مكافحة الإرهاب في خدمة منع الثورات في السعودية

يهدف قانون مكافحة الإرهاب في السعودية إلى منع انتفاضات مماثلة لتلك التي شهدتها دول عربية في إطار الربيع العربي منذ عام 2011 بحسب الناشطة الحقوقية هالة الدوسري.

وقالت الدوسري خلال ندوة حقوقية نظمها مركز الخليج لحقوق الإنسان في نيويورك، إنه تم وضع آليات جديدة لحماية سلطة الدولة في السعودية، مثل رئاسة أمن الدولة التي لا تخضع في عملها إلى القانون.

وأضافت أن “لديهم من الوسائل ما يمكنهم من مراقبة أي شخص داخل الدولة أو خارجها، ويستهدفون الأشخاص الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير، وبخاصة على تويتر”.

وتابعت “كان أول شخص يصدر حكم بحقه بموجب قانون مكافحة الإرهاب محامي حقوق الإنسان المعروف وليد أبو الخير في عام 2014.”

وأشارت الدوسري إلى أن سلمى الشهاب اعتقلت وحكم عليها عام 2022 بالسجن سبعة وعشرين عاماً (خفضت من أربعة وثلاثين عاماً) لقيامها بتقديم الدعم عبر الإنترنت إلى ناشطات على تويتر.

كذلك، صدرت بحق نورة القحطاني حكماً قضى بسجنها لمدة خمسة وأربعين عاماً بسبب نشاطها الحقوقي على الإنترنت.

وجرى تنظيم الندوة بالتعاون مع هيومن رايتس ووتش، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وتحالف المجتمع المدني لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب؛ لبحث “تأثير سياسات مكافحة الإرهاب على حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

وقال خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان، “إنَّ كون المرء مدافعاً عن حقوق الإنسان، أو صحفياً، أو حتى مواطناً يعبر عن آرائه أو يدعو إلى حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ قد أصبح أمراً محفوفاً بالمخاطر على نحو متزايد”.

وذكر إبراهيم أن الحكومات والسلطات في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمتلك موارد وأدوات هائلة، بما في ذلك السلطة القضائية ذاتها، لترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان بشكل كامل وإثنائهم عما يقومون به من أعمال المناصرة وجهود حماية حقوق الإنسان.

وأشار إلى استخدام الدول في جميع أنحاء المنطقة مكافحة الإرهاب ذريعةً لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان واستيراد معدَّات المراقبة والطائرات المُسيَّرة وغيرها من التقنيات المتطورة لمراقبة النشاط الحقوقي عبر الإنترنت.

وأضاف “كما تم استخدام سياسات وقوانين مكافحة الإرهاب التي أقرَّتها حكومات المنطقة على نطاق واسع بطرق تقوض سيادة القانون وتقيد الحقوق والحريات الأساسية”.

ولفت إلى أنه بدعوى حماية الأمن القومي ومحاربة الإرهاب، عمدت تلك الحكومات إلى استهداف المجتمع المدني بشكل مباشر.

وقد تعرض المدافعون عن حقوق الإنسان، بمن فيهم المدافعات، وكذلك الجماعات الدينية والصحفيون والمعارضون السياسيون وغيرهم، إلى صنوف من الإيذاء، كالاعتقال التعسفي والاحتجاز والتعذيب والأحكام القاضية بالسجن استناداً إلى اتهامات ملفقة.

كما فُرض عليهم حظر السفر، وحُرموا حقوقهم في حرية التعبير، وتعرَّضوا إلى أعمال انتقامية بسبب عملهم، بما في ذلك تعاملهم مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.”

وتابع إبراهيم بالقول “ليس ثمة شك في أن العديد من الحكومات في الغرب ما زالت تقدم دعماً غير مشروط إلى الحكومات القمعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهذا أحد الأسباب الرئيسية التي تبقي رفاقنا قابعين في السجون”.

بالإضافة إلى حقيقة أن الشركات في الديمقراطيات ما انفكت تزود الحكومات القمعية بتقنيات المراقبة التي تسهل ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، وتعرض النشاط الحقوقي على الإنترنت إلى الخطر.”

تقول مجموعة إن إس أو إنها طوَّرت برنامج بيغاسوس التجسسي للحكومات ليتم استخدامها فقط في مجال مكافحة الإرهاب وإنفاذ القانون، غير أنَّ العديد من زملائي كانوا ضحايا لبرمجيات بيغاسوس المستخدمة في التجسس.

وذكر إبراهيم قضية عضو مجلس إدارة مركز الخليج لحقوق الإنسان أحمد منصور، الذي اعتُقل في 20 مارس/ آذار 2017، وتعرض إلى ضروب التعذيب، وصدر بحقه حكم بالسجن عشر سنوات، وما يزال في الحبس الانفرادي منذ اعتقاله.

وقد كان أحمد أول ضحية لبرنامج بيغاسوس التجسسي في عام 2015. “لقد دفع هو وعائلته وأصدقاؤه وزملاؤه ثمناً باهظاً لاستخدام تقنيات المراقبة ضده. وما زلنا نقاسي الألم،” قال إبراهيم.

لم يتم إجراء بحث وافٍ لتقييم الضرر النفسي الذي يلحق بالمواطنين والناشطين نتيجة تبني الحكومات سياسات مكافحة الإرهاب.

أضاف إبراهيم، “يواجه المرء إجراءات استثنائية في المطار، ويُرفض طلبه الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة إذا كان من مواطني دول معينة مثل، العراق، اليمن، ليبيا، إيران، أو سوريا، ولا يُسمح له بإرسال الأموال إلى عائلته، ويتم إقصاؤه عن العديد من فرص التمويل أو إجراء البحوث بصفته مدافعاً.”

وتابع إبراهيم بالقول، “ليست هناك أي تدابير تصحيحية محلية متاحة لنا، ولذا فإننا نعتمد بشكل أساسي على المناصرة الدولية. لقد رزحت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحت حكم الأنظمة الاستبدادية أمداً طويلاً للغاية، حتى لقد غدى هذا سمة مميِّزةً لها. إننا نبذل قصارى جهدنا لتغيير ذلك من خلال ما نبذله من جهود المناصرة هنا وفي عواصم أخرى مثل جنيف وبروكسل.”

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.