اتهامات للإمارات ب”غسل السمعة عبر الرياضة” باستضافة دوري NBA

سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على تصاعد الاتهامات لدولة الإمارات ب”غسل السمعة عبر الرياضة” باستضافة دوري NBA الأمريكي لكرة السلة.

 

وبحسب الصحيفة تُجري الرابطة الوطنية لكرة السلة (NBA) مباريات تمهيدية في الإمارات العربية المتحدة منذ ثلاث سنوات. وبينما تدعي الرابطة أن تأثيرها إيجابي، يقول المنتقدون إنها تساعد في تلميع صورة نظام قمعي.

 

في بداية هذه الرحلة السنوية الثالثة إلى أبوظبي، أمسك نجم بوسطن سيلتيكس، جايليان براون، بالميكروفون وقال بحماس: “السلام عليكم، أبوظبي!” مما أثار تصفيق الحشد.

 

وقد كان ذلك جزءًا من جهود الرابطة لتعزيز وجودها في المنطقة، حيث زار اللاعبون مواقع ثقافية، والتقت فرق العمل بشركاء أعمال، وتم عرض أعمال الرابطة مع الأطفال، خاصة الفتيات.

 

لكن، وفي ظل هذا الحدث، يبرز التساؤل حول الأخلاقيات عندما تتعاون الشركات مع دول مثل الإمارات التي تُحكم بنظام أوتوقراطي وتفرض قيودًا على حرية التعبير والصحافة، وتدعم حروبًا مدمرة.

 

ووفقًا لجماعات حقوق الإنسان، فإن انتقاد الحكومة أو قادتها قد يؤدي إلى عقوبات قاسية، بالإضافة إلى ظروف عمل قاسية وغير إنسانية في بعض الأحيان.

 

مع توسع الرابطة الوطنية لكرة السلة عالميًا، واجهت انتقادات حول شراكاتها مع حكومات قمعية، بما في ذلك الصين ورواندا والإمارات، حيث تتهمها منظمات حقوقية بأنها تساعد في تشتيت الانتباه عن انتهاكات هذه الأنظمة.

 

كما أن هذه الانتقادات ليست موجهة فقط إلى الـ NBA، بل إلى العديد من الفعاليات الرياضية والترفيهية العالمية التي أُقيمت في المنطقة مؤخرًا، مثل كأس العالم للفيفا، وسباقات الفورمولا 1، وحفلات النجوم العالميين.

 

ويرى المعارضون أن هذه الفعاليات تساعد في تحسين صورة هذه الأنظمة القمعية، وهي ممارسة تعرف ب”غسل الرياضة”.

 

وفي تصريحاته حول الموضوع، قال آدم سيلفر، مفوض الرابطة الوطنية لكرة السلة، إن الرابطة تستشير وزارة الخارجية الأمريكية قبل دخول أي بلد جديد، وأن الوزارة تدعم وجود الـ NBA في الإمارات، وهي حليف للولايات المتحدة.

 

وأضاف: “نعتقد أن قيمنا الأمريكية تنتقل معنا حول العالم عندما نكون على الأرض، ونرى أن الانخراط في هذه المجتمعات له تأثير إيجابي، وأن الانسحاب أو تجنب هذه الأسواق لن يكون مفيدًا”.

 

وقد حضرت المباراة أيضًا سفيرة الولايات المتحدة في الإمارات، مارتينا سترونغ، وأعربت عن فخرها بشراكة الـ NBA في أبوظبي، قائلة إن التزام الرابطة بقيم التعاون والرياضة والتنوع يعزز الشراكة العابرة للحدود والثقافات.

 

ورغم التقدم الذي أحرزته الإمارات في تعزيز حقوق المرأة مؤخرًا، وتعديل بعض القوانين المتعلقة بالتمييز بين الجنسين، إلا أن جماعات حقوق الإنسان لا تزال ترى أن البلاد تفرض قوانين قاسية ضد العلاقات الجنسية بين المثليين، رغم أنها لا تطبق عادة، وفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية.

 

كما يرى العديد من المراقبين أن توسع الـ NBA في الشرق الأوسط يتماشى مع رغبة الحكومات في المنطقة في تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط والغاز، واستثمار مليارات الدولارات في الرياضة.

 

وتُعد هذه السوق مربحة للغاية للرابطة الوطنية لكرة السلة، خاصة مع الرعايات التي تتلقاها من كيانات إماراتية وصناديق الثروة السيادية التي يُسمح لها بشراء حصص صغيرة في فرق الرابطة.

 

وتستفيد الـ NBA من المشاركة في أسواق الشرق الأوسط لزيادة الوعي بالعلامة التجارية وبناء قاعدة جماهيرية أكبر، حيث أشارت الرابطة إلى أن نسبة المشاركة في كرة السلة قد نمت بنسبة 60% في الإمارات و54% في الشرق الأوسط منذ عام 2022، وهو العام الذي بدأت فيه الرابطة بإقامة مباريات هناك.

 

وتسعى فرق مثل بوسطن سيلتيكس ودنفر ناغتس للاستفادة من هذه الرحلات لتعزيز التواصل مع المشجعين في المنطقة.

 

على سبيل المثال، وقّع فريق سيلتيكس اتفاقية رعاية مع “تجربة أبوظبي”، وهي جزء من دائرة الثقافة والسياحة، تم بموجبها تدشين ملعب كرة سلة في أبوظبي خلال رحلتهم. كما زار الفريق مسجد الشيخ زايد الكبير وبيت العائلة الإبراهيمية، الذي يضم مسجدًا وكنيسًا وكنيسة، في إطار تعزيز التسامح الديني.

 

في الوقت نفسه، زار فريق دنفر ناغتس مواقع ثقافية في أبوظبي وأمضى بعض لاعبيه، مثل العملاق دياندري جوردان، وقتًا في ركوب الجمال في الصحراء.

 

وهذا النوع من الرحلات يُعتبر فرصة ليس فقط للتفاعل مع الجمهور، ولكن أيضًا لتعريف اللاعبين على ثقافات جديدة وزيادة الوعي بالعلامة التجارية للفريق في الأسواق العالمية.

 

على الرغم من هذه الجهود لتعزيز التفاهم الثقافي وجذب الجماهير، إلا أن الانتقادات الموجهة للـ NBA حول “غسل الرياضة” لم تختف.

 

كما يظل السؤال مطروحًا حول ما إذا كانت مثل هذه الفعاليات الرياضية في الدول ذات السجلات الحقوقية السيئة تأتي بفوائد حقيقية أو تسهم في تلميع صورة هذه الأنظمة.

 

في النهاية، ترى الرابطة أن لها دورًا إيجابيًا من خلال الترويج لقيم التعاون والشراكة عبر العالم. كما تقول إن الحضور في مثل هذه الدول قد يساهم في تغيير إيجابي، بدلًا من تجنب التعامل معها.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.