وزير الخارجية السعودي: حل الدولتين أصبح أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود أن حل الدولتين للصراع الفلسطيني العربي أصبح أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى في خضم ذروة التصعيد الذي يجتاح الشرق الأوسط.

وقال بن فرحان في مقال رأي نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إنه في مواجهة المأساة المستمرة في غزة، من الضروري أن ندرك الحاجة إلى وقف إطلاق النار الفوري ويجب أن تنتهي دورة العنف المتواصلة.

وأضاف أن شن الحرب بينما تتجه المنطقة إلى دورة تصعيدية خطيرة أمر سهل، فيما يتطلب خفض التصعيد وإيجاد الطريق نحو السلام الدائم وسط الخراب واليأس الشجاعة والقيادة.

وأكد بن فرحان أنه حان الوقت للانطلاق في السير على طريق لا رجعة فيه نحو الحل، وهو الطريق الذي يتوج بدولتين مستقلتين فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنبًا إلى جنب.

وقال “تلتزم السعودية منذ فترة طويلة بالسعي إلى حل عادل لهذا الصراع، وقد أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مؤخرًا التزامنا بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وأكد أن “القضية الفلسطينية في طليعة اهتمامات المملكة العربية السعودية”، وأدان بشدة جرائم إسرائيل وتجاهلها للقانون الدولي”.

وأضاف “ستعمل السعودية بلا كلل من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية ولن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون هذا الشرط”.

وشدد على أن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة هو الذي سيحقق العوائد التي نسعى إليها والمتمثلة في الاستقرار الإقليمي والتكامل والازدهار.

وتابع الوزير السعودي “إن حل الدولتين ليس مجرد فكرة مثالية؛ بل إنه المسار الوحيد القابل للتطبيق لضمان أمن فلسطين وإسرائيل والمنطقة على المدى الطويل”.

ونبه إلى أن دورات التصعيد غير المنضبطة تشكل اللبنات الأساسية لحرب أوسع نطاقاً ونشهد هذا بأعيننا في لبنان، ولا يمكن بناء السلام على أساس الاحتلال والاستياء؛ فالأمن الحقيقي لإسرائيل سيأتي من الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ومن خلال تبني حل يسمح للشعبين بالتعايش في سلام، يمكننا تفكيك دائرة العنف التي أوقعت الجانبين في الفخ لفترة طويلة للغاية.

وقال “من الضروري أن نفهم أن العقبات الحقيقية أمام السلام ليست الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يتوقون إلى الاستقرار والتعايش، بل المتطرفين ومحبي الحرب على الجانبين الذين يرفضون الحل العادل ويسعون إلى نشر هذا الصراع في جميع أنحاء منطقتنا وخارجها”.

وأضاف أنه “لا ينبغي لهؤلاء المتطرفين أن يقوموا بإملاء مستقبل شعوبنا أو يفرضوا الحرب عليهم، ولابد أن ترتفع أصوات الاعتدال فوق ضجيج الصراع، ومن مسؤوليتنا الجماعية أن نضمن سماعها”.

وتابع “لقد شهدنا مثابرة السلطة الفلسطينية في الحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية المحتلة على الرغم من العقبات التي لا هوادة فيها، ولا بد من دعم التزامها بعدم العنف والتعاون”.

وذكر أنه “لا يمكن التوصل إلى حل دائم دون أن تكون غزة والضفة الغربية المحتلة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، وقد أصبح من الواضح منذ فترة طويلة أن الدفاع عن النفس ليس الهدف الأساسي لإسرائيل في هذه الحرب بل يبدو أن الهدف هو القضاء على الظروف اللازمة للحياة بأي قدر ضئيل من الكرامة لعقود قادمة”.

واعتبر بن فرحان أن اسرائيل تخلق واقعًا يقلل من احتمالات قيام دولة فلسطينية ذات سيادة، من خلال مواصلة الهجوم على غزة الذي أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، وفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، ونزوح ما يقرب من مليوني شخص، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وفرض القيود على الحركة.

وقال إن تعنت إسرائيل “لا يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات وتآكل الثقة، مما يجعل المفاوضات الدبلوماسية صعبة بشكل متزايد، ويطيل معاناة الجانبين ويدفع المنطقة نحو الاقتراب من حرب أوسع نطاقًا”.

وشدد على أن الحق في تقرير المصير هو حق غير قابل للتصرف، وهو ليس فقط حقًا يستحقه الشعب الفلسطيني، بل هو حق له كامل الأهلية في الحصول عليه.

وقال لقد عمل دبلوماسيونا بلا كلل جنباً إلى جنب مع آخرين لضمان الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة على مستوى العالم، وأحث الدول التي أعربت سراً عن استعدادها للقيام بذلك على اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة علناً، والآن هو الوقت المناسب للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ.

وأضاف “لكن مجرد الاعتراف بفلسطين ليس كافياً بل يتعين علينا أن نطالب بمزيد من المساءلة بما يتماشى مع آراء محكمة العدل الدولية، وهذا يشمل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وفرض تدابير عقابية ضد أولئك الذين يعملون على تقويض الدولة الفلسطينية، وتقديم الحوافز لأولئك الذين يدعمونها”.

وأكد أن هناك تحالفا عالميا من أعضاء الأمم المتحدة والمنظمات الدولية يدعم الآن الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف إطلاق النار الدائم، والإفراج عن الرهائن والمعتقلين، ومعالجة المعاناة الإنسانية لأولئك في غزة، وسوف يسعى هذا التحالف إلى تعزيز التدابير الملموسة لدعم القانون الدولي، وإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين في إطار جدول زمني واضح.

وختم وزير الخارجية السعودي بأن “الدولة الفلسطينية شرط أساسي للسلام، وليس نتيجة ثانوية له، وهذا هو المسار الوحيد الذي يمكن أن يقودنا للخروج من دائرة العنف هذه وإلى مستقبل حيث يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين العيش في سلام وأمن واحترام متبادل. دعونا لا نتأخر أكثر من ذلك”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.