قالت مصادر أمنية وسياسية في بيروت إن انهيار الجيش السوري أدى إلى إغراق البلاد بالأسلحة النارية، مما دفع تجار الأسلحة اللبنانيين إلى الاستفادة من شراء أسلحة رخيصة وتهريبها إلى لبنان.
وذكرت المصادر أن “الأسلحة النارية منتشرة على نطاق واسع في سوريا، ويتم بيعها في السوق السوداء بأسعار رخيصة. ويبلغ سعر بندقية “إيه كيه-47″ على سبيل المثال نحو 25 دولاراً”.
وأوضحت أن “السوق اللبنانية مليئة بالسلاح السوري، إذ يسافر العديد من التجار إلى سوريا لشراء السلاح وتهريبه إلى لبنان، وأصبحت المنطقة الشمالية من البلاد مليئة بالسلاح السوري”.
وأضافت المصادر ذاتها أن نحو ثلاثة آلاف قطعة تم تهريبها عبر المعابر غير الشرعية، خاصة في الشمال، وأن “غالبيتها مصنوعة في الصين، ومطبوع عليها العلم السوري، لذلك يقوم التجار بكشطها وعرضها مرة أخرى في السوق اللبنانية بسعر حوالي 500 دولار للقطعة”.
وأكد مصدر سياسي في بيروت “تدفق مفاجئ” للسلاح من سوريا في الأيام الأخيرة، مضيفاً أن “الدولة واعية وتشعر بالقلق من العواقب”.
وقد كان انهيار الجيش السوري سريعاً وحاسماً ومدهشاً. ففي غضون اثني عشر يوماً فقط، انتقلت البلاد من ما بدا وكأنه وضع راهن دائم إلى الانهيار الكامل لسلالة الأسد.
وبينما بدا المتمردون على وشك الاستيلاء على دمشق، أغلقت لبنان على الفور جميع معابرها الحدودية البرية مع سوريا باستثناء المعبر الرئيسي الذي يربط بيروت بالعاصمة السورية. لكن العديد من المعابر الحدودية غير الشرعية، وخاصة في الشمال، ظلت مفتوحة.
وبعد أيام، عززت هيئة تحرير الشام، التي قادت تقدم المتمردين الذين أطاحوا بالرئيس السوري بشار الأسد، سيطرتها العسكرية على المعابر الحدودية الرئيسية مع الأردن ولبنان، بينما عززت سيطرتها في سوريا.
ولطالما عانى لبنان من انتشار الأسلحة النارية والذخيرة على نطاق واسع، حيث ظلت المؤسسة الحاكمة، التي حكمت منذ الحرب الأهلية التي استمرت بين عامي 1975 و1990، مسلحة بشكل كبير.
وقال المصدر الأمني إن إحدى النقاط المثيرة للقلق الكثيرة هي أن “كل الأطراف المسلحة في لبنان تقريباً تشتري الأسلحة المهربة”.
ولقد أدت حرب إسرائيل، إلى جانب تراجع قوة حزب الله، إلى إثارة المخاوف من اندلاع صراع داخلي في لبنان، حيث قد تحاول جماعات مسلحة أخرى تحدي هيمنة حزب الله. ولقد حذر المسؤولون الأميركيون الذين شاركوا في التوسط في وقف إطلاق النار من أن احتمال اندلاع حرب أهلية لا يمكن استبعاده.
ومن ناحية أخرى، كان الساسة اللبنانيون يراقبون انهيار النظام السوري بقلق بالغ. فقد غزت سوريا لبنان في عام 1976 خلال السنوات الأولى من الحرب الأهلية اللبنانية، وحافظت على احتلالها ومارست نفوذاً عسكرياً وسياسياً كبيراً لمدة تقرب من ثلاثين عاماً قبل أن تُرغَم على الخروج منه في عام 2005.
على مدى عقود من الزمان، ظل النظام السوري متمسكاً بقبضته القوية على الشؤون اللبنانية، وتغلغل في كل جوانب الحياة تقريباً. فكانت المناصب العليا في لبنان تذهب إلى حلفاء دمشق فقط، وكان المعارضون معرضين للاغتيال، وكان العديد من مسؤولي النظام السوري يمتلكون عقارات في لبنان.
وقال مصدر أمني لبناني آخر إن “الوضع في سوريا مخيف ونحن نتوقع صراعات داخلية وهذا مصدر قلق بالنسبة لنا”، مضيفاً أن “بعض رؤساء الأجهزة الأمنية الذين يشرفون على المعابر الحدودية مع سوريا والذين كانت لهم علاقات جيدة مع النظام السوري تم استبدالهم بآخرين لتجنب أي تعقيدات”.
وأشار المصدر إلى أنه في حين لم يصدر أي إعلان رسمي بشأن انتقال أي شخصيات من النظام السوري إلى لبنان بعد سقوط دمشق، فإن احتمال وجود بعضهم في لبنان “ليس مستحيلاً تماماً”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=69782