تحقيق سويدي: الإمارات مصدر لأشهر حسابات التحريض على المسلمين في أوروبا

كشف تحقيق أجراه التلفزيون السويدي (SVT) أن دولة الإمارات تمثل مصدرا لأشهر حسابات التحريض على المسلمين والمهاجرين من دول عربية وإسلامية في أوروبا.

وتناول التحقيق أحد أكبر حسابات التحريض ضد المسلمين والتي توفر ملايين المشاهدات ومن ثم نشرها لحسابات تحريضية أخرى، وخلص إلى أن الحساب يُدار ويبث فيديوهاته وتم إنتاجها بالكامل من الإمارات.

وذكر التحقيق أن حساب “X-account Europe Invasion” المعروف بشدة بمعاداته للمسلمين الأجانب في أوروبا وينشر معلومات مضللة حول مقتل فتاة في لاندسكرونا، ربما يرفع لواء غرض كسب المال، لكنه في الواقع ممول ومدار إماراتيا.

وكشفت مراجعة التحقيق للبصمة الرقمية للحساب إلى شبكة من الحسابات المجهولة، وزوجين من رواد الأعمال الأتراك في دبي، ووكالة إعلانات مزعومة.

خلال صيف عام 2024، لوحظ أن حساب “Europe Invasion” ينشر محتوى معادٍ للأجانب على نطاق واسع على X.

ومنذ يونيو/حزيران، زاد عدد متابعي الحساب بنحو 300 ألف متابع، وفقًا لشركة التحليل Social Blade ، ووصل إلى الملايين من خلال، من بين أمور أخرى، نشر معلومات كاذبة مفادها أن المهاجرين المسلمين كانوا وراء مقتل إميليا البالغة من العمر 14 عامًا في لاندسكرونا و ثلاث فتيات في ساوثبورت في بريطانيا العظمى.

وربط التحقيق حساب Europe Invasion بحساب آخر، والذي كان ينشر سابقًا نفس النوع من المحتوى المعادي للأجانب تحت اسم Daily Reports.

وأبرز أنه من المحتمل أن يتم تشغيل كلا الحسابين المذكورين بواسطة نفس المشغل وجهة التمويل وهي الإمارات.

والحسابات موجودة منذ أكثر من عشر سنوات. يُظهر التاريخ من قاعدتي بيانات أنهما غيرا الاسم والتركيز عدة مرات، ومن المحتمل أن كلاهما شاركا منشورات باللغة التركية من ربيع 2023 إلى فبراير 2024.

ثم تمت إزالة محتوى الحسابات وبدأوا في نشر محتوى معادٍ للأجانب باللغة الإنجليزية. ومنذ ذلك الحين، قاما بمشاركة محتوى بعضهما البعض وتضخيمه في مئات المناسبات.

ومن المحتمل أن الحسابات استمرت في تشغيلها من قبل ممثل ناطق باللغة التركية حتى بعد تغيير اللغة إلى الإنجليزية.

وهناك عدة طرق لكسب المال على حساب X، إذا تم نشر ما يكفي من المحتوى الجذاب، فيمكنك، على سبيل المثال، الحصول على حصة من عائدات الإعلانات.

يقوم سوهان دسوزا بالبحث في المعلومات المضللة، وقد قام بمراجعة الحسابات مسبقًا وتمكن من الوصول إلى نتائج التحقيق.

وبحسب التحقيق يبدو أن الهدف هو تحفيز التفاعل مع هذا النوع من المحتوى. ويقول إن هذا ربما يكون أمرًا مدرًا للدخل، وربما يكون مصحوبًا بهدف أيديولوجي.

وتشير النتائج إلى أن غزو أوروبا كان مدفوعًا جزئيًا على الأقل بأسباب مالية مصدرها الإمارات.

ويتفاخر القائمون على حساب Europe Invasion بحجم الأموال التي يتم جنيها من منصة X، وقد طلبوا التبرعات في عدة مناسبات.

وسبق أن ناقش تقرير أمريكي نشرته مجلة “فورين بوليسي” واسعة الانتشار دور السياسات الإماراتية في تأجيج العنف بحق المسلمين في الغرب، وتصاعد خطاب الكراهية بحقهم.

واشارت المجلة الى تحذير وزير خارجية الإمارات العربية  عبد الله بن زايد، في عام 2017، من الإسلاميين في أوروبا، وقال:” سيأتى يوم نرى فيه المتطرفين والإرهابيين أكثر تطرفا في أوروبا بسبب انعدام اتخاذ القرارات، ومحاولات البقاء على نقطة” الصواب السياسي”، أو أفتراض أنهم يعرفون الشرق الأوسط، أو يعرفون الإسلام، أو يعرفون عن الآخرين أكثر مما نعرف.

ووصلت تصريحات الوزير الإماراتي إلى حد القول أن قادة أوروبا سيواجهون مستقبلا التطرف الإسلامي إذا استمروا في التسامح مع وجود ما سماه بـ المتطرفين الراديكاليين والارهابيين باسم حقوق الإنسان وحرية التعبير والديمقراطية، وقال:” أنا أسف، ولكن هذا جهل خالص”.

وأوضحت ” فورين بوليسي” أن هذا مثال واحد على اتجاه غالبا ما يتم تجاهله: مسؤولية الحكومات العربية والإسلامية في تأجيج الكراهية المعادية للمسلمين كجزء من حملتهم لمحاربة المعارضة في الداخل والخارج، من خلال تبرير القمع واسترضاء الجماهير الغربية، وقد أقامت بعض هذه الانظمة ومؤيديها تحالفاً غير رسمي مع الجماعات المحافظة واليمينية وشخصيات من الغرب مكرسة لدفع التعصب المناهض للإسلام.

وجاء في التقرير أن الإمارات تنفق ملايين الدولارات على مؤسسات الفكر والرأي والمؤسسات الأكاديمية ومجموعات الضغط لتشكيل التفكير في العواصم الغربية حول النشطاء السياسيين المحليين المعارضين لحكمهم، وغالبيتهم من المتدينين، وكان مجال مكافحة التطرف هو الجبهة المثالية للرواية المفضلة للحكومات الإقليمية: فهي تثير التعاطف من الغرب من خلال الزعم بأنها تعاني ايضا من غدر الجهاديين المتطرفين، وتعرض العمل معا للقضاء على الجذور الأيديولوجية للتهديد الإسلامي.

التحريض الإماراتي ضد مسلمي أوروبا لم يتوقف عند عبد الله بن زايد، بل تجدد من خلال تصريح لوزير التسامح فيها، نهيان بن مبارك آل نهيان، لوكالة الأنباء الألمانية، في 15 نوفمبر 2017، من خلال ربطه تطرّف بعض المسلمين في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا بعدم وجود رقابة كافية من السلطات على المساجد والمراكز الإسلامية.

وزعم الوزير الإماراتي في حينها أن “إهمال الرقابة على المساجد في أوروبا أدى إلى وقوع هجمات إرهابية هناك، ولا يجوز فتح المساجد ببساطة هكذا، والسماح لأي فرد بالذهاب إلى هناك وإلقاء خطب، ويتعين أن يكون هناك ترخيص بذلك”.

وقال الوزير الإماراتي: “نعتقد أنه يتعين حدوث شيء في أوروبا؛ إذ إن تلك الدول كانت حسنة النية عندما سمحت لهؤلاء الناس بإدارة مساجدهم ومراكزهم الخاصة”. وطالب بتدريب القادة الدينيين من خلال الإمارات، وضرورة حصولهم على تراخيص قبل إلقاء خطب في المساجد، مشيراً في ذلك إلى أنه لا يمكن لأحد في أوروبا أن يذهب إلى كنيسة ويخطب فيها ببساطة.

وقوبل تحريض الوزير الإماراتي وقتها برفض حقوقي من قبل المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، الذي اعتبرته محاولة يائسة لتحويل المساجد في أوروبا إلى مراكز أمنية تخدم أجندات إماراتية، وأن تصريحات الوزير الإماراتي تمثل تحريضا على المسلمين في الغرب.

وبينت المنظمة أن المساجد في أوروبا تخضع لأنظمة صارمة كباقي الجمعيات والمؤسسات هناك، وتحرص إدارة المساجد على أداء رسالتها وفقاً لتعاليم الإسلام السمحة.

وحذرت المنظمة دول الاتحاد الأوروبي من الاستجابة لطلب الوزير الإماراتي بتدريب الأئمة في دولة الإمارات؛ حتى لا تتحول المساجد في أوروبا إلى مراكز أمنية للتجسس تعمل لصالح أبوظبي.

ودعت المنظمة حكومات الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة إبعاد الإمارات عن الشأن الإسلامي والعربي في أوروبا، معتبرة أبوظبي وأجهزتها الأمنية مسؤولة عن جرائم في الشرق الأوسط أدّت إلى تفجير العنف والإرهاب.

وبينت المنظمة أن المساجد في أوروبا تخضع لأنظمة صارمة كباقي الجمعيات والمؤسسات في أوروبا، وتحرص إدارة المساجد على أداء رسالتها وفقا لتعاليم الإسلام السمحة.

وفي في مارس/ آذار 2015، كشف نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد في ذلك الوقت زيغمار غابرييل، أن محمد بن زايد آل نهيان طلب منه عدم التغافل عن الشباب المسلم في المساجد الألمانية، ونصح بتشديد الرقابة عليهم.

وأضاف محمد بن زايد أنه “يتعين على المجتمع الألماني أن يكون متيقظا لمن يخطب في المساجد، وماذا يخطب؟، ولا يجوز أن يكون خطباء من باكستان أو أي دولة معينة في الأرض هم الخيار الوحيد أمام المسلمين في ألمانيا للاستماع إليهم”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.