تسعى قطر إلى جذب شركات رأس المال المغامر إلى الدوحة عبر استخدام صندوقها السيادي الضخم، لتصبح أحدث دولة خليجية غنية بالهيدروكربونات تحاول استقطاب المستثمرين الماليين مقابل تقديم التمويل لهم، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وذكرت الصحيفة أنه خلال العام الماضي، استثمرت هيئة قطر للاستثمار (QIA) ما يقرب من نصف صندوقها البالغ قيمته مليار دولار والمخصص لدعم شركات رأس المال المغامر، بهدف تعزيز مشهد الشركات الناشئة في الدولة، وفقًا لما قاله رئيس صناديق الاستثمار بالهيئة لصحيفة فايننشال تايمز.
وتُقدّر أصول QIA بحوالي 500 مليار دولار، وهي معروفة باستثماراتها في أصول عالمية بارزة مثل متجر هارودز ومطار هيثرو في لندن. ولكن هذه المبادرة الجديدة تأتي في وقت تسعى فيه الممالك الخليجية إلى توظيف استثماراتها البترولية مع مديري الأصول العالميين، مقابل المساهمة في تنويع اقتصاداتها وتدريب كوادرها وتقليل الاعتماد على عائدات الوقود الأحفوري.
ولا تزال QIA تستثمر معظم ثروتها مع شركات وصناديق خارج قطر، لكنها تسعى لجعل الدوحة مركزًا إقليميًا لرأس المال المغامر.
•قال محسن بيرزادا، رئيس صناديق الاستثمار في QIA: “هناك مستوى مختلف من المشاركة عندما يكون الشركاء مستعدين للاستثمار داخل البلاد والمساهمة في تنويع اقتصادك.”
والسعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة، استخدمت نفوذ صندوق الاستثمارات العامة (PIF) لجذب المزيد من المستثمرين، ومنهم شركة بلاك روك، التي أطلقت شركة استثمارية في الرياض بقيمة 5 مليارات دولار.
في المقابل تسعى أبوظبي إلى أن تصبح “عاصمة رأس المال”، حيث استخدمت صناديقها السيادية الضخمة، مثل جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA)، لجذب مديري الأصول وصناديق التحوط، مثل بريفان هوارد وPGIM، التي افتتحت مكاتب في العاصمة الإماراتية.
وفي العام الماضي، أبرمت QIA صفقة مع شركة أشمور المتخصصة في الأسواق الناشئة، والتي أنشأت صندوقًا للأسهم القطرية بقيمة 200 مليون دولار، مسجلًا في مركز قطر للمال.
كما دعمت QIA ست شركات رأس مال مغامر، بما في ذلك Builders VC وB Capital، التي يشارك في تأسيسها إدواردو سافيرين، الشريك المؤسس لـ فيسبوك.
ومن بين هذه الشركات، افتتحت شركتان مكاتب في الدوحة، بينما تعمل الأربع الأخرى على القيام بذلك قريبًا.
وتتطلع QIA أيضًا إلى جذب الشركات المملوكة لصناديق الاستثمار الخاصة التي تستثمر فيها، مثل بلاكستون وKRR وكارلايل.
قال بيرزادا: “إذا أرادت هذه الشركات التوسع في الشرق الأوسط، فسنفرش لها السجادة الحمراء ونقول: فكروا في الدوحة كخيار رئيسي.”
ورغم استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022 بنجاح، إلا أنها كافحت للاستفادة اقتصاديًا من هذا الحدث على المدى الطويل، رغم جهودها لتنويع اقتصادها عبر السياحة والعقارات.
وقد كشف بيرزادا أن فكرة صندوق رأس المال المغامر جاءت بعد دراسة استمرت عامين بتوجيه من مكتب رئيس الوزراء، لتحديد كيفية تعزيز مكانة قطر في المنطقة ودعم رواد الأعمال.
ويتطلب الصندوق من شركات رأس المال المغامر المساهمة في البيئة المحلية، سواء عبر فتح مكاتب في الدوحة، أو إنشاء صناديق محلية، أو تأسيس أكاديميات تدريب وحاضنات أعمال.
وأكد بيرزادا أن المنافسة بين دول الخليج لجذب مديري الصناديق “صحية”، مشيرًا إلى أن قطر لا تفرض حدًا أدنى للاستثمارات المحلية، لكنها حذرة من دعم الشركات التي لا تلتزم فعليًا بالاستثمار في البلاد.
على سبيل المثال، تم رفض أحد مديري الصناديق لأنه كان يخطط للسفر أسبوعيًا بين الدوحة وتكساس بدلاً من التواجد الدائم في قطر.
ومن بين 120 طلبًا تم تقييمها، وصلت 14 شركة فقط إلى المرحلة النهائية من المناقشات.
وتستعد الدوحة لزيادة إنتاجها من الطاقة بنسبة 85% بحلول نهاية العقد، مما يجعلها محط أنظار مديري الأصول العالميين.
لكن بيرزادا أوضح أن QIA ليس لديها رؤية واضحة حول موعد تدفق هذه العائدات إلى خزائنها.
وفي ظل التباطؤ في عمليات الاندماج والاستحواذ، أشار بيرزادا إلى أن انتخاب دونالد ترامب مجددًا للرئاسة الأمريكية قد يكون بمثابة “حافز” لتنشيط السوق، مضيفًا:
“نعتقد أن أسواق الاندماج والاستحواذ تعود إلى النشاط، مما يجعل هذا الوقت مناسبًا لإبرام الصفقات.”
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70714