أبو ظبي- خليج 24| كشفت وثيقة سرية صادرة عن جهات رسمية في دولة الإمارات العربية المتحدة عن مساعي أبو ظبي لإذكاء “الخلاف” بين المملكة العربية السعودية ومصر حول مخزونات الغاز في البحر الأحمر.
وقدمت الوثيقة وهي عبارة عن دراسة للحاكم الفعلي للإمارات ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد لأجل استغلال “الخلاف” لتحقق أبو ظبي مصالحها.
وكانت معنونة “كيف تنظر السعودية لفرصها في استثمارات الطاقة في البحث الأحمر؟”.
وأشارت إلى خلاف كامن بين مصر والسعودية حول التعامل مع مخزونات البحر الأحمر على رغم ترسيم الحدود البحرية بينهما.
وتناولت الوثيقة السرية الثروة الكبيرة من الغاز في البحر الأحمر، مشيرة إلى وجود ل”خلاف” كامن بين السعودية ومصر حول التعامل مع مخزوناته.
وذكرت أن الخلاف ما زال موجودا رغم ترسيم الحدود البحرية بينهما.
في حين تحدّثت عن تقديرات استخباراتية مفادها أنه إذا أدى مضي السعودية قدما بمشروع استخراج الغاز من البحر الأحمر فسيؤدي لزيادة المعروض الغازي.
وتنبه إلى أن هذا سيؤثر على الاتفاقيات بين الدول المنتجة والمصدرة للغاز.
وتقول “قد ينجم عن ذلك تبني هذه الدول سياسات تهدف لإسقاط نظام الحكم في السعودية”.
كما وضعت الدراسة السرية إشكالية أمام استفادة السعودية من غاز البحر الأحمر.
وأوضحت أنه “يمكن أن يتسبب ذلك بوضع المخزونات السعودية – المصرية – الأردنية بمواجهة مخزونات إيران وحلفائها بالعراق وسوريا ولبنان”.
ورأت أن هذا يعني إمكانية إعادة إحياء المشروع الإيراني لمد أنابيب غاز إلى السوق الأوروبية عبر البحر المتوط.
وتضمنت الدراسة جملة توصيات لأجل تمريرها إلى السعودية حول وجود فرصة لإنشاء مدينة خاصة بأعمال أبحاث وتطوير لصناعات الطاقة في مدينة نيوم.
وذلك مع إمكانية إبرام شراكات في المستقبل مع شركات وجامعات إسرائيلية.
أيضا استبطنت التوصيات تحريضًا للسعودية على مصر على أن تلعب الإمارات دور الموازِن بينهما.
ورصدت الإمارات في بداية عام 2019 اهتماما لوزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية بتقدير مخزونات حقول الغاز على سواحل البحر الأحمر.
جاء ذلك عقب إعلان وكالة الدراسات الجيولوجية الأميركية 2009 وجود مخزونات من الطاقة في حوض البحر الأحمر.
في حين تساءلت دراسة أعدّتها جهة بحثية تابعة للخارجية الإماراتية عن المشتري المفضّل.
واستعرضت الدراسة المشتري المفضل الذي يُفترض أن يحدّده صانع القرار السعودي لما قد ينتجه.
وكان التساؤل “هل هي السوق الداخلية، أو السوق الآسيوية، أو أسواق الأردن أو مصر أو إسرائيل، أو السوق الأفريقية.
ووضعت هذه السيناريوهات “لكي يُبنى على ذلك مسار خطط تنمية البنية التحتية لمناطق غرب السعودية”.
ووفق الدراسة فإنه “سياسياً، لا تغيب شبهة اعتزام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تبنّي سياسة الأمر الواقع مع السعودية”.
وتوقعت أن يمضي السيسي قدماً في مشاريع الغاز إثر الانتهاء من ترسيم الحدود البحرية، وقبل إقرار الاتفاقية المؤسسة لكيان البحر الأحمر.
وذكرت أن تصريحات الطرفين (المصري والسعودية) تتزامن مع عدم خروج اجتماع مسؤولي الدول المشاطئة لحوض البحر الأحمر في القاهرة بنتائج معلنة.
أو موعد لقاء جديد في ظلّ شبه اعتراض مصري على الرؤية السعودية لمشروع الكيان الإقليمي.
ولفتت الدراسة إلى سعي القاهرة لتوظيف الكيان كورقة ضغط على إثيوبيا (الدولة غير العضو) لدعم نفوذها في شرق أفريقيا.
وجاء فيها “من شأن شروع الجانب المصري في أعمال إنتاج موسعة، قبل إقرار الكيان المؤسسي لدول البحر الأحمر، أن ينتج حالة من التنافس على الطاقة في حوض البحر الأحمر مماثلة لحالة شرق المتوسط”.
وأضافت “قد يشجع سلوك القاهرة كلاً من الخرطوم (بدعم صيني، على رغم عدم استقرار الأوضاع في السودان حتى الآن)”.
إضافة إلى جيبوتي (بدعم صيني وفرنسي) وشمال الصومال (بدعم إماراتي) وأسمرا (بدعم إثيوبي وإماراتي وإسرائيلي).
وذلك على تطوير إنتاجها، وتحويل الحوض إلى منطقة صراع تستنزف موارد ونفوذ السعودية في حال لم تستعد له منذ الآن.
وخلص،
وخلصت الدراسة إلى دفع شركة (أرامكو) السعودية وبِنِيّة التعطيل والعرقلة للقيام بأعمال الحفر في المناطق التي أعلنت عنها الحكومة المصرية.
كما أوصت بالضغط على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإنهاء دور القضاء بملفّ ترسيم الحدود البحرية.
وأيضاً إبقاء التواصل الإماراتي مع مصر بأعلى درجاته.
ونبهت إلى أن توازن القوى في البحر الأحمر بين السعودية ومصر مصلحة لدولة الإمارات.
وحذرت الدراسة مما وصفته ب”عسكرة مجال الطاقة وبروز لاعبين غير تقليديين من خارج الإقليم”.
ونقلت تقديرات سعودية قولها إن اقتصادات الطاقة وخدماتها في البحر الأحمر «قد تشتمل على لاعبين جدد من خارج الإقليم.
وبينت أن المنطقة تضم قواعد عسكرية لدول غير مطلّة على البحر الأحمر (تركيا والإمارات).
إلى جانب الوجود الإيراني غير التقليدي على السواحل اليمنية، وقواعد قوى دولية صاعدة (الصين) وقد تلحقها (ماليزيا) مستقبلاً.
هذا بجانب الوجود التقليدي للدول الغربية (أميركا وفرنسا)، واستمرار الاستحواذ الإماراتي على مرافق موانئ مطلة على البحر الأحمر.
وبينت أن هذا قد يجعل المملكة خارج المنافسة، ما لم تتبنّ سياسة التمدد العسكري بالإقليم وسياسة الاستثمار الموسع بالبنى التحتية لبلدان الساحل.
الأكثر أهمية-بحسب الدراسة- أن أية مخاطرة بالمضي قدماً في استخراج غاز البحر الأحمر بغرض التصدير قد تمثّل عواقب سياسية غير مأمونة النتائج على المملكة.
وأوضحت أن هذا سيكون في حال تأثّرت الاتفاقيات القائمة بين الدول المنتجة والمستوردة للغاز بدخول معروض سعودي جديد للخارج.
وأيضا في ظل عدم وجود سعر عالمي موحد للغاز، إضافة إلى أن اقتصادات عواصم مؤثرة وتكتلات شركات عالمية كبرى بتلك الزيادة.
ووفق تقديرات استخبارية متشائمة، فقد تتّجه هذه القوى لدعم وتبني سياسة لزعزعة وإسقاط نظام الحكم في المملكة.
وذلك مثلما حدث مع الرئيس المصري المخلوع (محمد مرسي) عند مناقشته ترسيم الحدود المصرية مع قبرص التركية.
وأوضحت أن هذا هدّد وقتها المصالح الإسرائيلية واليونانية، ومشاريع شركات “بي بي” و”شل” و(موبيل) بشكل مباشر.
وخلصت “هناك حالة من شبه التشبّع لأسواق الغاز والطاقة في مصر والأردن وإسرائيل”.
وذكرت أن هذه قد تسدّ احتياجاتها من غاز المتوسط في الوقت الحالي، وعلى امتداد العشر سنوات المقبلة.
وبالتالي-بحسب الدراسة- فإن الدخول لتقديم عرض مغر لأي من تلك الدول، قد يثير توتراً في ترتيبات تم الاتفاق عليها”.
كما قدمت الدراسة توصيات مثيرة للاهتمام في التعامل مع ملف الطاقة في البحر الأحمر إلى صانع القرار السعودي.
ولفتت إلى علاقة محتملة يمكن نسجها بين السعودية وإسرائيل في مجال النفط.
وبحسب ما ورد بالدراسة الإماراتية “تقع منطقة (نيوم) في موقع استراتيجي يطل على المناطق الشمالية لحقول الطاقة على البحر الأحمر”.
وذكرت أن هذه قد تربط المدينة إنتاج الغاز السعودي بشبكة المستهلكين في الأردن ومصر وإسرائيل في المستقبل عبر البحر.
وذلك إذا ما أراد صانع القرار اقتسام حقوله في منطقة البحر الأحمر بين حقول شمالية وحقول جنوبية مرتبطة بالسوق الآسيوية.
إضافة إلى السوق الأفريقية في المستقبل، أو السوق الداخلية. وتظهر فرصة لإنشاء مدينة خاصة بأعمال الأبحاث والتطوير.
بهدف صناعات الطاقة في (نيوم) لتتولى توطين وتطوير تكنولوجيات التنقيب والحفر والتخزين والنقل.
وشملت التوصيات تحريضاً للسعودية على مصر وصولاً إلى اقتراح ممارسة الضغط على الأخيرة سياسياً واقتصاديا.
بموازاة استمرار قيادة الإمارات في لعب دور المُوازن بينهما.
لذلك جاء في التوصيات:
أولا: يمكن لصانع القرار السعودي أن يعرض على القاهرة تولي شركة أرامكو أعمال حفر واستخراج الغاز.
وذلك في المناطق التي أعلنت عنها الحكومة المصرية في البحر الأحمر.
مقابل تمرير الصيغة السعودية لمشروع كيان البلدان المشاطئة لحوض البحر الأحمر (المتعثر سياسياً).
كما يمكن لأرامكو أن تعطل المحادثات لاحقاً أو تطيل أمدها، بدعوى دراسات الجدوى ونواقص البنية التحتية.
أو أن تتحكم في عملية الإنتاج ضمن إطار تفاهمات إنتاج مستقبلي مشترك تبرمها مع (شل، وبي بي، وإكسون موبيل).
وهذه الشركات منغمسة في أنشطة الاستخراج بشرق المتوسط، بشكل يمنع تضرر تلك الشركات، ويديم العلاقة الاستراتيجية لها معهم.
ثانية: توصية صانع القرار السعودي بالضغط على الرئيس السيسي بكل ما هو متاح من أدوات سياسية أو اقتصادية سعودية.
لإنهاء دور الجهات القضائية في ملف اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، والذي ما زالت تنظره بعض المحاكم الفرعية.
وقد تستخدمه جهات قضائية ضد الرئيس السيسي، في حال أي أزمة داخلية.
أو قد تلوح به أي حكومة مقبلة في مصر تأتي بعد الرئيس السيسي.
لذا فإن أي تطور سياسي في القاهرة بخصوص النظام الحالي سيعيد التفكير في عدم استيراد الغاز أو تصديره.
أيضا توجيهه للاستخدام المحلي، وقد تجد القاهرة في العوار الدستوري لاتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة الفرصة لمناقشة ذلك الأمر.
كما أوصت الدراسة بإظهار حرص السعودية على سدّ احتياجات الأردن لضمان عدم توجهه لاستيراد الغاز العراقي أو الإيراني.
لذلك يمكن الإقدام في أولى خطوات تحقيق ذلك من خلال توجيه الاهتمام السعودي نحو ميناء العقبة ومحطة الغاز به.
وحول الاستفادة المتوقعة لدولة الإمارات من توزيع هذه الأدوار، وفي قلبها دور السعودية.
فتلخّصه توصيات رديفة موجّهة إلى صانع القرار الإماراتي، وتنصّ تقول إنه “من مصلحة الإمارات إبقاء حالة توازن قوى بمنطقة البحر الأحمر”.
بحيث تحفظ لدولة الإمارات مصالحها العليا من دون تغوّل أيّ قوّة قد تترك تأثيراً سلبياً على محفظة المصالح الاستراتيجية الإماراتية المتنوعة بالإقليم.
وبناء عليه، دعت إلى إبقاء التواصل الإماراتي مع الجانب المصري في أعلى درجاته فيما يتعلق بملف الطاقة في البحر الأحمر.
في سبيل تقوية موقف الإمارات في ملف استراتيجي في المنطقة، خصوصاً وأنها لا تطل على البحر الأحمر.
وفي سبيل تعزيز حالة التوازن بين اللاعبين الأساسيين في هذا الملف.
وأيضا التواصل الإماراتي مع الجانب الأردني بخصوص الاستثمارات في مدينة العقبة.
وذلك بهدف ودراسة التوجه نحو الشراكة مع الأردن في تقدير احتياجاته من الطاقة، وتحسين “أوراق” الإمارات في هذا الملف.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=29502
التعليقات مغلقة.