الاستخبارات الأمريكية: بوتين لا يزال يطمح للسيطرة على أوكرانيا

رغم التقييم الحذر لاحتمالات وقف إطلاق النار، فإن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تؤكد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصمم على فرض نفوذه على كييف، بحسب ما نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

وبحسب الصحيفة تُظهر تقارير استخباراتية أمريكية سرية، بما في ذلك تقرير صدر في وقت سابق من هذا الشهر، شكوكًا حول استعداد فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب ضد أوكرانيا.

وتقدّر التقارير أن الرئيس الروسي لم يتراجع عن هدفه المتشدد المتمثل في الهيمنة على جاره الغربي، وفقًا لأشخاص مطلعين على التحليلات الاستخباراتية.

وأحد هذه التقارير السرية، المؤرخ في 6 مارس والذي وُزّع على صانعي السياسات في إدارة ترامب، يشير إلى أن بوتين لا يزال مصممًا على فرض سيطرته على كييف، بحسب شخص مطلع على الوثيقة. وكغيره من المصادر التي وردت في هذا التقرير، تحدث هذا الشخص شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة معلومات مصنفة سرية.

والتقارير لم تهدف إلى تقييم جهود الرئيس دونالد ترامب الدبلوماسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، أو احتمالات خطة وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا التي اتفقت عليها الولايات المتحدة وأوكرانيا هذا الأسبوع.

لكنها تبرز صعوبة المهمة التي تواجه ترامب وفريقه للأمن القومي، وتطرح تساؤلات حول ما إذا كان البيت الأبيض يسيء فهم موقف بوتين من السعي إلى السلام.

وقد رد بوتين بحذر يوم الخميس، على مقترح وقف إطلاق النار. ورغم أنه لم يرفضه بشكل قاطع، لمح إلى أن موسكو قد تفرض شروطًا على أي اتفاق محتمل. جاء ذلك قبيل اجتماع مرتقب في موسكو مع ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، لمناقشة خطة الهدنة.

في غضون ذلك، يبدو أن القوات الروسية تحقق تقدمًا ملحوظًا في طرد أوكرانيا من شريط صغير من الأراضي في مقاطعة كورسك الروسية، كانت كييف تأمل في استخدامها كورقة تفاوضية.

وقال مسؤولون أمريكيون إن بوتين، حتى لو وافق على هدنة مؤقتة، سيستخدمها لإراحة قواته وتجهيزها من جديد، ومن المرجح أن يخرق الاتفاق من خلال خلق استفزاز ثم إلقاء اللوم فيه على أوكرانيا.

وذكر مسؤولون آخرون أن التقارير أكثر حذرًا بشأن الشروط التي قد يقبل بها بوتين لتحقيق السلام، لكنهم أقروا بعدم وجود أي مؤشر على أن بوتين تراجع عن مطلبه بإدخال أوكرانيا ضمن الفلك الأمني والاقتصادي لروسيا. وعلّق أحد المسؤولين بالقول: “لديه رغبة طويلة الأمد في استعادة روسيا الأم”.

من جهته قال يوجين رومر، المسؤول الاستخباراتي الأمريكي السابق وخبير الشأن الروسي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “لا أعتقد أن وقف إطلاق النار أو حتى الهدنة أو المعاهدة سيكون نهاية القصة. هذا هو وضع المواجهة الدائمة الجديد بين روسيا وبقية أوروبا.”

ورأى محللون آخرون أن المحادثات قد تؤدي إلى نتائج إيجابية إذا لعبت واشنطن وأوروبا أوراقهما بذكاء.

وقال إريك سياراميلا، المسؤول الاستخباراتي الأمريكي السابق وخبير روسيا أيضًا في كارنيغي: “لكي يتوقف بوتين عن القتال، عليه أن يعتقد أنه قادر على تحقيق مكاسب في المفاوضات، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه سينجح. مفتاح التوصل إلى اتفاق هدنة دائم ومواتٍ هو إعداد ترتيبات أمنية لأوكرانيا تمكّنها من إعادة بناء قوتها العسكرية وردع أي هجوم جديد.”

ولم يتضح ما إذا كان ترامب قد اطلع شخصيًا على تقرير الاستخبارات المؤرخ في 6 مارس، لكن المصدر المطلع قال إن هذا النوع من التحليلات يُعرض تقليديًا على الرئيس.

وقال مصدر آخر مطلع على الأمر إن تقييمات الاستخبارات الأمريكية بشأن تعنّت بوتين أثارت انزعاج ترامب، وإن ترامب وفريقه طرحوا مؤخرًا فكرة فرض عقوبات جديدة صارمة على روسيا إذا رفضت إنهاء الحرب، رغم أنهم لم يحددوا ماهية تلك العقوبات. وقال ترامب يوم الأربعاء إن هذه العقوبات “قد تكون مدمرة”.

وكان تم الإعلان عن خطة الهدنة يوم الثلاثاء بعد محادثات أمريكية أوكرانية في السعودية، وتقضي بوقف القتال لمدة 30 يومًا وتجميد المواقع العسكرية على طول 1800 ميل من الجبهات.

وجاء هذا التطور بعد أسبوعين من التوتر الشديد بين واشنطن وكييف، في أعقاب اجتماع صعب في البيت الأبيض بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وكان ترامب قد أوقف الأسبوع الماضي الدعم العسكري والاستخباراتي الأمريكي لأوكرانيا، للضغط على زيلينسكي للمشاركة في محادثات السلام. وبعد الاتفاق في السعودية، أعلنت واشنطن رفع الحظر عن إرسال الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية.

ورفض ترامب يوم الأربعاء تحديد فرص نجاح الاتفاق مع بوتين، لكنه قال للصحفيين: “أعتقد أن ذلك منطقي لروسيا. كما ناقشنا موضوع الأراضي.”
وروسيا، التي ضمّت شبه جزيرة القرم عام 2014 ثم شنت غزوًا واسعًا في 2022، تسيطر حاليًا على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، وقد ضمت بشكل غير قانوني أربع مقاطعات شرقية على حدودها.

ويصر المسؤولون الأوكرانيون على استعادة كامل أراضيهم وفق حدود ما قبل عام 2014، رغم أن العديد من المحللين يعتبرون استعادة القرم بالوسائل الدبلوماسية أو العسكرية أمرًا غير مرجح.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.