رسالة سعودية حازمة لإسرائيل: التدخل في سوريا يعرقل مسار التطبيع

كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن السعودية بعثت برسائل واضحة وحازمة إلى الولايات المتحدة مفادها أن السلوك الإسرائيلي في سوريا بات عاملاً رئيسياً يعرقل أي تقدم محتمل في مسار التطبيع بين الرياض وتل أبيب، إلى جانب شرط سعودي ثابت لم يُرفع عن الطاولة يتمثل في ربط التطبيع بإحراز تقدم حقيقي نحو حل الدولتين.

وبحسب التقرير، شددت الرياض خلال الأشهر الأخيرة من لهجتها تجاه إسرائيل، مؤكدة أن تدخلها المتزايد في الشأن السوري يقوّض الاستقرار الإقليمي ويبعث بإشارات سلبية حول نواياها السياسية.

وترى السعودية أن استمرار إسرائيل في التعامل مع سوريا كساحة مفتوحة للتدخلات الأمنية والعسكرية لا ينسجم مع أي تصور لسلام إقليمي شامل، بل يعكس توجهاً لإدامة الانقسام والفوضى.

وتأتي هذه الرسائل في سياق موقف سعودي أوسع من التطورات السورية، إذ تُعد المملكة واحدة من ثلاث دول إقليمية تقدّم دعماً للسلطة الجديدة في دمشق برئاسة أحمد الشرع، إلى جانب تركيا وقطر.

ويشير التقرير إلى أن الرياض تنظر إلى استقرار سوريا بوصفه ركيزة أساسية لإعادة ترتيب المشهد الإقليمي، وترفض أي سياسات من شأنها إضعاف الدولة السورية أو تفكيكها.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر من العائلة المالكة السعودية قوله إن الفهم السائد لدى صانعي القرار في الرياض خلال الأيام الأخيرة هو أن “إسرائيل لا تريد دولة مستقرة في سوريا، بل تفضّل بقاءها منقسمة”.

وأضاف المصدر أن هذا التوجه لا يقتصر على الساحة السورية فحسب، بل ينسحب أيضاً على السياسات الإسرائيلية في لبنان والضفة الغربية، ما يعزز القناعة السعودية بأن تل أبيب لا تُظهر اهتماماً جدياً بخيارات السلام.

وأوضح المصدر أن مسألة التطبيع “مرتبطة بالفعل بالقضية الفلسطينية”، إلا أن إسرائيل، بحسب الرؤية السعودية، تحاول توسيع دائرة نفوذها وتدخلها لتشمل الجنوب السوري، وهو ما ستكون له انعكاسات مباشرة وسلبية على أي مسار تطبيعي مع المملكة.

واعتبر أن هذه السياسات تمثل تجاوزاً للخطوط الحمراء التي وضعتها الرياض في تعاملها مع الملف الإسرائيلي.

ووفق التقرير، فإن السعودية نقلت هذه الرسائل بوضوح إلى الإدارة الأميركية، في إطار اتصالات سياسية ودبلوماسية مكثفة جرت خلال الفترة الماضية.

وتؤكد الرياض، بحسب ما نقلته هيئة البث، أن أي محاولة لتسويق التطبيع بمعزل عن معالجة جذور الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، أو مع استمرار التوترات الإقليمية الناتجة عن السلوك الإسرائيلي، لن تحظى بقبول سعودي.

ويشير التقرير إلى أن المسؤولين السعوديين باتوا يستخدمون الملف السوري كورقة ضغط إضافية في النقاشات المتعلقة بالتطبيع، إلى جانب الورقة الفلسطينية.

فبالنسبة للرياض، لا يمكن فصل مسار العلاقات مع إسرائيل عن صورة أشمل تتعلق بالاستقرار الإقليمي، واحترام سيادة الدول، والحد من السياسات العسكرية التي تؤجج الصراعات.

وتقدّر مصادر إسرائيلية، وفق هيئة البث، أن فرص التطبيع مع السعودية تتراجع في المرحلة الراهنة، لا سيما في ظل غياب أي اتفاق أمني في سوريا من شأنه تهدئة الأوضاع ووقف دوامة التصعيد.

وتضيف أن هذا التراجع يأتي فوق أساس هش أصلاً، نظراً لإصرار السعودية المستمر على ربط التطبيع بتحقيق تقدم ملموس نحو حل الدولتين، وهو ما ترفضه الحكومة الإسرائيلية الحالية عملياً.

وتكشف هذه المعطيات عن تحوّل مهم في الموقف السعودي، من الاكتفاء بوضع شروط عامة للتطبيع، إلى توجيه انتقادات مباشرة للسياسات الإسرائيلية وربطها صراحة بتعطيل أي انفتاح سياسي أو دبلوماسي.

كما تعكس رغبة الرياض في تأكيد دورها كفاعل إقليمي يسعى إلى الاستقرار، في مقابل رؤية تعتبرها قائمة على إدارة الصراعات لا حلها.

وبحسب تقديرات دبلوماسية، فإن الرسالة السعودية لا تستهدف إسرائيل وحدها، بل تحمل أيضاً مضموناً موجهاً إلى واشنطن، مفاده أن أي رهان على دفع مسار التطبيع من دون معالجة السلوك الإسرائيلي في سوريا وفلسطين سيظل رهاناً خاسراً.

وفي ظل هذه المعادلة، يبدو أن ملف التطبيع، الذي شكّل محوراً أساسياً في حسابات إقليمية ودولية خلال السنوات الماضية، يواجه مرحلة جمود جديدة، عنوانها تصاعد الشروط السعودية وتآكل الثقة في نوايا إسرائيل تجاه السلام والاستقرار.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.