هذه دلالات انضمام إسرائيل إلى القيادة الأمريكية المركزية

 

القدس المحتلة – خليج 24| استعرض الخبير في الدراسات المستقبلية والعلاقات الدولية وليد عبد الحي دلالات انضمام إسرائيل إلى القيادة الأمريكية المركزية.

وقال في مقالة إن إلحاق إسرائيل بالقيادة المركزية سيحقق لها مكاسب استراتيجية.

وينشر موقع “خليج 24” نص مقالة دلالات انضمام إسرائيل إلى القيادة الأمريكية المركزية.

بعد أن تولى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب وتحديدًا في مايو 2017 السلطة الرئاسية للولايات المتحدة، بدأ الترويج لانشاء ما اصطلح على تسميته ” الناتو العربي”.

وهي فكرة تعود جذورها إلى عام 2003.

عندما دعا المندوب الأمريكي نيكولاس بيرنز في مؤتمر الناتو في براغ الى ” أن على الناتو ان يوسع دائرة نشاطه جنوبا وشرقا ليشمل الشرق الأوسط الكبير”.

كما ان الفكرة ليست منبتة الصلة بمشاريع الرئيس الأمريكي جيمي كارتر عام 1980 بأعقاب الثورة الإيرانية.

وتجسدت عام 1983 بتحويل قوة المهام المشتركة الامريكية إلى قوات الانتشار السريع.

بخاصة مع استمرار مواجهة لتداعيات الثورة الإيرانية والتدخل السوفييتي في أفغانستان .

ثمة 11 قيادة عسكرية أمريكية إقليمية، احدها هي القيادة المركزية التي مقر قيادتها الرئيسي في فلوريدا.

وهي الموكل لها العمل في ثلاث مناطق.

هي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب آسيا ومقر قيادتها الإقليمية هي قاعدة العديد في قطر(إلى جانب القيادة الوسطى البحرية الامريكية  التي مركزها في البحرين).

وأهمية هذه القيادة هي بالتحكم بالتطورات الناتجة عن الثورة الإيرانية والتمدد السوفييتي إلى افغانستان منذ البداية.

ثم الحرب العراقية الإيرانية والهجوم العراقي على الكويت وما تلاه  مضافا لذلك كله تمدد التنظيمات الإسلامية المسلحة الى القرن الافريقي .

وفي عام 2013 تم انشاء قواعد مؤقتة تابعة للقيادة المركزية ( منها واحدة في الأردن) يعتقد ان سببها هو تطورات الوضع في سوريا.

وشملت هذه القواعد الكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وباكستان وآسيا الوسطى والمملكة العربية السعودية.

وكان وزير الدفاع الأمريكي الجديد لويد أوستن هو الذي تولى هذه القيادة من 2013 الى 2020.

أما الدولة الوحيدة حتى عام 2020 التي كانت خارج نطاق المركزية هي إسرائيل.

بينما عدد الدول التي تشملها عمليات هذه القيادة هي 20 دولة.

وقد اعتبرت ايران القيادة المركزية تنظيما ارهابيا ردا على اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة ارهابية.

ونظرا لصعوبة تحقيق القيادة المركزية دمج إسرائيل في منظومتها الدفاعية في ظل عدم وجود علاقات عربية إسرائيلية مع اغلب الدول العربية.

بقي التنسيق متعذرا نظرا لرفض الدول العربية كما يقول تشوارتزكوف بكتابه إقامة هذا التنسيق.

أما إسرائيل فقد كانت تابعة للقيادة الأوروبية والتي تعد ذراعا للناتو، ولكن تركيز هذه القيادة كان منصبا على ضبط النشاط الروسي في اوروبا.

وفي عام 2018 و2019 ظار بعض قادة القوة المركزية إسرائيل للمرة الأولى (مثل جوزيف فوتيل وغيره).

ثم جاء التطبيع العربي من الخليج والسودان والمغرب إضافة للتطبيع السابق مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية.

مع ملاحظة ان السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة كانت ملحقة بإسرائيل في التبعية للقيادة الأوروبية.

وهو ما جعل الإسرائيليين يفكرون في ان المجال اصبح مفتوحا للاندماج في القيادة المركزية الخاصة بالشرق الأوسط .

ويعتقد الخبراء الإسرائيليون ان الحاق إسرائيل بالقيادة المركزية يحقق لإسرائيل مكاسب استراتيجية تتمثل في الجوانب التالية:

1- تحرير إسرائيل من قيود الحركة والمناورة العسكرية  باتجاه المنطقة الأكثر أهمية لإسرائيل من الناحية الأمنية والاستراتيجية.

2-  جعل التنسيق الأمريكي الإسرائيلي اكثر يسرا من حيث لجم التهديدات وادماج القوات الإسرائيلية مع العربية والأمريكية بخاصة كمخزون استراتيجي ولوجستي وكمنطقة عمليات.

3- ان دمج إسرائيل في القيادة المركزية وإبعادها عن القيادة الأوروبية  يخفف الأعباء عن الفرع الأوروبي للقيادة كما حدث عام 2007 عند انشاء القيادة الافريقية التي كانت تابعة للقيادة الأوروبية.

4- يرى رئيس المعهد اليهودي للامن القومي )Michael Makovskyوهو الأكثر قربا من نتنياهو ) ان انتقال إسرائيل للقيادة المركزية يمثل  تطورا طالما طالب به.

ويرى في ذلك تحولا استراتيجيا لمواجهة ايران بالتعاون مع دول الجوار الايراني من العرب الذي طبعوا مع إسرائيل.

علما ان امر نقل اسرائيل الى القيادة المركزية هو امر سابق  في طرحه على موضوع التطبيع.

ويتعزز هذا الدور للجم ايران.

يأني ذلك من خلال تطور العلاقة الإسرائيلية مع اغلب الجمهوريات السوفييتية السابقة في اسيا الوسطى والقوقاز بخاصة أذربيجان التي كان اخر تعاون لها مع الناتو عام 2017.

ويتم عبر مكتب التعاون العسكري الدولي الناتو حول تنفيذ وثائق “عملية التخطيط والتحليل” و “خطة عمل الشراكة الفردية” المتعلقة بوزارة الدفاع بجمهورية أذربيجان.

5- سيجعل الانتقال الإسرائيلي  من مهمة التعاون العراقي الإيراني اكثر تعقيدا

لاسيما مع وجود حوالي 2500 جندي امريكي في العراق يتبعون هذه القيادة التي أصبحت إسرائيل من ضمنها.

6- وصول المعلومات الى إسرائيل عن طريق المؤسسات العسكرية الخليجية بشكل أوثق وادق وأوسع نطاقا.

الى جانب نقل  ما يعرفه الخليجيون عن الدول العربية الأخرى.

إن نقل إسرائيل إلى منطقة عمليات المركزية الأمريكية من شأنه أن يعزز التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل والعرب.

وسيختص ذلك في مجالات العمليات العسكرية والتخطيط الاستراتيجي والإنذار المبكر وحماية البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك ضد التهديدات النووية والتقليدية وكل ما يعتبرونه “إرهابا”.

كما أنه سيمكن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من توسيع إنجازاتهما التشغيلية والتقنية في مجال الدفاع الصاروخي لتشمل بقية الشرق الأوسط.

وهو اعتبار أساسي وسط انتشار الصواريخ على مستوى المنطقة من قبل إيران وسوريا  وحزب الله والمقاومة الفلسطينية في غزة ولدى انصار الله في اليمن ولدى الحشد الشعبي في العراق.

7-  لما كانت القيادة المركزية تعمل مع القيادات الإقليمية للجيش الأمريكي، فان ذلك سيمكن البنتاغون من التعاون والتنسيق مع الشركاء الإقليميين.

ويتم ذلك بشأن الاستراتيجية والتدريب والعقيدة واللوجستيات والاستخبارات والتكنولوجيا والمشتريات والعمليات، وهي أمور تعزز المكاسب الإسرائيلية.

8-  معلوم أن القيادة الأوروبية تعمل تحت مظلة الناتو وهو ما يجعل القرار الأمريكي موازيا للقرار الأوروبي، وهو أمر ترى إسرائيل أن مكاسبه متواضعة لها.

لكن الانتقال للقيادة المركزية يجعل القرار الأمريكي هو الأعلى، ومعلوم ان المواقف الأوروبية من السياسات الإسرائيلية اقل تناغما مع هذه السياسات من التناغم الأمريكي مع إسرائيل.

وهو ما يعني التحرر الإسرائيلي من الاشتراطات الأوروبية بين الحين والآخر.

لاسيما أن الرأي العام الأوروبي يصنف إسرائيل في المرتبة الرابعة بين أسوأ 17 دولة  في العالم (وهو ما نشرته مجلة الإيكونيميست وغيرها  منذ عام 2014 وحتى الآن).

9- تحرير إسرائيل من الضوابط الأوروبية مستقبلا خلال الهجمات على لبنان وغزة، وهو ما ظهر في عام 2012 و 2014 و 2018 عندما كانت مرتبطة بالقيادة الأوروبية.

10- إن الهجمات المحتملة من إسرائيل على غزة (الهجمات الواسعة) قد تضع بقية دول القيادة المركزية العربية في دائرة الاتهام.

وسيكون ذلك من قبل الفلسطينيين وبقية الدول العربية غير المطبعة.

وهو ما يزيد التشقق في الجدران العربية بقدر يسمح لإسرائيل بالتسلل من هذه الشقوق في الجسد السياسي العربي والعمل على توسيعها.

11- من المؤكد ان انخراط إسرائيل في القيادة المركزية مع الدول العربية سيجعل نفقات المواجهة مع الخصوم من الزاوية الاقتصادية والخسارة البشرية أقل كثيرًا.

نظرًا لتوزيع الأعباء على العرب والامريكيين والإسرائيليين بدلا من ان يلقى العبء على الكتف الإسرائيلي فقط.

اخيرا: إن التطور في هذا الموضوع بدءا من مشروع كارتر عام 1980 إلى الآن يكشف عن الطرف غير العربي يبني سياساته على أسس المدى الزمني البعيد.

كما يؤكد على عدم التخلي عن المشروعات الكبرى ببساطة.

بينما الطرف العربي ينتهج سياسة قائمة على مبدا لحركة الهيبز في ستينات وسبعينات  القرن الماضي يقول: “عش ليومك ودع الغد للقدر”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.