أكد الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة أن المملكة العربية السعودية تعتقل عوض بن محمد القرني تعسفيا، وطالبها باتخاذ الخطوات اللازمة لتصحيح وضعه، وجعله متوافقا مع المعايير الدولية.
وفي رأي تبناه في سبتمبر 2023، ونشره في أكتوبر 2023، اعتبر الفريق العامل أنه مراعاة لجميع ملابسات القضية فإن الحل المناسب هو إطلاق سراح القرني فورا ومنحه حقه في التعويض. كما حث رأي الفريق الحكومة السعودية على محاسبة المسؤولين عن انتهاك حقوقه.
الفريق العامل أوضح أنه تلقى معلومات عن قضية القرني من مصدر كما تلقى ردا من الحكومة السعودية، وأشار إلى أن الرد الرسمي عمد إلى تكرار تأكيد اتباع الاجراءات القانونية، وهذا ما لا يكفي لدحض ادعاءات المصدر.
كما شدد الفريق العامل أن الدول ملزمة باحترام وحماية وإعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك الحرية الشخصية.
وقال إن أي قانون وطني يسمح بالحرمان من الحرية ينبغي أن يتم وضعه وتنفيذه بما يتفق مع المعايير الدولية ذات الصلة المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من الصكوك الدولية والإقليمية المعمول بها.
وبالتالي، حتى لو كان الاحتجاز متوافقًا مع التشريعات واللوائح والممارسات الوطنية، يحق للفريق العامل تقييم ظروف الاحتجاز والقانون نفسه لتحديد ما إذا كان هذا الاحتجاز يتوافق أيضًا مع الأحكام ذات الصلة من القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وبين رأي الفريق أسباب اعتبار اعتقال القرني تعسفيا، بعد تحليل المعلومات التي وصلته من المصدر والرد الرسمي من السعودية.
الفئة الأولى: عدم وجود أساس قانوني
أكد الفريق العامل أنه لكي يكون الحرمان من الحرية مبرراً، يجب أن يكون له أساس قانوني، ولا يكفي أن يكون هناك قانون أو ممارسة وطنية تسمح بالقبض على المشتبه فيه واحتجازه.
وأشار إلى أن عدم تقديم أسباب الاعتقال فور حصوله، يشكل انتهاكاً للمادتين 3 و9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فضلاً عن المبدأ 10 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الخاضعين للمحاكمة.
وأكد أن إشارة السعودية في ردها على المعلومات بأن هناك نص قانوني يبرر الاعتقال غير كاف، حيث لم يتم شرح التهم له فور الاعتقال ولا الأسباب.
وفي ظل هذه الظروف، لم يتمكن القرني، بحسب الرأي، من الطعن في شرعية احتجازه أمام سلطة قضائية مستقلة، في انتهاك للمواد 8 و9 و10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولهذه الأسباب، رأى الفريق العامل أن الحكومة فشلت في إرساء أساس قانوني لاحتجازه، مما يجعل احتجازه تعسفياً في إطار الفئة الأولى.
الفئة الثانية: اعتقال ناجم عن ممارسة الحقوق أو الحريات
أشار الفريق العامل إلى أن حرية الرأي والتعبير هي حق أساسي من حقوق الإنسان ومكرس في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. يجب على الحكومات أن تحترم وتحمي وتنفذ حق الأفراد في اعتناق الآراء والتعبير عنها، بما في ذلك تلك التي لا تتفق مع سياستها الرسمية، وفي التفكير وإظهار معتقدات شخصية تتعارض مع أيديولوجيتها الرسمية.
وأوضح الفريق أن السعودية لم تقدم أي دليل على أن منشورات القرني على وسائل التواصل الاجتماعي، التي استندت عليها التهم، تنطوي على العنف أو تحرض الآخرين على التصرف بطريقة عنيفة.
بناء على ذلك، رأى الفريق العامل أن القرني كان يمارس حقوقه بطريقة سلمية وأن سلوكه يقع ضمن حدود حرية الرأي والتعبير التي تحميها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولا يمكن اعتبار حرمانه من الحرية متسقاً مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولذلك فإن احتجازه تعسفي ويندرج ضمن الفئة الثانية.
الفئة الثالثة: عدم التقيد كلياً أو جزئياً بالقواعد الدولية المتصلة بالحق في محاكمة عادلة
نظراً للنتيجة التي توصل إليها الفريق العامل بأن احتجاز القرني هو احتجاز تعسفي ضمن الفئة الثانية، أكد على أنه لم يكن ينبغي إجراء أي محاكمة. ومع ذلك، كما أشار المصدر، في 6 سبتمبر 2018، بدأت المحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة وطلب الادعاء عقوبة الإعدام. والمحاكمة مستمرة منذ خمس سنوات.
الفريق العامل لاحظ أن الحكومة اعترفت في ردها باعتقال واحتجاز القرني ومثوله بعد ذلك أمام المحكمة، لكنها لا تشير إلى الفترة الممتدة من اعتقاله إلى مثوله أمام سلطة قضائية، وخاصة كونه ظل رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة لأكثر من خمس سنوات، دون أن تقدم الحكومة أي مبرر مفصل أو كاف لهذا التأخير.
وأشار الفريق العامل إلى استنتاجه بأن القرني تعرض للاختفاء القسري لعدة أسابيع بعد إلقاء القبض عليه، ولم تقدم الحكومة أي معلومات مفصلة لدحض ادعاءات المصدر المحددة، ولذلك يعتبر ادعاءات المصدر ذات مصداقية ومضمونة.
ورأى الفريق أن حرمان القرني من المشورة القانونية ينتهك حقه في الحصول على المساعدة القانونية كجزء من حقه في محاكمة عادلة.
الفريق العامل خلص إلى أن انتهاكات الحق في محاكمة عادلة من الخطورة بحيث تجعل احتجاز السيد القرني تعسفياً ضمن الفئة الثالثة.
الفئة الخامسة: الاعتقال على أساس تمييزي
أشار رأي الفريق إلى أن المصدر أوضح أن اعتقال القرني تم في سياق سياسي خاص، مع حملات قمع متتالية شنتها السلطات على حرية التعبير.رداً على ذلك، قالت الحكومة أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون وبموجبه ويحق لهم، دون تمييز، الحصول على الحماية والمزايا المتساوية التي يوفرها القانون.
ولاحظ الفريق العامل أن الحكومة اكتفت بتقديم بيانات عامة عن قوانينها، وهي بيانات غير كافية لتبديد الادعاءات الموثوقة التي قدمها المصدر.
ولذلك يخلص الفريق العامل إلى أن السيد القرني محتجز لأسباب تمييزية، أي على أساس آرائه السياسية والدينية.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن استمرار تهديد حياة الداعية عوض القرني بالإعدام على الرغم من تأكيد رأي الفريق العامل التابع للأمم المتحدة أن أصل اعتقاله تعسفي، يؤكد حقيقة تعامل الحكومة السعودية مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان.
ونبهت المنظمة إلى أن تحليل الفريق العامل لقضية القرني والمعلومات الواردة من المصدر يثبت الاستخدام السياسي لعقوبة الإعدام في السعودية، وخاصة في القضايا التي يواجه المعتقلون فيها تهما لا تعتبر من الأشد خطورة في القانون الدولي. وتوضح المنظمة إلى أنه بحسب تتبعها، يواجه 64 معتقلا إلى جانب القرني، أحكاما بالإعدام بتهم مشابهة ليست من الأشد خطورة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=66098