تستضيف السعودية اليوم أول محادثات للأزمة في السودان وسط توقعات بمناقشة وقف إطلاق النار للأهداف الإنسانية دون الدخول في مفاوضات لإنهاء الصراع.
وقال الجيش السوداني إنه أرسل وفداً إلى مدينة جدة السعودية لإجراء محادثات بخصوص هدنة بالبلاد في إطار مبادرة سعودية أمريكية مشتركة.
فيما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن وزير الخارجية فيصل بن فرحان، بحث مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، المبادرة المشتركة الخاصة باستضافة ممثلين عن الطرفين في مدينة جدة، والتي تهدف إلى تهيئة الأرضية اللازمة للحوار لخفض مستوى التوترات هناك.
وسلط تقرير لشبكة “سي أن أن” الأمريكية الضوء على ما وصفه بالسياسة الخارجة الجديدة للسعودية وأبرزها وأحدثها هي السياسة السعودية خلال الأزمة السودانية المتفاقمة حاليا.
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى تلك الصورة التي انتشرت أكثر من غيرها، وهي استقبال قادة كبار من الجيش السعودي للعديد من الإيرانيين الذين تم إجلاؤهم من السودان ووصلوا إلى مدينة جدة على البحر الأحمر.
وأكد المسؤولون العسكريون الذين استقبلوا الإيرانيين بحرارة وود لافتين، أن ذلك يأتي ضمن توجيهات الملك وولي عهده محمد بن سلمان.
تقول الشبكة إنه لم يكن من الممكن تصور مثل هذه الصور قبل أشهر فقط، عندما كانت إيران والمملكة العربية السعودية خصمين إقليميين لدودين ينخرطان في صراعات متعددة بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وأضافت أن الطرفين دفنا الأحقاد في آذار/ مارس بوساطة صينية بعد ما يقرب من سبع سنوات من العداء، ويأملان في إعادة فتح السفارات قريبًا.
وحول ذلك نقلت الشبكة عن المحلل والكاتب السعودي علي الشهابي قوله: “هذا لا يمكن إلا أن يجلب النوايا الحسنة من الإيرانيين على أمل أن يتم الرد بالمثل”.
ووفق “سي أن أن” فإن “المملكة الآن في مهمة لتجديد صورتها العالمية وإصلاح العلاقات مع الأعداء السابقين”.
والجهود الدبلوماسية هي الأحدث في سلسلة تحركات تضع الرياض في دور صانع السلام، وهو حسب محللين محور استراتيجي بعيد عن أكثر من عقد من سياسة خارجية تصادمية وتدخلية للرياض والتي كان أبرز صورها التدخل في اليمن.
وقالت آنا جاكوبس، كبيرة المحللين الخليجيين في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل: “هناك سياسة خارجية جديدة تلعب هنا.. تسعى المملكة العربية السعودية إلى فرض نفسها أكثر فأكثر على المسرح الدولي من خلال الوساطة ورفع مكانتها الدبلوماسية”.
وأضافت أن السياسة الخارجية الجديدة للرياض أكثر استقلالية، وتعطي الأولوية للمصالح السعودية.
جاءت أحدث محاولة دبلوماسية للمملكة في السودان، حيث تتصارع القوات الموالية لجنرالين متنافسين، قائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو. وقتل المئات وجرح الآلاف في القتال.
في الصور التي تم بثها على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام السعودية، شوهدت القوات السعودية وهي تقوم بإجلاء آلاف الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من بورتسودان إلى مدينة جدة الساحلية، في رحلة استغرقت 12 ساعة عبر البحر الأحمر. تم إعطاء الرجال والنساء والأطفال الأعلام السعودية للتلويح بها بينما وثقت الكاميرات وصولهم.
وبمساعدة الولايات المتحدة، توسطت المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي أيضًا في هدنة قصيرة بين قائد القوات المسلحة السودانية البرهان وقائد قوات الدعم السريع دقلو. وتم تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة أخرى يوم الاثنين.
وتأتي هذه الدبلوماسية الجديدة في الوقت الذي تعطي فيه المملكة الأولوية للنمو الاقتصادي في الداخل، الأمر الذي يتطلب تحقيق الاستقرار الإقليمي للنجاح. وكان الاقتصاد الذي تبلغ قيمته تريليون دولار في سعي للابتعاد عن سمعته التقليدية كمنتج محافظ وقاتل للنفط، واتجه نحو لاعب اقتصادي عالمي ومركز إقليمي رئيسي للسياحة والأعمال.
وقال جاكوبس إن سياساتها التدخلية السابقة “أدت فقط إلى مزيد من عدم الاستقرار الإقليمي وزيادة التهديدات الأمنية ضد المملكة العربية السعودية”.
بصرف النظر عن إيران، فإن الرياض تعمل على إصلاح العلاقات مع الحوثيين في اليمن وتركيا والنظام السوري. وهي تقود الجهود لإعادة الرئيس السوري المنبوذ بشار الأسد إلى الحظيرة العربية على مدى عقد من الزمان بعد قطع العلاقات معها.
برغم ذلك يشير تقرير الشبكة الأمريكية إلى أن الجهود السعودية لتجديد صورتها كوسيط سلام قد يواجه تحديات في المصداقية، نظرًا لسياستها الخارجية القتالية التي دامت ما يقرب من عقد من الزمان، والصحافة السيئة التي اجتذبتها.
وتحاول المملكة الآن إخراج نفسها من اليمن بعد التدخل في الحرب الأهلية هناك في عام 2015 بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء. في تلك الحرب، حشدت تحالفًا عربيًا ضم قوات الدعم السريع السودانية. هذه المجموعة طرف في الصراع السوداني الذي تحاول المملكة العربية السعودية المساعدة على إنهائه.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=62280
التعليقات مغلقة.