تعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية حدثًا حاسمًا لا تؤثر فقط على السياسة الداخلية، بل يمتد تأثيرها ليشمل الاقتصاد السعودي تحديدا والعالمي.
مع اقتراب يوم الانتخابات في 5 نوفمبر، يبرز الاختلاف بين المرشحين، نائب الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب، في سياساتهم الاقتصادية وأثرها المحتمل على المملكة العربية السعودية.
ومن المتوقع أن يكون تأثير الانتخابات الأمريكية على الاقتصاد السعودي في عام 2025 محدودًا، ولكن الاختلافات السياسية بين المرشحين قد تؤدي إلى نتائج طويلة الأمد.
وتعتبر العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية وثيقة للغاية، خاصة من خلال سوق النفط العالمي، حيث يعتمد الاقتصاد السعودي بشكل كبير على الطلب الأمريكي على النفط.
وهناك أربع مجالات رئيسية للاختلاف في السياسات الاقتصادية بين هاريس وترامب:
السياسة المالية: يقترح كل من المرشحين مبادرات مالية جديدة مكلفة، مع تجاهل التحديات المالية طويلة الأمد، بينما تقدم هاريس مزيجًا من تخفيضات الضرائب وزيادات الضرائب على الأغنياء، يركز ترامب على تخفيضات الضرائب للأفراد والشركات، ومن المتوقع أن تؤدي سياسات ترامب إلى زيادة أكبر في الدين الحكومي الفيدرالي مقارنة بهاريس.
السياسة النقدية: تعهدت هاريس باحترام استقلالية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بينما كان ترامب ينتقد سياسات الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يؤثر على مصداقية السياسة النقدية الأمريكية في الأسواق العالمية.
سياسة الطاقة: ينتهج ترامب سياسة تدعو إلى زيادة إنتاج الوقود الأحفوري، بينما تدعم هاريس تطوير الطاقة النظيفة، فقد تؤثر هذه الاختلافات في سياسة الطاقة على إنتاج النفط الأمريكي وبالتالي على الطلب العالمي.
سياسة التجارة والاستثمار الأجنبي: من المحتمل أن تستمر هاريس في نهج التجارة الحالي للإدارة السابقة، بينما يسعى ترامب إلى زيادة التعريفات الجمركية، مما قد يؤدي إلى حرب تجارية عالمية تؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي.
أما عن الانعكاسات على النمو الاقتصادي الأمريكي، فمن الصعب التنبؤ بكيفية تأثير السياسات المقترحة من قبل المرشحين على الاقتصاد الأمريكي، وغالبًا ما تبقى الوعود الانتخابية مجرد وعود، حيث قد يتراجع الفائز عن بعض السياسات أو يواجه عقبات من الكونغرس، ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن إدارة هاريس قد تكون أفضل للنمو الاقتصادي على المدى القريب، بينما قد تؤدي سياسات ترامب إلى تصعيد التوترات التجارية.
من جهة أخرى إن الطلب على النفط هو القناة الرئيسية التي يمكن أن تؤثر من خلالها الانتخابات الأمريكية على الاقتصاد السعودي، أي تغير في النمو الاقتصادي الأمريكي بعد الانتخابات سيؤثر بشكل مباشر على الطلب على النفط، مما قد يؤثر على أسعار النفط وإنتاج السعودية.
كما أن السياسة النقدية والمالية في الولايات المتحدة ستؤثر على السعودية، حيث تتبع أسعار الفائدة في المملكة حركة الأسعار في الولايات المتحدة بسبب ربط عملتها بالدولار.
وفي السياق فإن إحدى التحديات الكبرى المترتبة على الانتخابات هي زيادة الدين الحكومي الأمريكي، والذي من المتوقع أن يرتفع بشكل كبير بغض النظر عن الفائز.
هذا الأمر قد يؤدي إلى زيادة مخاوف المستثمرين بشأن استدامة الدين، مما قد يؤثر على مصداقية السياسة النقدية الأمريكية.
كما أن العلاقات السعودية الأمريكية تتطلب حذرًا في التعامل مع الصين، حيث تعتبر المملكة مهتمة بتطوير صناعاتها التكنولوجية والعسكرية، وقد تؤدي المخاوف الأمريكية بشأن الأمن إلى قيود على الصادرات التكنولوجية، مما يشكل تحديًا للسعودية في تحقيق أهداف رؤية 2030.
إن الانتخابات الأمريكية لها تأثيرات واسعة على الاقتصاد السعودي، فعلى الرغم من أن التأثير المباشر قد يكون محدودًا في عام 2025، إلا أن الاختلافات في السياسات الاقتصادية بين المرشحين قد تؤدي إلى نتائج طويلة الأمد تؤثر على العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والسعودية.
ويتعين على المملكة أن تظل مرنة في مواجهة هذه التغيرات، وأن تستمر في جهودها لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=68639