أظهر تقرير “الحرية في العالم 2025” الصادر عن منظمة فريدوم هاوس استمرارًا واضحًا لأوضاع حقوق الإنسان والحريات السياسية في دول مجلس التعاون الخليجي ضمن فئات التصنيف الدنيا عالميًا، مع غياب أي دولة خليجية في خانة الدول “الحرّة” أو حتى “الحرّة جزئيًا”، ما يعكس استمرار التراجع في مستويات الحقوق الأساسية والحريات المدنية في المنطقة مقارنة بمعاييرها الدولية.
وبحسب التصنيف العالمي، تُعد جميع دول الخليج الرئيسة غير حرة، بناءً على الحقوق السياسية والحريات المدنية.
وبدأ التقرير بفصل أوضاع السعودية، التي حصلت على 9 من 100 نقطة في مؤشر الحرية، مما يجعلها من بين الدول الأقل حرية على مستوى العالم.
وأشارت المنظمة إلى أن النظام الملكي المطلق يقيّد تقريبًا كل أشكال الحقوق السياسية والحريات المدنية، ولا توجد انتخابات على المستوى الوطني، ويعتمد النظام على المراقبة العامة وتجريم المعارضة وإسكات الأصوات المنتقدة عبر قوانين واسعة.
وفي البحرين، جاء التصنيف كذلك ضمن خانة “غير حرة”، بعد أن صنّفت المنظمة الدولة بحصولها على 12 نقطة من 100. وأفاد التقرير أن السلطات في المنامة تستمر في قمع الأصوات المعارضة واضطهاد المدنيين خاصة بين الطائفة الشيعية، مع تقييد شديد لحرية التعبير والتجمع.
أما الكويت، فقد شهد تراجعًا واضحًا في تصنيف الحرية، إذ ضُمنت الدولة في خانة “غير حرة” بعد أن كانت تصنف سابقًا ضمن الدول “الحرّة جزئيًا”.
ويشير التقرير إلى أن الانحدار جاء نتيجة لقيام الإمارة بحل البرلمان المنتخب وإيقاف الانتخابات، مما ترك المواطنين دون تمثيل سياسي فعّال، إضافة إلى تقييد الحريات المدنية ومنع الاحتجاجات والتجمعات المعارضة.
وفي قطر والإمارات، لا تختلف الصورة كثيرًا، حيث تأتي كل منهما ضمن الدول غير الحرة، مع تسجيل مؤشرات منخفضة في الحقوق السياسية والحريات المدنية.
ففي كلتا الدولتين، لا توجد انتخابات تنافسية على المستوى الوطني، وتخضع المؤسسات الإعلامية والقضاء في كثير من الأحيان لتأثير السلطة التنفيذية. وتُعد حرية التعبير والتجمع محدودة بشكل كبير، ولا يتيح القانون مساحة فعلية للمعارضة السياسية.
وتؤكد منظمة فريدوم هاوس أن هذه التصنيفات لا تعكس فقط غياب الانتخابات أو المنافسة السياسية، بل تشمل أيضًا قيودًا منهجية على حرية التعبير، وحرية الإعلام، وحرية التجمع، وحقوق الأقليات، وغياب سيادة القانون.
وتقاس هذه المؤشرات عبر آلية تقييم دقيقة تشمل الحقوق السياسية (مثل الحق في اختيار ممثلين) والحريات المدنية (مثل حرية التعبير والوصول إلى العدالة).
وتعكس هذه النتائج واقعًا مشتركا في الخليج، حيث لا يزال السلطويّة السياسية هي السائدة، مع بقاء السلطات التنفيذية، سواء كانت ملكية أو إمارة، في موقع السيطرة على المفاصل الأساسية للدولة، بينما لا تتمتع الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدني بحرية العمل الفعلي في معظم هذه الدول.
وتُعد عمليات المراقبة القانونية والتشريعات الأمنية أدوات مستخدمة متكررة لتقييد الخطاب العام والمعارضين، وهو ما يؤثر سلبًا على مؤشرات الحرية.
وأظهر التقرير أيضًا أن العمال المهاجرين في بعض دول الخليج يواجهون قيودًا إضافية في الحقوق الأساسية، مثل حرية التنقل والتجمع، خاصة في ظل أنظمة الكفالة التي تربط العامل بوضعه الوظيفي، وتؤثر بدور كبير على قدرة العمال على المطالبة بحقوقهم دون تعرضهم للعقوبات أو الترحيل.
ويتوافق هذا التصنيف مع اتجاه أوسع يرى أن الحرية العالمية مستمرة في التراجع، وهو ما أظهرته بيانات أخرى لمنظمة فريدوم هاوس التي كشفت عن انخفاض مستوى الحريات في 60 دولة في العالم عام 2024، مقابل تحسن في 34 دولة فقط.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73489