انخرط البروفيسور البريطاني تيموثي إنسول على مدار أكثر من عقدين من الزمن، في مشروع مثير: كشف التاريخ الغني لمملكة البحرين. فقد أسهم في اكتشاف أسرار “بلاد القديم” (عاصمة البحرين خلال الخلافة العباسية)، كما سجل النقوش الإسلامية واكتشف جوانب هامة من ماضي البحرين المسيحي.
وبفضل هذه الإنجازات وما أسهمت فيه من تعزيز للعلاقات بين المملكة المتحدة والبحرين، تم تكريم البروفيسور إنسول بجائزة “وسام الإمبراطورية البريطانية” (OBE) ضمن قائمة الشرف البريطانية لعام 2025.
وعبّر البروفيسور إنسول، البالغ من العمر 58 عامًا، عن فخره بهذا التكريم، قائلاً إن الجائزة لا تقتصر على جهوده الشخصية فقط، بل تشمل أيضًا جهود زملائه البحرينيين. وأكد أن هذه الجائزة ستسهم في “جذب المزيد من الانتباه إلى الآثار الغنية في البحرين”.
وقال البروفيسور إنسول: “تقريبًا في أي مكان تحفر فيه في البحرين، تجد الآثار؛ فهي مليئة بالآثار بشكل مذهل”.
ومنذ عام 2001، قضى البروفيسور إنسول حوالي شهر كل عام، عادة في نوفمبر، في البحرين للعمل في مجال الآثار. بدأت علاقته الطويلة مع المملكة عندما لاحظ وجود “فجوة” في دراسة آثار البحرين. كانت الدراسات السابقة قد تناولت حضارة دلمون (من حوالي 2300 قبل الميلاد إلى 500 قبل الميلاد) وفترة تيلوس (من 300 قبل الميلاد إلى 300 ميلادي)، بينما كانت هناك دراسة أقل للفترة الإسلامية الحديثة.
وتوجه البروفيسور إنسول إلى الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد ورئيس الوزراء الحالي، باقتراح دراسة الآثار الإسلامية في البحرين، فقدم الدعم المالي والمعنوي لمشروعاته. وقال البروفيسور إنسول: “لولا دعم ولي العهد، ما كان بإمكاننا تحقيق نصف ما أنجزناه”.
وركز البروفيسور إنسول على فترة ما بعد الإسلام، حيث كان الباحثون في البداية يركزون على العمارة والفن الذي أبدعه النخب، بينما كانت الحياة اليومية للطبقات المتوسطة والعامة مهملة.
وأوضح أن “في الآثار الإسلامية، كانت هناك مجالات مثل دراسة النظام الغذائي، والأنماط الصحية، والهويات الشخصية التي لم يتم تناولها كثيرًا”.
وبدأت مشاريعه في البحرين بحفريات في ضواحي المنامة، ومن ثم امتدت إلى مواقع أخرى في المملكة. وذكر أن البحرين تتمتع بثراء آثاري ناتج عن موقعها الجغرافي الذي جعلها نقطة توقف للتجار الذين جلبوا المواد من الهند والصين في طريقهم إلى الخليج.
ومن أبرز مشاريع البروفيسور إنسول في البحرين هو اكتشاف أول بناء مسيحي معروف في البحرين، وهو بناء يعود للكنيسة النسطورية في القرن الخامس الميلادي. تم اكتشاف هذا البناء تحت تلة في مقبرة، وكان المجتمع المحلي على علم بوجوده، وهو ما ثبت صحته بعد الحفر.
وأشار البروفيسور إنسول إلى أن البحرين “تفخر بهويتها كدولة إسلامية”، لكنه أضاف أن السلطات كانت دومًا منفتحة على استكشاف فترات تاريخية سابقة، ما جعل العمل في البحرين مغريًا.
وإلى جانب عمله في البحرين، قام البروفيسور إنسول بالعديد من المشاريع في مناطق أخرى، لا سيما في شرق إثيوبيا، حيث تعد المنطقة الحالية هناك نقطة تركيز مهمة في أبحاثه.
ومن الداعمين الرئيسيين لعمله، الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، الذي قدم الدعم الكبير لمشاريع البروفيسور إنسول، بما في ذلك دعمه في إنشاء مركز الأبحاث ودراسات الآثار في جامعة إكستر البريطانية.
وفي نوفمبر الماضي، كان البروفيسور إنسول في البحرين، حيث درس نظام “القناة المائية” في منطقة الحد شمال المملكة، ويعمل مع وزارة البلديات لإنشاء منتزه في الموقع.
وبعد حوالي ربع قرن من انخراطه في تاريخ البحرين، يواصل البروفيسور إنسول كشف أسرار ماضي المملكة، معبرًا عن حبه لهذه المملكة الصغيرة التي اعتبرها “موطنًا ثانيًا” له.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70165