تساؤلات حول احتمال ملاحقة مسئولين أمريكيين من الجنائية الدولية على غرار إسرائيل

أثيرت تساؤلات مؤخرا حول احتمال ملاحقة مسئولين أمريكيين من الجنائية الدولية على غرار إسرائيل بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية (ICC) في نهاية الأسبوع الماضي مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بالإضافة إلى قائد حركة حماس محمد ضيف، مما أثار ردود فعل قوية على الساحة الدولية.

وتأتي هذه المذكرات في سياق الصراع المستمر في غزة، والذي أسفر عن استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، حيث يعتبر هذا القرار سابقة قانونية قد تؤثر بشكل كبير على القانون الدولي.

وتتعلق مذكرات الاعتقال الصادرة ضد القادة الإسرائيليين بدورهم في الحرب على غزة، بينما صدرت مذكرة الاعتقال ضد محمد ضيف بسبب الهجمات التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 1200 شخص وخطف أكثر من 200 آخرين.

ويشير الخبراء القانونيون إلى أن هناك مسارًا قانونيًا قد يسمح للمحكمة الجنائية الدولية بملاحقة مسؤولين أمريكيين بتهم تتعلق بدعم الجرائم المرتكبة في غزة، بينما تعتبر الولايات المتحدة وإسرائيل غير طرفين في نظام روما، فإن فلسطين، التي وقعت على هذا النظام، تعطي المحكمة الجنائية الدولية الاختصاص لملاحقة أي شخص متورط في الجرائم المرتكبة على الأراضي الفلسطينية.

وتوضح المحامية سيلستي كميوتك من مشروع التقاضي الاستراتيجي في المجلس الأطلسي، أن “فلسطين كدولة طرف في نظام روما، يمكن أن تصدر المحكمة مذكرات اعتقال ضد أي شخص مسؤول عن جرائم في الأراضي الفلسطينية، بغض النظر عن جنسيته”.

وعلى الرغم من أن احتمالية توجيه اتهامات لمسوؤلين أمريكيين تبدو بعيدة، إلا أن هناك آليات قانونية في نظام روما قد تسمح بذلك، ووفقًا للمادة 25 من نظام روما، يمكن محاسبة الأفراد الذين ساعدوا أو دعموا ارتكاب الجرائم، بما في ذلك توفير الأسلحة.

ومع ذلك، يواجه إثبات نية المسؤولين الأمريكيين لدعم جرائم الحرب تحديات كبيرة، حيث يجب إثبات أن المساعدات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة كانت تهدف بشكل واضح إلى تسهيل ارتكاب هذه الجرائم.

ويشير المحللون إلى أن إثبات نية المسؤولين الأمريكيين لدعم جرائم الحرب سيكون أمرًا صعبًا، فقد يجادل المسؤولون الأمريكيون بأنهم لا يهدفون إلى مساعدة إسرائيل في ارتكاب الجرائم من خلال إرسال الأسلحة، حتى لو كان المسؤولون الأمريكيون على علم بأن إسرائيل قد ترتكب جرائم، فإن هذا وحده قد لا يكون كافيًا لتثبيت النية المطلوبة.

وتتطرق كميوتك أيضًا إلى إمكانية توجيه اتهامات تحت المادة 25(3)(د)، التي تتعلق بمسؤولية الأفراد عن الجرائم عند المساهمة في ارتكابها مع “نية مشتركة”.

فإذا كانت استراتيجية الحرب الإسرائيلية تشمل استخدام الجوع كسلاح، وكان المسؤولون الأمريكيون على علم بذلك واستمروا في الموافقة على شحنات المساعدات العسكرية، فقد يكونون عرضة للمسائلة بموجب هذا البند.

وبينما تبقى مذكرات الاعتقال ضد القادة الإسرائيليين محور الحديث القانوني، تبرز أسئلة حول إمكانية محاسبة المسؤولين الأمريكيين، حيث يتطلب هذا الأمر إثباتات قوية ومعقدة حول نواياهم ودورهم في النزاع.

ومع تصاعد التوترات في المنطقة، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت المحكمة الجنائية الدولية ستتحرك ضد المسؤولين الأمريكيين، وأي تداعيات قد تترتب على ذلك في العلاقات الدولية.

في النهاية، تمثل هذه التطورات نقطة تحول في كيفية تعامل المجتمع الدولي مع القضايا المتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية، وتفتح المجال لمزيد من النقاش حول العدالة والمساءلة في سياق الصراعات المعقدة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.