لماذا تراجعت مصر أمام قطر في قيادة التفاوض مع إيران؟

 

القاهرة – خليج 24| قال أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس المصرية محمد السعيد عبد المؤمن إن السياسة الخارجية في مصر انكمشت وراء جدار من السلبية فبقيت على بعد بعيد من تطورات الأحداث بالمنطقة.

وأضاف عبد المؤمن في مقال له: “طموح قطر لا يتوقف عند الوساطة بين إيران ودول الخليج بل يمتد لوساطة بين إيران ومصر وبين إيران والولايات المتحدة”.

وذكر أن سياسة قطر صوب دول متخاصمة بالمنطقة أكثر معقولية من مصر .

وأشار عبد المؤمن إلى أنها لم تحرق الجسور بينها مع دول الخليج ومع إيران، فضلا عن علاقات مع الغرب وتركيا ومصر.

وأوضح أن المصالحة الخليجية خطوة لخروج دول الخليج من محنة أوقعت نفسها فيها بتصعيد العداء مع إيران والمبالغة بالاعتماد على دعم أمريكا ضد إيران.

ونبه إلى أن مصر أهلمت المبادأة الذي تتخذه دول كبرى ودول راغبة بمكانة إقليمية.

وتساؤل الكاتب السياسي عن ما الذي يخيف السياسة الخارجية من هذا المبدأ! وما هي فلسفة انكماشها؟.

وأضاف: “ما الذي تريد أن تحققه مصر من سياسة الانكماش؟ رغم أنها تشير إلى ضعفها السياسي وهو غير حقيقي لكن الموقف هو الذي يظهره.

وينشر موقع “خليج 24” مقال قطر تسبق مصر إلى قيادة التفاوض مع إيران كاملًا:

كان من الواضح أن المصالحة الخليجية بين قطر ودول الحصار الخليجية (السعودية والإمارات والبحرين) خطوة إيجابية لخروج دول الخليج من المحنة التي أوقعت نفسها فيها، بزيادة العداء مع إيران، والمبالغة في الاعتماد على أمريكا والغرب في دعمها ضد إيران.

كانت السياسة القطرية تجاه الدول المتخاصمة في المنطقة أكثر معقولية.

ولم تحرق الجسور بينها وبين إخوتها في الخليج، ولا بينها وبين إيران، فضلا عن علاقات على الحافة مع الغرب وتركيا ومصر .

فلم تكن حادة في الخلاف مع أي من دول المنطقة، حتى مع مبالغة هذه الدول في إعلان نفورها من قطر، وهو خطأ المبالغة، والتي يمكن تسميتها بالتطرف السياسي والإعلامي، وعدم التحوط لتغير الأوضاع والظروف، مع أن هذا التحوط من مبادئ الإسلام، حيث يقول الله تعالى:

{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)}(فصلت: 35،34).

الحظ العظيم لمن يتحوط بالدفع بالتي هي أحسن، لكن السياسة الخارجية في مصر انكمشت وراء جدار من السلبية.

فبقيت على بعد بعيد من تطورات الأحداث في المنطقة، رغم أنها تملك من الآليات ما يجعلها تحل كل مشاكل المنطقة، فتحظى بالريادة والمكانة والنفع المادي والمعنوي.

لقد أعلن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير خارجية قطر فجرا في حديث مع شبكة التليفزيون العربي (قناة بلومبرغ) استعداد بلاده للوساطة من أجل اجتماع يضم الدول الست أعضاء مجلس التعاون الخليجي وإيران.

وأعرب عن أمل دولة قطر في تحقيق هذا الأمر، وعن اعتقاده بضرورة عقد هذا الاجتماع، مشيرا إلى أن دول الخليج العربية لها نفس هذا التوجه.

وكان مطلق القحطاني المستشار الخاص لوزير الخارجية القطري قد أعلن في الأسبوع الماضي استعداد بلاده للقيام بوساطة بين إيران والسعودية، وأن بلاده لا ترى مانعا من ذلك إذا طلبت السعودية هذه الوساطة.

لقد استطاعت قطر أن تحل أزمتها الدبلوماسية مع السعودية والبحرين والإمارات، وأعتقد مع مصر أيضا، والتي امتدت أكثر من ثلاثة أعوام، نتيجة اتهام هذه الدول لقطر بدعم الجماعات الإرهابية، وتقاربها مع إيران، واستطرادا أقامت هذه الدول حصاربحري وبري وجوي على قطر.

إن طموح قطر لا يتوقف عند الوساطة بين إيران ودول الخليج العربية فحسب، بل يمتد إلى الوساطة بين إيران ومصر.

ولا يقف عند هذا الحد، بل يتجه للوساطة بين إيران والولايات المتحدة، حيث أضاف وزير الخارجية القطري قوله:

“نحن على استعداد لتسهيل الحوار بين إيران وأمريكا إذا طلب الطرفان منا ذلك، فنحن راغبون في القيام بهذا الإنجاز، وأن نكون حاضرين في حدوثه، ونحن ندعم كل من يتجه إلى هذه المباحثات”.

ليس غريبا أن تعلن إيران أنها أكدت من قبل استعدادها للتباحث مع واشنطن إن عادت للاتفاق النووي، على أن تكون المباحثات في إطار الاتفاق على القواعد السابقة.

الغريب أن تقوم قطر بالوساطة بين إيران ومصر.

يأتي ذلك رغم أن إيران تريد التباحث مع مصر في إعادة العلاقات الطبيعية بينهما دون أية وساطة.

لكن الرفض يأتي من جانب مصر بدعوى أن الوقت والظروف لا تسمح بذلك الآن!

مشكلة السياسة الخارجية في مصر أنها أهملت منهج المبادأة الذي تتخذه الدول الكبرى، والدول الراغبة في الحصول على مكانة إقليمية.

ولا أدرى ما الذي يخيف السياسة الخارجية من هذا المبدأ! وما هي فلسفة انكماشها؟ وما الذي تريد أن تحققه من وراء هذه السياسة؟.

رغم أنها تشير إلى ضعفها السياسي، وهذا الضعف غير حقيقي في الواقع، لكن الموقف هو الذي يظهره.

في الوقت الذي تتجه فيه الدولة لإعادة بناء مصر، رافعة شعار تحيا مصر، لا تنظر بعض مؤسسات الدولة لهذا الشعار نظرة إيجابية، ولا تتجه لآليات تحقيقه عمليا!

ومن أسف أن هذه المؤسسات مؤسسات لها ثقلها في الدولة، مثل الخارجية والتعليم الوطني العام والفني والعالي العالي والبحث العلمي؟!

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.