وقف القتال في حلب بعد اشتباكات دامية بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية

توصلت قوات الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي يقودها الأكراد، إلى اتفاق لخفض التصعيد ووقف القتال في مدينة حلب شمالي سوريا، عقب اشتباكات عنيفة شهدتها المدينة خلال الأيام الماضية وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين، وأعادت تسليط الضوء على عمق الانقسامات السياسية والعسكرية في البلاد.

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، نقلاً عن وزارة الدفاع، بأن القيادة العامة للجيش السوري أصدرت أوامر بوقف استهداف مواقع قوات سوريا الديمقراطية في المدينة، في خطوة تهدف إلى احتواء التصعيد ومنع اتساع رقعة الاشتباكات.

وفي وقت لاحق، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية بدورها أنها أصدرت تعليمات لمقاتليها بوقف الرد على نيران القوات الحكومية، مؤكدة التزامها بجهود خفض التصعيد.

وبحسب وزارة الصحة السورية، أسفرت الاشتباكات عن مقتل مدنيين اثنين على الأقل وإصابة آخرين بجروح، جراء قصف قالت إنه نُفذ من قبل قوات سوريا الديمقراطية واستهدف أحياء سكنية داخل مدينة حلب.

في المقابل، ذكرت قوات سوريا الديمقراطية أن خمسة أشخاص على الأقل أصيبوا نتيجة قصف شنته القوات الحكومية على مناطق خاضعة لسيطرتها، متهمة الجيش باستخدام المدفعية الثقيلة في محيط أحياء مأهولة بالسكان.

واندلعت موجة العنف الأخيرة بعد ساعات من تصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال زيارة رسمية إلى دمشق، قال فيها إن قوات سوريا الديمقراطية لا يبدو أنها تعتزم الالتزام بالموعد النهائي المتفق عليه للاندماج في القوات المسلحة التابعة للدولة السورية، والمحدد بنهاية العام الجاري.

وتعتبر تركيا قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة والتي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال شرق سوريا، منظمة إرهابية، وتربطها بحزب العمال الكردستاني.

وقد لوّحت أنقرة مراراً بإمكانية تنفيذ عمل عسكري إذا لم تلتزم قوات سوريا الديمقراطية بالاتفاقات المتعلقة بتفكيك هياكلها العسكرية أو دمجها ضمن مؤسسات الدولة السورية.

وفي مؤتمر صحفي مشترك عقد في دمشق عقب محادثات سورية–تركية، صرّح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بأن أي تأخير في دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الدولة سيؤدي إلى “إلحاق الضرر بالمناطق التي تسيطر عليها” ويعرقل جهود إعادة الإعمار.

وأضاف أن الحكومة السورية لم تلمس حتى الآن “أي مبادرة جادة أو إرادة حقيقية” من جانب قوات سوريا الديمقراطية لتنفيذ اتفاق العاشر من آذار/مارس.

وقال الشيباني: “تلقينا يوم أمس رداً من قوات سوريا الديمقراطية بشأن آليات تنفيذ اتفاق 10 مارس، ونعمل حالياً على مراجعة هذا الرد”، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول مضمونه أو ما إذا كان يمهد لتفاهمات جديدة.

وينص الاتفاق الموقع في مارس الماضي بين قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع على دمج المقاتلين الأكراد في السلطات العسكرية والمدنية المركزية للدولة السورية بحلول نهاية عام 2025، في إطار مساعٍ لإعادة توحيد مؤسسات الدولة بعد سنوات من النزاع.

وكانت وزارة الدفاع السورية قد أعلنت في وقت سابق أن قوات سوريا الديمقراطية شنت “هجوماً مفاجئاً” على مواقع للجيش وقوات الأمن في منطقتي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف القوات الحكومية.

غير أن قوات سوريا الديمقراطية نفت هذه الرواية، مؤكدة أن الهجوم نُفذ من قبل فصائل تابعة للحكومة السورية، وأن تلك الفصائل استخدمت الدبابات والمدفعية في قصف الأحياء السكنية.

من جهتها، نفت وزارة الدفاع السورية اتهامات قوات سوريا الديمقراطية، مؤكدة أن الجيش “يرد فقط على مصادر النيران” ولا يستهدف المدنيين.

وفي ظل تدهور الأوضاع الأمنية، أعلن محافظ حلب يوم الثلاثاء تعليقاً مؤقتاً للدوام في جميع المدارس والجامعات العامة والخاصة، إضافة إلى إغلاق المكاتب الحكومية في وسط المدينة، حرصاً على سلامة المدنيين.

ويأتي هذا التصعيد بعد أشهر من إعلان وقف شامل لإطلاق النار بين الحكومة السورية والقوات الكردية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقب اشتباكات دامية شهدتها عدة مناطق، ما يعكس هشاشة التفاهمات الأمنية واستمرار الخلافات حول مستقبل قوات سوريا الديمقراطية ودورها في سوريا ما بعد الحرب.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.