هآرتس: خطة قطر المدروسة لغزة ستسحق أحلام اليمين الإسرائيلي المتطرف بالحرب والتهجير

اعتبرت صحيفة هآرتس العبرية أن خطة دولة قطر المدروسة لغزة ستسحق أحلام اليمين الإسرائيلي المتطرف بالحرب والتهجير بحيث تبدو الفجوة بين رؤية وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لقطاع غزة والواقع على الأرض مذهلة.

وبحسب الصحيفة فإن ما يجري على الأرض يظهر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إما يدير عملية احتيال معقدة تستهدف الولايات المتحدة وقطر ومصر والإمارات العربية المتحدة، أو أن سموتريتش على وشك أن يعاني من إذلال سياسي بأبعاد تاريخية.

وصف سموتريتش خطة عظيمة لغزة تبدو منفصلة تمامًا عن الأحداث الجارية خلال حديثه في اجتماع قبل أيام، وأعلن: “الآن يجب علينا تعيين رئيس هجومي للجيش الإسرائيلي ينفذ بشكل كامل، دون تردد او تذبذب، المهمة الواضحة الموكلة إليه من قبل القيادة السياسية: غزو غزة ومنع حماس من الاستفادة من المساعدات الإنسانية، من أجل هزيمة حماس والانتصار بالحرب”.

وأضاف سموتريتش أنه يعمل مع نتنياهو ومجلس الوزراء الأمني لإعداد خطة تشغيلية لضمان أن تصبح “رؤية الرئيس ترامب” للمنطقة حقيقة واقعة، رافضا معارضة مصر والأردن، مستشهدا بقدرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على “دفع أجندته مع كولومبيا على الرغم من اعتراضاتها على ترحيل المهاجرين”.

كان من الممكن اعتبار تصريحات سموتريتش هزلية لو لم يكن هو وحزبه مكونا أساسيا في ائتلاف نتنياهو، الذي يفتقر إلى الأغلبية بدونهما، ولكن من المؤسف أنها تمثل حقيقة مأساوية.

كان صوت نتنياهو بشأن السياسة غائبا بشكل ملحوظ يوم الاثنين، فقد أمضى اليوم في المحكمة، بينما استهلكت أمراضه بقية وقته حيث يكافح رئيس الوزراء، الذي لا يزال ضعيفا بعد الجراحة في ديسمبر/كانون الأول، للتعافي.

ويصف زوار مكتبه رجلا متعبا يغير مواقفه بشكل متكرر، وغير قادر على الحصول على الراحة المناسبة التي تتطلبها حالته، ويركز القليل من الطاقة التي يحشدها على القضايا الأكثر إلحاحا، مما لا يترك أي قدرة على اجراء محادثات ودية مع وزير المالية الحريص على الانسحاب من الائتلاف.

كان انفصال سموتريتش عن الواقع واضحًا في قضية الأسيرة أربيل يهود، فقد تولت قطر مسؤولية إدارة الموقف، حيث أكد رئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني سلطته في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية يوم الاثنين.

لم يقل آل ثاني الكثير من الجوهر؛ ولكن كانت المقابلة نفسها هي الرسالة.

وذكرت هآرتس أن الطبيعة الدقيقة لنفوذ قطر على حماس لا تزال غير واضحة، ولكن نفوذها لا يمكن إنكاره.

في واشنطن، نمت مكانة قطر بشكل كبير، إنهم “اللوبي اليهودي” الجديد ذو العلاقات الجيدة والمتجذرون بعمق في العاصمة الاميركية.

تم تضخيم “المفاوضات” حول أربيل يهود من قبل مكتب نتنياهو كجهد دعائي لإظهار “عزمه القوي” ولكن كانت قطر حريصة على تسهيل العملية، ولم يكن هناك سوى القليل من المفاوضات الفعلية أو الحاجة إلى الموقف الحازم والحاسم والصهيوني والقومي الذي ادعى القادة الإسرائيليون أنهم أظهروه.

ظلت قطر تطمئن جميع الأطراف بأن كل شيء تحت السيطرة، ولم تكن هناك حاجة لإشراك الولايات المتحدة، بل إن قطر بادرت بترتيب إطلاق سراح إضافي للأسرى يتجاوز الاتفاقية الأصلية.

بالنسبة لنتنياهو، يمكن تصوير هذا على أنه نجاح سياسي، أما بالنسبة لحماس، فهو نجاح مماثل وفي إسرائيل، تخلو التغطية الإعلامية من مشاهد احتفالات الأسرى الفلسطينيين في غزة، ولكن على قناة الجزيرة، يتم بثها بشكل متكرر.

إن هذه المظاهر تظهر قوة الهيمنة النفسية لحماس، والأخيرة تغتنم الفرصة لإنتاج المزيد من صور النصر بينما تتنافس على السيطرة على رواية حرب غزة.

ولكن من الناحية الاستراتيجية، فإن فكرة استئناف الحرب في غزة ليست أكثر من خيال فقد تحدثت القناة 14، وهي وسيلة إعلام إسرائيلية يمينية متطرفة، عن “سيناريو” قد يناشد فيه نتنياهو ترامب، مشيرة إلى أنه بما أن ترامب لديه أربع سنوات لتأمين السلام مع السعودية، فيجب عليه أن يمنح نتنياهو أربعة أشهر “لإنهاء المهمة” في غزة – هذه المرة بـ “الأسلحة” و “الدعم” الذي يُزعم أن إدارة بايدن حجبته.

في حين أن هذا يمثل تلميحًا مقنعًا لقاعدة نتنياهو الشعبية، فإن الواقع أقل وضوحًا بكثير. هناك مليون من سكان غزة يعودون إلى الشمال، ولم يكن تهجيرهم في المقام الأول ممكنًا إلا في أعقاب السابع من أكتوبر مباشرة، والقيام بذلك مرة أخرى لاستيعاب أحلام سموتريتش بالهجرة الطوعية إلى مصر أمر غير واقعي تمامًا.

وقالت هآرتس إن الدوائر السياسية والعسكرية الإسرائيلية تتكهن بشكل متزايد بشأن نهاية اللعبة القطرية في غزة ولكن يبدو أن مشاركة قطر مدفوعة بمصالح اقتصادية واستراتيجية محسوبة وليس بمخاوف إنسانية.

ويقدر المسؤولون الإسرائيليون أن طموح قطر هو إنشاء مستعمرة في الشرق الأوسط، وباستغلال علاقاتها مع إدارة ترامب ولعب أوراقها الإقليمية بشكل استراتيجي، يبدو أن قطر عازمة على تحويل غزة إلى موقع متقدم لها على البحر الأبيض المتوسط.

غزة تشبه حاليًا بنية دمرها التجديد الحضري والزلزال والحريق في آن واحد، إلا أنها تتمتع بإمكانات ان تكون اصل استراتيجي مستقبلي، فهي تفتخر بحقل غاز صغير قبالة سواحلها يتطلب التطوير، وخطط طويلة الأمد لإنشاء ميناء بحري ومركز محتمل لقطر الصغيرة الطموحة.

وعلى عكس رؤى سموتريتش غير المستقرة، فإن نهج قطر منهجي ومتجذر في استراتيجية طويلة الأجل، وهي تكرس موارد كبيرة لضمان نجاح مشروعها في غزة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.