في الولايات المتحدة وخسارة دونالد ترمب دفعت السعودية إلى المسارعة في مصالحة قطر.

وعلى صعيد العدو اللدود للسعودية (إيران)، لطالما عبرت الرياض عن غضبها الشديد من علاقة الإمارات المشبوهة معها.

وسرعت التقارير والمعلومات والأرقام التي كشفتها الصحف ووكالات الأنباء العالمية حول علاقة البلدين في زيادة التوتر بين الرياض وأبو ظبي.

فلطالما عولت الرياض كثيرا على العقوبات والحصار الاقتصادي المشدد الذي فرضه دونالد ترامب على إيران بهدف إخضاعها.

لكن ما كشف من علاقات اقتصادية بين الإمارات وإيران ومساعدتها لطهران في تهريب النفط أغاظ الرياض كثيرا.

وعلى الصعيد الاقتصادي، برز التنافس الحاد بين البلدين الخليجيين، مع تزايد طموحات ولي العهد السعودي.

وسرعان ما اعتبرت أبو ظبي طموحات ابن سلمان تهديدات استراتيجيا لها ومحاولة الاستئثار بما تستأثر بها الإمارات حاليا.

وهذا ما دفع الإمارات إلى تسعير حربها الاقتصادية بشكل خفي ضد السعودية ومحاولة إفشال خطط ابن سلمان.

 

للمزيد| هل أعادت “أوبك+” صراع السعودية والإمارات إلى ما قبل 2015؟

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.