جنيف- خليج 24| وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان شهادات وصفها ب”صادمة” لانتهاكات خطيرة ضد معتقلين فلسطينيين وأردنيين في سجون المملكة العربية السعودية.
وتشمل هذه الشهادات احتجاز هؤلاء المعتقلين في سجون السعودية تعسفيًا منذ مطلع 2019، وتعرضهم للتعذيب الجسدي والعزل والإهمال الطبي المتعمد.
وأعرب الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في تقرير موجز أصدره اليوم عن بالغ قلقه إزاء تدهور الوضع الصحي لعدد من المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين بالسجون السعودية.
وذكر أنه مضى على اعتقالهم ما يزيد على العامين دون مراعاة الإجراءات القضائية الواجبة.
وكشف المرصد الحقوقي أن أكثر من 60 فلسطينيًا وأردنيًا من المقيميين في المملكة جرى اعتقالهم من جهاز أمن الدولة السعودي.
وبين أن هؤلاء اعتقلوا بحجة توجيه دعم مالي للفصائل الفلسطينية.
وقال “تم إيداعهم في سجونٍ مختلفة من ضمنها الحائر، وذهبان، وشعار، ودمام وعسير، دون تمكينهم من حقوق الدفاع القانونية”.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ المعتقلين طلبة وأكاديميين ورجال أعمال وعاملين في مؤسسات إغاثية.
ونبه إلى أنه تم عزلهم عن العالم الخارجي لعدة أشهر، كما تم تجميد حساباتهم ومصادرة أموالهم.
وأشار إلى أنّ المعتقلين تعرّضوا لانتهاكات خطيرة داخل السجون.
وأضاف “حصلنا على شهادات من معتقلين سابقين وعائلات معتقلين حاليين توثّق تعرّضهم لظروف احتجاز قاسية”.
وقال “س.ل” (رموز تعبيرية حفاظًا على سلامته) لفريق الأورومتوسطي وهو أحد المعتقلين القلائل الذين أفرج عنهم من السجون السعودية.
وأضاف “اعتقلت لنحو 12 شهرًا في سجن الحائر، منها 3 أشهر بالعزل الانفرادي”.
وأوضح أنه “طوال مدة احتجازي لم توجه لي أي تهمة، ولم يخبرني أحد بسبب الاحتجاز، ولم أعرض على أي محكمة”.
وحول ظروف الاحتجاز، أضاف “كانت ظروف السجن صعبة للغاية”.
إذ عمدت إدارة السجن-بحسب “س.ل”- إلى تعطيل التهوية في غرف السجن وتكديسها بأكثر من طاقتها الاستيعابية.
وذكر المعتقل السابق في السعودية أنه “لم يكن مسموحًا لنا التعرّض لأشعة الشمس سوى مرة واحدة شهريًا ولمدة عشر دقائق فقط”.
وأردف “لم يكن مسموحًا الشراء من بقالة السجن سوى أشياء محدودة جدًا ومرة واحدة كل 3 أشهر”.
وكان يُسمح لنا بدخول دورة المياه لمدة دقيقتين فقط في اليوم، فضلًا عن أن كمية الطعام كانت قليلة، ونوعيته كانت رديئة للغاية”، بحسب المعتقل السابق.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنّ حملة الاعتقالات التعسفية التي شنتها السلطات السعودية في فبراير/شباط 2019 لم تكن الوحيدة.
إذ شنّت السلطات مجددًا حملة اعتقالات تعسفية مماثلة في فبراير/شباط 2020.
وطالت هذه الحملة عددًا آخر من الفلسطينيين المقيمين بالسعودية لنفس التهمة المتمثلة في جمع تبرعات لصالح المناطق الفلسطينية ودعم الفصائل.
وفي معرض شهادته للأورومتوسطي، أكّد المعتقل السابق تعرّضه للتعذيب.
وقال “تنقلت بين أقسام مختلفة مخصصة للتعذيب داخل السجن، والتقيت أيضًا بمعتقلين أخبروني بتعرّضهم للضرب والشبح والصعق بالكهرباء”.
وأخبره المعتقلون أيضا “بحرمانهم من رؤية الضوء لشهور، وكان من بينهم مرضى قلب وأمراض مزمنة”.
وفيما يتعلّق بالتواصل مع العائلة أفاد “كان يُسمح لنا بالاتصال بالعائلة مرة واحدة أسبوعيًا ولمدة عشر دقائق فقط”.
وبين أنه “كان هناك موظف يستمع إلى المكالمة بتفاصيلها كافة، دون أدنى مراعاة للخصوصية”.
ولفت الأورومتوسطي إلى أن عددًا من المعتقلين يعانون من أوضاعٍ صحية غاية في الخطورة يُخشى من تفاقمها.
خاصةً في ظل ظروف الاحتجاز المتردية التي تتصف بها السجون ومراكز الاحتجاز في المملكة.
ووثق تقرير الأورومتوسطي شهادات لعائلات معتقلين في السجون السعودية من بينهم الدكتور الفلسطيني محمد الخضري (83 عامًا).
إضافة إلى الصحفي الأردني عبد الرحمن فرحانة (64 عامًا)، واللذان تشهد حالتهما الصحية تدهورًا كبيرًا وسط إهمالٍ متعمد من سلطات السجون.
وفي إفادة حصل عليها الأورومتوسطي من عبد الماجد الخضري شقيق المعتقل محمد الخضري حول وضعه الصحي داخل المعتقل، قال “إن شقيقه يعاني من سرطان البروستاتا”.
وأكد أن شقيقه “يحتاج إلى رعاية ومتابعة طبية وصحية لا تتوفر في العيادات الطبية في السجون السعودية”.
وأضاف “نخشى من تفاقم حالته وتدهور صحته في ظل تفشي وباء كورونا”.
وأردف “بسبب الإهمال الطبي وعدم المتابعة، أصبح شقيقي يعاني من صعوبة في المشي، وسقطت بعض أسنانه”.
كما أنّه لا يستطيع تحريك يده اليمنى، ويعاني من صعوبة في المشي ما جعله يعتمد على الكرسي المتحرك”، بحسب شقيق الخضري.
وتابع “عاد الورم السرطاني إلى النمو من جديد بسبب الإهمال المتعمد وعدم وجود العلاج أو التخصص الطبي المطلوب في سجون السعودية”.
ونبه إلى أن شقيقه أدخل أخيرًا إلى عيادة السجن التي تفتقر إلى المقومات المفترض أن تكون في العيادة الطبية في الوضع الطبيعي.
لكنه أكد أنه “لم يتم تقديم أي مساعدة طبية تذكر”.
ووثق الأورومتوسطي كذلك إفادة أحد أقرباء المُعتقل الأردني عبد الرحمن فرحانة الذي تحدث فيها عن الوضع الصحي للمُعتقل بالسجون السعودية.
وقال “يعاني عبد الرحمن من عدة أمراض؛ منها الضغط والسكري وضعف تروية الدماغ، فمُنع أثناء اعتقاله من أخذ الأدوية اللازمة له”.
وأضاف “أثناء الاعتقال كُسرت نظارته الطبية التي يرتديها ما سبب ضعفا لديه في النظر”.
وأوضح أن السلطات لم تسمح سلطات السجن بعمل نظارات له حتى هذه اللحظة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن السلطات السعودية بدأت محاكمات جماعية سريّة للمعتقلين الفلسطينيين والأردنيين ب8 مارس 2020.
وذكر ان هذه المحاكمات تتم في المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض.
واستمرت المحاكمات لمدة عام كامل موزعة على 14 جلسة، بمعدل 3 إلى 5 موقوفين في الجلسة الواحدة.
ووجهت من خلالها المحكمة مجموعة من التهم للمعتقلين؛ تضمنت “الانتماء لكيان إرهابي ومساعدة كيان إرهاني وإعانته”.
وبين ان تم توجيه هذه التهم إلى المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين دون التطرق إلى أي توضيح حول ماهية هذا الكيان.
وفي 15 فبراير/شباط الماضي، عٌقدت الجلسة الأخيرة من هذه المحاكمات.
وأوضح أنه كان من المفترض أن تعقد جلسة النطق بالحكم بعد أسبوعين من الجلسة الأخيرة.
إلا أن المحكمة وبشكلٍ مفاجئ أجلت البت في القضية 4 أشهرٍ كاملة، لتصبح في 21 يونيو/حزيران القادم.
وقال أنس جرجاوي المدير الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “إن القرار بالتأجيل لم يكن مفهومًا بإطاره القانوني”.
ونبه إلى أن غير مفهوم “خاصةً أن المحاكمات استغرقت وقتًا طويلاً”.
وبين جرجاوي أنها جاءت بعد عامٍ كامل قضاه المعتقلون بالسجون دون محاكمة، ودون تمكينهم من أدوات الدفاع القانونية المكفولة لهم قانونًا.
وأضاف “جميع التهم الموجهة للمعتقلين تستند لمجموعة من المواد الواردة في نظام مكافحة الإرهاب السعودي لعام 2017”.
وأوضح جرجاوي أنه نظام يتضمن تعريفاتٍ غامضة وفضفاضة فيما يتعلق بالإرهاب والأعمال المرتبطة به.
الأمر الذي يبعث-بحسب جرجاوي- على القلق من نية السلطات السعودية استخدام هذه المواد لتجريم المتهمين.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الممارسات التعسفية ضد المحتجزين تنتهك القوانين الدولية ذات العلاقة.
كما تخالف الميثاق العربي لحقوق الإنسان والذي صادقت عليه السعودية في عام 2009.
والذي ضمن للمعتقلين الحق في الحرية والحق في التقاضي خلال مهلة معقولة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات السعودية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين.
كما دعا لتقديم الرعاية الطبية والصحية العاجلة للمرضى من المعتقلين، ووقف جميع الانتهاكات والإجراءات التعسفية بحقهم.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الفريق الأممي المعني بالاحتجاز التعسفي بالتدخل العاجل للكشف عن مصير المعتقلين والوقوف على ظروف وأسباب احتجازهم، والتحقيق في تعرّضهم لانتهاكات خطيرة داخل السجون.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=15405
التعليقات مغلقة.