انتقادات حقوقية لقانون العمل الجديد في عُمان
وجهت منظمة migrant-rights للدفاع عن العمال المهاجرين في الخليج العربي، انتقادات لقانون العمل الجديد في سلطنة عُمان.
وأشارت المنظمة إلى أن عُمان أعلنت في 25 يوليو 2023، عن صدور قانون عمل جديد يغطي العاملين في القطاع الخاص (مرسوم سلطاني رقم 53 لعام 2023).
ويشتمل القانون الجديد لوائح جديدة خاصة بإضرابات العمال، وتصاريح لبقاء العمال المهاجرين المتورطين في نزاعات عمالية، في البلاد، بالإضافة إلى تغييرات مهمة أخرى.
ويأتي القانون الجديد في إطار سلسلة من الإصلاحات التي تمت خلال هذا العام، بما في ذلك تطبيق نظام حماية الأجور، وقانون جديد للضمان الاجتماعي، وكذلك إطلاق نظام التأمين الصحي الإلزامي.
وأشاد الإعلام المحلي وكذلك المسئولون الحكوميون بقانون العمل الجديد، كخطوة متقدمة نحو بيئة عمل منتجة ومتكاملة.
وفي حين يقدم القانون الجديد بعض التحسينات المهمة على ظروف العمل، إلا أنه أبقى على بعض البنود غير المتماشية مع اتفاقيات منظمة العمل الدولية.
ولم يأخذ في اعتباره حقوق العمال المهاجرين كاملة، برغم أنهم يشكلون أكثر من 80% من العاملين في القطاع الخاص في عمان.
ومن الملاحظ أن عمان لاتزال هي الدولة الخليجية الوحيدة التي صادقت على أقل عدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية.
ويمنح قانون العمل الجديد فترة سماح مدتها 6 شهور، تبدأ من يوم نفاذه (31 يوليو 2023)، لجميع الأطراف المتأثرة بأحكام القانون لتصحيح أوضاعها بموجب هذا القانون.
فيما يلي تلخيص لبعض أحكام القانون الجديد الرئيسية مقارنة بالقانون السابق:
ساعات عمل أقل: 40 ساعة عمل “فعلية” كحد أقصى، يستثنى منها ساعة واحدة يومياً للراحة وتناول الطعام، كانت ساعات العمل في السابق 45 ساعة أسبوعياً.
زيادة في الإجازة المرضية: ارتفع عدد أيام الإجازة المرضية إلى 182 يوماً، ما يعتبر زيادة كبيرة عن إجازة الـ10 اسابيع (70 يوم) التي كان ينص عليها القانون السابق.
عقود عمل لمدة أطول: لم تعد العقود محددة المدة قابلة للتحول إلى عقود غير محددة المدة بشكل آلي عند التجديد. ومع ذلك، إذا ما استمرت علاقة العمل لأكثر من 5 سنوات، يصبح العقد غير محدد المدة.
إنهاء العقد غير محدد المدة من قبل أي طرف أكثر سهولة من إنهاء العقد محدد المدة، إذ يتطلب ذلك “سبب مقبول” والتزام بفترة الإخطار المتفق عليها.
إنهاء العقد في حالة عدم دفع الأجور: يسمح القانون الجديد للعمال ترك وظيفتهم إذا ما فشل صاحب العمل في دفع الأجور لمدى شهرين متتاليين، أو فشل في الوفاء بالالتزامات الأساسية المذكورة في قانون العمل والعقد.
هناك عدم وضوح فيما يتعلق بعملية تغيير الوظيفة، بما في ذلك فترة السماح التي يحصل عليها العمال المهاجرين للبحث عن خيار لوظيفة أخرى بعد ترك العمل بسبب سرقة الأجور أو التعرض للانتهاك والإساءة.
حجب جواز السفر: للمرة الأولى، يمنع القانون الجديد بشكل صريح صاحب العمل من الاحتفاظ بجواز سفر العامل أو وثائقه الخاصة بدون موافقة مكتوبة من قبل العامل.
الوساطة الإلزامية: بموجب القانون الجديد، تخضع النزاعات العمالية، مبدئياً، للوساطة الإلزامية بوزارة العمل.
وتهدف الوزارة، من خلال هذه الوساطة للتوصل إلى حل خلال 30 يوم. وفي حالة عدم التوصل إلى تسوية، تقوم الوزارة بإحالة النزاع إلى المحكمة خلال أسبوع من انتهاء الوساطة. ويمنع العمال من رفع الدعاوى إلى المحكمة مباشرة دون وساطة.
زيادة إجازات الأمومة وإجازات الأبوة: تضمّن قانون العمل الجديد في عمان، زيادة إجازات الأمومة المدفوعة من 50 يوم إلى 98 يوم، وهي الأعلى في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن القانون الجديد، حاليا وللمرة الأولى، إجازة أبوة مدتها 7 أيام.
حقوق المرأة العاملة: يمنح قانون العمل الجديد المرأة العاملة، ساعة رضاعة يومياً لمدة عام واحد تبدأ مع انتهاء إجازة الأمومة، كما ينص القانون صراحة، على أن انهاء العمل بسبب الحمل، والولادة، والرضاعة يعتبر فصلا تعسفيا.
واكتفى القانون السابق بالإشارة إلى أنه لا يمكن لأصحاب العمل فصل العاملات بسبب “المرض” المرتبط بالحمل أو الولادة، بشرط ألا تتجاوز المدة الإجمالية 6 شهور.
مكافأة نهاية الخدمة: تستحق العاملات المهاجرات اللاتي لا يستفدن من أحكام قانون الضمان الاجتماعي، مكافأة لا تقل عن الراتب الأساسي عن كل سنة خدمة.
في القانون السابق، كانت المكافأة هي راتب نصف شهر عن كل سنة خدمة للسنوات الثلاث الأولى وشهر عن كل سنة خدمة للسنوات التالية.
إعادة المهاجرين إلى أوطانهم: ينص قانون العمل الجديد صراحة، على إلزام صاحب العمل بترتيب إجراءات إعادة العمال المهاجرين إلى أوطانهم خلال 60 يوم.
وإذا لم يتم ترحيل العامل المهاجر خلال هذه الفترة، تضطر السلطات العمانية إلى تسهيل الترحيل. وفي القانون السابق، لم تكن هناك أية إشارة إلى إطار زمني للإعادة للوطن.
الحق في البقاء بعد رفع الشكاوى العمالية: أصبح الآن بإمكان العمال المهاجرين الذين يبدأون الإجراءات القانونية لاستعادة حقوقهم من صاحب العمل، الاحتفاظ بحق البقاء في عمان حتى يتم البت في المطالبة.
وفي مثل هذه الحالات، يتحمل العامل جميع التكاليف المرتبطة بالبقاء في عمان. والقانون ليس واضحاً بشأن إمكانية التحاق هؤلاء العمال بعمل لدى صاحب عمل آخر في فترة انتظارهم القرار القانوني.
إنهاء الخدمة بسبب ضعف الأداء وعدم الحاجة : للمرة الأولى، يسمح قانون العمل الجديد لأصحاب العمل بإنهاء عمل الموظف بسبب ضعف أدائه، بشرط أن يفشل العامل في تحسين أدائه خلال 6 شهور من إخطاره من قبل صاحب العمل بالجوانب التي تتطلب التحسين.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه يسمح لأصحاب العمل، صراحة، إنهاء خدمات العمال لسباب اقتصادية، بشرط موافقة لجنة يتم تشكيلها بأعضاء من وزارة العمل، ووزارة التجارة، ووزارة الصناعة والترويج للاستثمار، وغرفة تجارة عمان بالإضافة إلى الاتحاد العام لنقابات العمال في عمان.
البنود الجديدة للفصل التعسفي: تنص المادة 12 من القانون الجديد على أحكام جديدة تتعلق بالفصل التعسفي، وتشمل، من بين الحالات الأخرى، الفصل في حالة انضمام العامل لنقابة، وإذا ما قام بتقديم شكوى ضد صاحب العمل، أو غياب العامل بسبب الاعتقال والتوقيف من قبل السلطات في ظروف معينة.
التعويض عن الفصل التعسفي: أصبح التعويض عن الفصل التعسفي يعادل الرواتب الإجمالية لـ 12 شهر. وكان القانون السابق ينص على تعويض يعادل 3 شهور في حالة إنهاء الخدمة التعسفي بدون حد أقصى.
بالإضافة إلى ذلك، يمنح العامل 30 يوم لتقديم شكوى ضد الفصل التعسفي، مقارنة بـ 15 يوم التي نص عليها القانون السابق.
تشديد العقوبات على العمال المهاجرين غير النظاميين: ينص القانون الجديد على أن المهاجر الذي يعمل دون تصريح، أو لدى صاحب عمل غير كفيله.
وكذلك أصحاب العمل الذين يوظفون عمالا بشكل غير نظامي، سيواجهون السجن لمدة لا تقل عن 10 أيام ولا تزيد عن شهر واحد، وغرامة لا تقل عن 1000 ريال عماني (2,600 دولار أمريكي) ولا تتجاوز 2000 ريال عماني (5,200 دولار أمريكي)، أو إحدى هاتين الغرامتين.
ومن ثم يتم ترحيل العامل المهاجر على نفقة صاحب العمل ويتم منعه من دخول عمان مرة أخرى. وكان القانون السابق ينص على غرامة لا تزيد عن 100 ريال عماني (260 دولار أمريكي) و/أو السجن لمدة شهر واحد كحد أقصى دون تحديد حد أدني لمدة السجن.
نقابات العمال: ينص قانون العمل الجديد على بنود جديدة للعمل النقابي. على سبيل المثال، تنص المادة 110 على أنه يجب أن تتمتع نقابات العمال المهنية المسجلة، والنقابات العامة القطاعية، والاتحاد العام للعمال بشخصية قانونية مستقلة، وأن يكون لديها الحق لممارسة أنشطتها بحرية دون التدخل في شئونها أو التأثير عليها.
بالإضافة إلى ذلك، يمنع فصل أو معاقبة أعضاء النقابات المهنية بسبب نشاطهم النقابي وفقاً لما تحدده اللوائح.
إضرابات العمال: في حين كانت الإضرابات العمالية مسموح تنظيمها وفق مرسوم عماني، فإن القانون الجديد يخصص فصلا للإضرابات العمالية.
ويمكن للعمال الإضراب في أماكن عملهم لتحسين ظروف العمل، وذلك بعد الحصول على موافقة ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية العمومية للنقابة.
وتمنع الإضرابات في المؤسسات التي تقدم الخدمات العامة، بما في ذلك القطاعات الأساسية مثل المنشآت النفطية، معامل التكرير، الموانئ، المطارات، والمواصلات العامة. ويمكن تحديد قطاعات إضافية من قبل الوزير.
ولبدء الإضراب، على العمال أو ممثليهم إبلاغ صاحب العمل أو السلطة المختصة ذات العلاقة، كتابياً، قبل ثلاثة أسابيع على الأقل. ويجب أن يوضح الإخطار هدف الإضراب ومطالبات العمال.
كما يجب أن يتوقف الإضراب أثناء إجراءات حل النزاعات الجماعية. ويؤدي الإضراب إلى اعتبار أيام الإضراب إجازة غير مدفوعة الأجر، بينما يضمن إغلاق المؤسسة بسبب الإضراب، أيام عمل مدفوعة الأجر.
يعاقب القانون الجديد العامل الذي “يعرقل أو يعطل العمل في المؤسسة خلال فترة الإضراب” بالسجن لمدة لا تقل عن شهر واحد ولا تتجاوز 6 شهور، و/أو بغرامة مالية لا تقل عن 500 ريال عماني (1,300 دولار أمريكي)، ولا تتجاوز 3000 ريال عماني (7,690 دولار أمريكي).
إجراءات أكثر صرامة للتعمين: يقدم القانون الجديد سياسات وعقوبات أكثر صرامة فيما يتعلق بالتعمين. وينص القانون صراحة على أنه لا يجوز لأصحاب العمل توظيف غير العمانيين في المهن المخصصة للعمانيين.
وبالإضافة إلى مراسيم التعمين الحالية، فإنه يلزم أصحاب العمل ممن يوظفون 25 عامل وأكثر، ضمن أمور أخرى، بإعداد خطة لتوظيف وتدريب العمانيين لشغل مهن قيادية.
كذلك يقدم القانون الجديد إجراءات أكثر صرامة لتوظيف غير العمانيين ويشمل ذلك المهاجرين في تخصصات معينة يتم تحديدها من قبل وزارة العمل، لاجتياز اختبارات قياسية للمهن الخاصة بهم.
كما أن القانون ضاعف العقوبات لأصحاب العمل الذين يفشلون في الالتزام بلوائح التعمين. وسوف يواجه صاحب العمل الذي لا يلتزم بحصص التعمين أو لوائح إحلال العمال غير العمانيين، غرامة تتراوح ما بين 500 ريال عماني و1000 ريال عماني عن كل عامل.
التغيير في الالتزامات الطبية: يلزم قانون العمل الجديد أصحاب العمل ممن يوظفون أكثر من 200 عامل، بتوفير تجهيزات وتعيين ممرض مؤهل لتقديم الإسعافات الأولية الطبية، أو التعاقد مع مؤسسة متخصصة لتوفير مثل هذه الخدمات. وكان القانون القديم يلزم أصحاب العمل ممن يوظفون 100 عامل أو أكثر لتقديم مثل هذه الخدمات.
لوائح جديدة بشأن إعلانات العمال: يحظر القانون الجديد الإعلان عن العمال وتصنيفهم على أساس عوامل مثل الديانة، والعرق، والتكلفة، في الوقت الذي يمنع أيضا أي جهود ترويجية قد تنال من الكرامة الإنسانية.
وقد تم استثناء عمالة المنازل من قانون العمل الجديد. وعلى عكس قانون العمل القديم، لا ينص القانون الجديد، صراحة، على استثناء عمالة المنازل، لكنه ينص على أن “لا يسري على من تنظم عملهم قوانين أو نظم خاصة”.
ويُنظم العمل المنزلي بقدر غير كاف، وفق القرار الوزاري 189/2004 الخاص بالقواعد العمالية والشروط الخاصة بالعمال المنزليين، الأمر الذي يوفر أضعف حماية للعمالة المنزلية في المنطقة.
وتوفر المادة 16 من قانون العمل نظاما جديدا ينص على أنه بإمكان وزير العمل تنظيم العمل في قطاع معين، او فئة معينة متى ما اقتضت المصلحة العامة ذلك. وبذلك، فإنه بإمكان أمر من وزارة العمل تغيير لوائح مهمة خاصة تتعلق بحقوق العمال.
وخلافاً لقوانين العمل في دول الخليج الأخرى، فإن قانون العمل الجديد يحمي فقط ضد التمييز فيما يتعلق بإنهاء الخدمة.
ولا توجد أوجه حماية أخرى في موقع العمل. وعمان هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم توقع على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم C111 الخاصة بالتمييز في موقع العمل. كما لا توجد حماية صريحة ضد التحرش في مكان العمل بما في ذلك التحرش الجنسي.
كما يفتقر القانون الجديد للوضوح بشأن تغيير الوظيفة للمهاجرين، وكذلك اللوائح الخاصة بتقديم أصحاب العمل لبلاغات هروب العمال غير العمانيين.
وبحسب المادة 29 من قانون العمل، فإن الشروط المتعلقة بالمشاكل المذكورة أعلاه، وكذلك الالتزامات والعقوبات للعمال، سيتم “تحديدها بقرار من الوزير”.
على الرغم من بعض التحسينات التي أجريت على قانون العمل الجديد، فإن تطبيقه في عمان لايزال ضعيفاً، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين.
على سبيل المثال، في حين أن عمان هي الدولة الخليجية التي تفرض يومين كإجازة أسبوعية للعمال، إلا أن الكثير من العمال متدنيي الدخل، يجدون أنفسهم يكدحون 6 أيام في الأسبوع ويحصلون على إجازة ليوم واحد فقط، ولا يتم تعويضهم دائما بأجر للعمل الإضافي الذي يقومون به.
علاوة على ذلك، فإن حالة العمال المهاجرين في عمان، مثلهم مثل بقية دول الخليج، معروفة بالتبعية التامة لأصحاب عملهم التي تمتد إلى ما هو أبعد من نطاق ترتيبات العمل وقانون العمل.
ويلعب نظام الكفالة دوراً اساسياً في خلق نقاط ضعف محددة في أوضاع العمال المهاجرين المعيشية وفي العمل، مما يؤدي إلى اختلال ميزان القوى لصالح أصحاب العمل، اخذا في الاعتبار أن غالبية العمال المتأثرين بالقانون الجديد هم من العمال المهاجرين.
لذلك، من المهم عند إصلاح نظام الهجرة، الأخذ في الاعتبار وبعناية حقيقة أن غالبية العمال المتأثرين بالقانون الجديد هم من المهاجرين.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=65224