في مقدمتها الإمارات.. أنظمة عربية تريد هزيمة المقاومة الفلسطينية

ما تكشفه الوقائع على الأرض أن إسرائيل وحلفاءها الغربيين ليسوا هم فقط من يتمنون هزيمة المقاومة الفلسطينية وسحقها، إذ هناك أكثر من نظام عربي (في مقدمتهم في الإمارات) يصلي في الخفاء، ليل نهار لتتحقّق هذه الهزيمة في أقرب وقت.

وتعيش الإمارات منذ بدء عملية طوفان الأقصى، على أعصابها وهي تنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تستيقظ فيه وتجد أن حركات المقاومة الفلسطينية، وخصوصاً رأسها الضارب “حماس” قد سُحقَت نهائياً!

بعض أسباب هذا الحقد الإماراتي الرسمي على حركة المقاومة الفلسطينية، نقرأه في مقال كتبه المبعوث الأميركي الأسبق إلى الشرق الأوسط، دينيس روس، في صحيفة نيويورك تايمز، ونقل فيه ما سمعه من مسؤولين عرب في مختلف أنحاء المنطقة، قال إنه يعرفهم منذ فترة طويلة، وتحدثوا إليه على انفراد، ونقل عن أحدهم، من دون أن يذكر اسمه، قوله له: “لا بد من تدمير حماس في غزّة”.

قبل أن يوضح له أن انتصار حركة حماس “سيُضفي الشرعية على أيديولوجية الرفض التي تتبنّاها الجماعة، ويعطي النفوذ والزخم لإيران والمتعاونين معها، ويضع حكوماتهم في موقف دفاعي”.

وأضاف روس، الذي يوصي في مقاله بالقضاء على “حماس” وكل المقاومة الفلسطينية، مهما كلف الثمن من المدنيين الفلسطينيين، بل وحتى من عناصر الجيش الإسرائيلي، إن قلّة من الدول العربية، من بينها حتى التي تتمنى سحق المقاومة، دانت هجوم “حماس” على إسرائيل، وفي المقابل سارعت إلى إدانة إسرائيل بعد مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني في غزّة.

إذ اضطرّت الإمارات، مثلاً، التي دانت هجوم “حماس” إلى إصدار بيان تدين فيه الهجوم الإسرائيلي على المستشفى، لتلبية “مزاج الشارع” العربي، كما يقول روس الذي يعتبر أن تصرّف الأنظمة العربية يفسّره خوفها من غضب شعوبها.

ولذلك فإن أبوظبي مضطرّة، حسب روس، إلى أن تظهر أمام مواطنيها أنها تدافع عن الفلسطينيين، حتى لو على مستوى الخطاب فقط!

والخوف من غضب الشارع العربي المتعاطف والمساند للمقاومة الفلسطينية هو الذي دفع أنظمة دكتاتورية وبوليسية عربية إلى السماح، مرغمة لا بطلة، بخروج مظاهراتٍ في شوارع مدنها وقراها لتنفيس حالة الغضب والاحتقان حتى لا ينقلب ضدّها.

فأغلب هذه الأنظمة تعيش اليوم على أعصابها، وهي تراقب فوران الشارع كي لا يخرُج عن السيطرة، وهو ما يفسّر حالة الارتباك الذي يطبع تصرّفاتها عندما تتغاضى عن مظاهرات عفوية مؤيدة للمقاومة تخرج دون إذنها.

وفي الوقت نفسه، تصادر كوفية أو علماً فلسطينياً حتى لا يُرفع في تظاهرة رياضية عالمية، كما حدث أخيراً في الإمارات وفي المغرب، عندما صادرت الشرطة في البلدين كل “رموز” المقاومة الفلسطينية من مشجّعين رياضيين، تماماً كما يحدُث اليوم في دولٍ مثل ألمانيا وفرنسا مصابة برهاب الإسلاموفوبيا.

وعلى الرغم من كل محاولات احتواء الشارع العربي الغاضب، إلا أن ذلك لا يمنع من تسجيل حقيقة واضحة، هي عودة القضية الفلسطينية إلى صدارة القضايا العربية، باعتبارها القضية القادرة على توحيد (وتعبئة) الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، وهذا ما يزرع مزيداً من الخوف والتوجّس في أجهزة الأنظمة العربية، وخصوصاً المطبّعة وفي مقدمتها الإمارات.

فما يخيف هذه الأنظمة من انتصار المقاومة الفلسطينية، مرجعيتها الإسلامية التي تستمد منها قوّتها وشرعيتها، لأن في ذلك إشارة إلى أن هذه المرجعية، التي سعت الثورات المضادّة بقيادة أبوظبي للقضاء على التعبيرات السياسية التي تستمد شرعيّتها منها داخل دولها، ما زالت هي المرجعية الوحيدة القادرة على تعبئة الجماهير في الشارع العربي، وأن مشروعها لم يفشل، وإنما تجارب تطبيقه هي التي فشلت.

يضاف إلى ذلك أن خطاب المعارضة ورفض الأمر الواقع الذي تقوم عليه فلسفة المقاومة، سيجد له صدىً عند المعارضات العربية داخل بلدانها، فهو قد نجح في إسقاط جدار الخوف الذي فرضته الثورات المضادّة، ما يفسّر عودة المظاهرات الشعبية الكبيرة إلى الشارع، والدرس الذي سيبقى من انتصار المقاومة هو الذي يُعلِّم الشعوب أن إرادتها أقوى ندما تريد أن تُسمع رأيها.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.