شهد سوق الغاز في منطقة الشرق الأوسط تحولًا ملحوظًا خلال العامين الأخيرين، إذ صعدت مصر إلى صدارة مستوردي الغاز الطبيعي المسال في الإقليم، متقدمة على مشتري تقليدي طويل الأمد هو الكويت.
وتأتي هذه القفزة في واردات القاهرة نتيجة مزيج من تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع الطلب المتزايد، ما دفع البلاد إلى التحول من مصدر إلى مستورد صافي لتجنب اختلالات الإمداد.
ووفقًا لبيانات تتبع الشحنات، استقبلت مصر حتى الآن نحو 6.46 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال هذا العام، بعد أن كانت وارداتها شبه معدومة قبل عامين. وفي المقابل، بلغت واردات الكويت نحو 6.44 مليون طن خلال العام نفسه، ما يعكس تقاربًا بينهما لكن بتقدّم مصري طفيف.
خلفية التحوّل تكمن في واقعين متلازمين
أولهما انخفاض إنتاج الغاز المحلي بمعدلات مزدوجة الرقم خلال الفترة الأخيرة، وثانيهما نمو الطلب المحلي في مصر الذي تأثر بتعافي النشاط الاقتصادي والطلب الصناعي وارتفاع استهلاك الطاقة.
ودفع هذا التوازن السلبي السلطات المصرية إلى استيراد شحنات LNG لتلبية الحاجة الطارئة والحفاظ على استقرار الإمدادات، خصوصًا لمواجهة مواسم الذروة.
ومن جهة أخرى، تسعى القاهرة الآن إلى قلب المعادلة على المدى المتوسط. تُخطط الحكومة خلال الأشهر المقبلة لزيادة صادرات الغاز تدريجيًا عبر حث شركات الطاقة الأجنبية على ضخ استثمارات جديدة في حقل الغاز المصري، مع منحها تسهيلات لبيع جزء من إنتاجها في الأسواق الخارجية.
وقد بدأت علامات التعافي تظهر فعليًا، مع تسجيل ميناء إدكو خروج شحنات تصديرية خلال الشهرين الأخيرين، في مؤشرات مبكرة على قدرة مصر على التحوّل مجددًا إلى مصدر بعض الفوائض.
أما الكويت، فإذا كانت قد تراجعت هذا العام إلى المركز الثاني مؤقتًا، فهي في طريقها لتعزيز مكانتها كواحد من كبار مستخدمي الغاز المسال في المنطقة.
وقد استثمرت الحكومة الكويتية أخيرًا في إنشاء منشأة استقبال برية دائمة للغاز المسال بطاقة استيعابية تصل إلى 24 مليون طن سنويًا، بتكلفة تقدر بنحو 2.9 مليار دولار، ما يعكس استعداد الكويت لتعظيم خيارات استيراد الغاز وتلبية نمو الطلب المحلي.
وتسلط التحولات الحالية في المنطقة الضوء على ديناميكية سوق الغاز المسال العالمية: قدرة البلدان المصدرة سابقًا على التحوّل إلى مستوردين مؤقتين اعتمادًا على تقلبات الإنتاج، وإمكانية العودة إلى التصدير بناءً على استثمارات جديدة وتدفق مليارات الدولارات في قطاع الاستكشاف والتطوير.
كما تؤكد حالة مصر أهمية الاحتفاظ بمرونة سياسات الطاقة والميزان التجاري للطاقة، خصوصًا في دول تعتمد بشكل متزايد على الغاز لتوليد الكهرباء والصناعة.
وبين آفاق زيادة الإنتاج في مصر واستكمال بنية استقبال الغاز في الكويت، ستبقى منطقة الشرق الأوسط محورًا محوريًا في سوق الغاز الطبيعي المسال، لكنها تواجه في الوقت نفسه تحديات تتعلق بالأمن الطاقي والتخطيط الاستراتيجي لمواجهة تقلبات العرض والطلب.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72969