كشف المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط عن تحرّك منظّم يقوده لوبي دولة الإمارات العربية المتحدة في أوروبا للتحريض على مصر، عبر تظاهرات مدفوعة وموجّهة نُظّمت أمام مقرّ البرلمان الأوروبي في بروكسل، على خلفية موقف القاهرة الداعم للجيش السوداني في مواجهة ميليشيات الدعم السريع المموّلة من أبوظبي.
وبحسب معلومات المجهر الأوروبي، فإن هذه التحرّكات لم تكن عفوية ولا حقوقية كما جرى الترويج لها، بل جاءت بتعليمات مباشرة من أبوظبي، وأشرف على تنسيقها رمضان أبو جزر، أحد أبرز وجوه اللوبي الإماراتي في بروكسل، وبالتنسيق مع جهات إسرائيلية، في محاولة لفرض سردية مضلِّلة على الرأي العام الأوروبي، والضغط على مؤسسات الاتحاد الأوروبي لاتخاذ مواقف معادية لمصر.
واستهدفت التظاهرات، التي رُفعت خلالها شعارات تتهم مصر بـ”التدخل في السودان”، المطالبة بوقف الدور المصري الداعم للمؤسسة العسكرية السودانية، والدعوة إلى فتح تحقيق دولي مزعوم بشأن استخدام أسلحة كيميائية، وهي ادعاءات لم تُدعّم بأي أدلة مستقلة أو تقارير أممية موثوقة.
ويرى مراقبون أن الهدف الحقيقي من هذه الحملة هو تشويه صورة مصر داخل الدوائر الأوروبية، ومحاولة نقل جزء من الضغوط والانتقادات الدولية الموجّهة إلى الإمارات بسبب تورّطها في دعم ميليشيات الدعم السريع، إلى القاهرة، عبر تقديمها كطرف “مؤثر” في الأزمة الإنسانية الكارثية التي يشهدها السودان.
تمويل مشبوه ومشاركون مأجورون
لا حظ المجهر الأوروبي أن غالبية المشاركين في التظاهرات كانوا من مجموعات عربية ومشرّدين من جنسيات أفريقية، جرى استقدامهم مقابل مبالغ مالية، مع تعمّد عدد كبير منهم إخفاء وجوههم، في مؤشر إضافي على الطابع غير العفوي لهذه التحرّكات.
الأكثر إثارة للانتباه أن رمضان أبو جزر، الذي اعتاد الظهور سابقًا كضيف دائم على وسائل إعلام مصرية، انقلب فجأة إلى رأس حربة في التحريض على القاهرة، في خطوة وصفها متابعون بأنها تعكس براغماتية انتهازية وخضوعًا كاملاً لأجندة المموّل الإماراتي.
وترافقت هذه التظاهرات مع تغطية مكثفة من وسائل إعلام يهودية، في سياق بدا واضحًا أنه جزء من تنسيق إماراتي–إسرائيلي.
وفي هذا الإطار، نشر موقع (The J)، الذي يعرّف نفسه كمنصة إعلامية يهودية صهيونية دولية، تقريرًا موسّعًا ضخّم فيه حجم التظاهرات، مدّعيًا مشاركة “منظمات حقوق إنسان دولية وأوروبية” ومئات النشطاء، في محاولة لإضفاء شرعية حقوقية زائفة على تحرّك سياسي مدفوع.
وزعم الموقع أن الحملة تهدف إلى “زيادة الوعي” بحقوق الإنسان في السودان، والضغط لوقف استخدام الأسلحة الكيميائية، والدعوة إلى السلام وتقديم المساعدات الإنسانية.
غير أن التقرير تجاهل كليًا الدور الإماراتي في تمويل وتسليح ميليشيات الدعم السريع، وحاول تحميل مصر وإيران مسؤولية حرب أودت بحياة أكثر من 150 ألف شخص، ودفعت 25 مليونًا إلى حافة المجاعة، وشرّدت أكثر من 14 مليون إنسان.
أدوار خلف الكواليس
ركّز التقرير اليهودي على تصريحات منال مسالمي، وهي تونسية تحمل الجنسية البلجيكية، تعمل ضمن شبكة تنسيق بين اللوبيين الإماراتي والإسرائيلي في بروكسل، وتتولى ترتيب لقاءات داخل البرلمان الأوروبي مقابل تمويل إماراتي، وفق ما أكده المجهر الأوروبي.
ويقدّم رمضان أبو جزر نفسه كـ”خبير في القانون الدولي” ومدير لما يُسمّى مركز بروكسل الدولي للبحوث وحقوق الإنسان (BIC)، وهي مؤسسة يصفها متابعون بأنها واجهة وهمية ممولة من الإمارات.
ويؤكد المجهر الأوروبي أن أبو جزر دأب لسنوات على لعب دور البوق المرتزق في التحريض على خصوم أبوظبي، عبر نشر مزاعم لا تستند إلى أي أدلة موثوقة.
وسبق لأبو جزر أن عمل في الشبكة الدولية للحقوق والتنمية، وهي مؤسسة أُنشئت بغطاء حقوقي لتلميع صورة الإمارات، قبل أن تفشل ويتم استبدالها بكيان آخر تحت مسمى الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان.
ويخلص المجهر الأوروبي إلى أن التعاون بين اللوبيين الإماراتي والإسرائيلي ليس جديدًا، لكنه انتقل بعد توقيع اتفاق التطبيع إلى مرحلة التحالف العلني، الذي يستهدف بالدرجة الأولى خصوم البلدين، وفي مقدّمتهم مصر، عبر أدوات إعلامية وحقوقية مزيّفة، تُستخدم للتأثير على الرأي العام وصنّاع القرار في أوروبا، بعيدًا عن أي التزام حقيقي بقيم حقوق الإنسان أو العدالة الدولية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73399