عرض كتاب: رحلة نحو الصدارة:كيف أصبح الخليج مركزًا عالميًا للبتروكيماويات

للكاتب الدكتور عبد الوهاب السعدون

الرياض – خليج 24 :

كتب البرفسور وليد عبد الحي تقديما لكتاب رحلة نحو الصدارة: كيف أصبح الخليج العربي مركزاً عالمياً للبتروكيماويات، لكاتبه دكتور الكيمياء الصناعية عبد الوهاب السعدون الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) منذ عام 2009.

عرض الكتاب

يقع متن هذه الدراسة ( لعبد الوهاب السعدون والمنشورة عام 2019) في 407 صفحات إلى جانب 13 صفحة تضم قائمة المراجع وفهرس الأعلام والأماكن، وتم تقسيم الدراسة إلى عشرة أجزاء.

 

ويشير المؤلف في تمهيده للكتاب إلى اعتماده على المقابلات إلى جانب المراجع ، وفي مقدمته يشير إلى ان الشركات الأجنبية لم تكن مقتنعة بدخول دول الخليج هذا المجال ( الصناعة البتروكيماوية).

 

ويستعرض في الجزء الثاني جهود علماء الكيمياء المسلمين القدامي، وفي اوروبا، واليابان وامريكا، مشيرا إلى ان الدوافع الحربية لعبت دورا في هذه التوجهات.

 

ثم عرض دور الشركات الدولية الاجنبية، وصولا إلى دور منظمة الأوبك وتأثير دورات الاسعار في التوجه لهذه الصناعة، ليصل إلى تأثيرات الثورة الايرانية والحرب العراقية الايرانية ثم التحولات التي اصابت الاقتصاد الصيني لا سيما معدلات نموها العالية، كما ان الرغبة في عدم الارتهان لاقتصاد النفط وتنويع الصناعات ساهم في هذا التوجه.

 

وينتقل الكتاب في الجزء الثالث إلى تتبع مراحل تطور الصناعة البتروكيماوية في كل دول الخليج، سواء في السعودية بخاصة مع شركة (سابك) ، ويتتبع مراحل تطور الصناعات الكيماوية الخليجية : من مرحلة سيطرة الغاز المصاحب (أي الموجود مع النفط)، إلى مرحلة المزج بين عدة مكونات، ثم مرحلة استخدام المشتقات النفطية السائلة، ثم التحويل المباشر للنفط إلى كيماويات.

 

وفي الجزء الرابع يتتبع الرحلة الكويتية بدءا من التخلي عن صيد اللؤلؤ وظهور النفط والتنافس الدولي على المنطقة، وصولا لتمكن أمريكا من إنهاء احتكار بريطانيا للنفط وانشاء وزارة للنفط عام 1975، ثم بدأت الكويت تتوجه نحو الصناعات البتروكيماوية بالتعاون مع ايطاليا ثم مع الشركات الامريكية، ويناقش تأثير الأزمات المالية على الصناعة الكويتية، وتوجه الكويت لشراكات مع شركات عربية وأخرى دولية.

 

ويتوقع الكاتب بأن الكويت ستسير نحو التحول من صناعة الأسمدة باتجاه التكرير ونحو مزيد من الشراكات مع الشركات الاجنبية.

 

وفي الجزء الخامس يتناول الرحلة السعودية مع الصناعات البتروكيماوية، وقد غطى هذا الجزء حوالي 45% من متن الكتاب (181 صفحة)، ويبدأ المشروع السعودي في عام 1969، مع دراسة تأثيرات احداث دولية (حرب 1973).

 

ويستعرض دور شركات مثل بترومين (التي تم دمجها لاحقا مع أرامكو بسبب رئيسي هو نقص الخبرات)، ثم يدرس تأثير التغير في القيادة السعودية ( مقتل الملك فيصل 1975)، ثم دور ونجاح شركة سامكو، كما يعرض دور د. غازي القصيبي بخاصة في مجال ادارة المدن الصناعية (الجبيل وينبع)، ثم ينتقل لدور عبدالله الطريقي في استغلال الغاز، ثم يتناول بشكل مفصل الشراكات مع الشركات الدولية ، ثم يعرض للمشكلات التي واجهت القطاع (مشكلات بشرية وتسويقية وادارية وأمنية ) ثم يتناول دور الشركات المحلية والقطاع الخاص.

 

وفي الجزء السادس يتناول قطر مع التركيز على دور شركة ” قافكو” (1969) والشروع بإنتاج الأمونيا والميثانول والاسمدة النيتروجينية، مرورا مع الشراكات مع الشركات الإيطالية.

 

وينتقل في الجزء السابع إلى البحرين والتي ترافق ظهور النفط فيها مع بداية اليابان بإنتاج اللؤلؤ الصناعي، ويركز هذا الجزء على دور شركة الخليج لصناعة البتروكياويات.

 

وفي الجزء الثامن، وبعد عرض موضوع شركة النفط التركية (التي أصبحت العراقية)، يركز على شركة ” أدنوك(1971) وحتى بداية الثمانينات ودخول هذه الشركة في مجال الصناعة البتروكيماوية بالتعاون مع شركات أجنبية، إلى تحالفها مع أرامكو، وشركات هندية، وصولا لتأسيس شركة ” بروج”.

 

وفي الجزء التاسع، ينتقل إلى سلطنة عمان التي بدأ الانتاج النفطي بشكل تجاري فيها عام 1967، والانتقال بعد ذلك إلى التركيز على صناعة غاز الميثان بالتعاون مع الهند، ثم حدوث خلافات مع الهند ووضعت عمان خطة 2014-2020 لإنجاز ثلاثة مشاريع كبرى.

 

في الجزء الخاص بالمستقبل ركز على استمرار النمو في الصناعات الكيماوية، داعيا للتفكير في كيفية مواجهة شح امدادات الغاز مما يستدعي رفع معدلات الانتاج والاستغلال الأمثل للأصول، إلى جانب الدعوة لمزيد من الاندماجات بين الشركات الخليجية.

 

وينتقد الكاتب نقص اعتمادات البحث العلمي في دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الصناعات البتروكيماوية، ويرى انها معدلات متواضعة قياسا لمعدلاتها العالمية، ويتوقع ان يكون 3 من أكبر عشر شركات بتروكيماوية في العالم هي شركات خليجية.

النسخة الانجليزية

من الضروري التنويه بداية بان هذا الكتاب هو تقريبا ترجمة من اللغة الانجليزية لكتاب صدر عام 2015 عن دار المدينة-لندن- للمؤلف نفسه عنوانه:

Molecules, Mind and Matter – How the Arabian Gulf Became a Global Petrochemical Hub”

ورغم أن كتاب رحلة نحو الصدارة يتألف من أكثر من 400 صفحة بينما الكتاب الانجليزي من 168 صفحة، إلا أن المادة العلمية لمتن الكتاب والتي تغطي دول الخليج (السعودية والكويت وقطر والبحرين والامارات وعمان) غير مختلفة، كما أن الجداول في هذا الكتاب تقف عند عام 2016 في اغلبها، وهي تقريبا نفس بيانات الكتاب باللغة الانجليزية، مما يعني أن الكتاب بالعربية لم يطور بياناته رغم أن الفارق بين الكتابين هي 4 سنوات.

نقد الكتاب

يجمع الكتاب بين فروع علمية مختلفة، فهو إلى جانب التعريف بالصناعة الكيماوية، فهو يغطي جوانب في الاقتصاد السياسي (التنافس الدولي والشراكات الدولية وما يترتب على ذلك من اتفاقيات سياسية وغير سياسية)، ويغطي جوانب تطبيقية في علم الادارة.

 

يقدم الكتاب وصفا تفصيليا لتطور الصناعات البتروكيماوية في دول الخليج العربية، وهي معلومات قيمة عن هذا القطاع أو هذه الرحلة كما اسماها الكاتب، فالكتاب يتناول العلاقة بين النفط والغاز وهذه الصناعات البتروكيماوية.

 

كما يناقش التنافس الدولي من خلال شركات الدول الكبرى بشكل خاص على هذا القطاع، ويتتبع نشوء الشركات المحلية وسياسات الدول الخليجية وشركاتها في هذا الجانب، مع التوسع في دور القيادات الإدارية والفنية المحلية في مسيرة هذه الصناعة في كل دولة خليجية، إلى جانب عرض الدور الحكومي من ناحية ودور القطاع الخاص من ناحية أخرى، وتمثل المعلومات والبيانات والجداول مصدرًا هامًا لكل الجهات المعنية بهذا الموضوع من باحثين او هيئات رسمية أو أكاديميين.

 

ومن المبالغة القول بتفرد هذا الكتاب بموضوعه، فهناك كتب في هذا الموضوع من بداية التسعينات مثل كتاب الصناعات البتروكيماوية في دول مجلس التعاون الخليجي / سعيد محمد غانم، كما ان منظمة الخليج للاستشارات الصناعية” (جويك) اصدرت دليلا تفصيليا لهذا القطاع، وهناك كتاب ” بناء صناعة البتروكيماويات في المملكة العربية السعودية ” (سيرة حياة) عام2018…الخ.

 

لقد التزم الباحث حدود موضوعه كما ورد في عنوان الدراسة، لكني أعتقد ان جوهر الكتاب ليس فيه جديد إذا قارناه بكتب أخرى في الموضوع، وربما ينفرد ببعض التفاصيل الشخصية وبخاصة أدوار بعض قيادات الشركات المحلية في التطوير، ناهيك عن أن مادته الرئيسية هي اعادة لدراسته التي أشرت لها أعلاه باللغة الانجليزية.

 

غلب على البحث قدر غير يسير من السرد الذي أخذ أحيانا الطابع القصصي على حساب التحليل، كذلك كان من الأجدى لو أن الباحث ركز على الجوانب المشتركة في التجربة الخليجية مع الصناعات البتروكيماوية، ثم تناول الخصائص التي تتميز بها كل تجربة من التجارب الست التي عرضها.

 

فمثلا تكرر في كل تجربة موضوعات محددة موجودة عند الجميع ، ويمكن تحديد هذه المشتركات بين التجارب للدول الست مثل:

 

1- قضية ارتباط النفط والغاز بالبتروكيماويات (فلم يكن هناك من داع للتذكير بهذا الموضوع في كل دولة).

 

2- التنافس الدولي بخاصة أنها نفس القوى في المنطقة (امريكا وبريطانيا والفرنسية..الخ)

 

3- موضوع العمل على توطين الكفاءات في كل دولة.

 

4- استراتيجية المشاركات مع الشركات الاجنبية

 

أما الموضوعات الخاصة فكان من الضروري تحديد ” خصوصية” كل تجربة وتحديد اسباب هذه الخصوصية، ورغم أن الباحث أشار لذلك لكنه جاء متناثرًا ويجعل قدرة القارئ على تلمس “هذه الخصوصية أكثر تعقيدا” لا سيما تلك المتعلقة بأنواع البتروكيماويات وايقاع التطور في المشاريع الصناعية في كل دولة من دول المجلس.

 

لا يعني أن الباحث خرج عن موضوعه أو أن المحتوى لا يتسق مع عنوان الدراسة، ولكن تنظيم هذه المعلومات كان سيؤدي إلى قدر أكبر من الاستيعاب للمضمون من قبل القراء.

 

كذلك وبقدر نسبي كان الكاتب يذهب في تفاصيل أقرب ” للقصص القصيرة ” بخاصة عند عرض المعلومات الواردة في مقابلات او نقلا عن سير ذاتية او كتابات بعض الشخصيات التي أثرت في هذا القطاع ( مثال ما كتبه القصيبي…الخ).

 

كذلك أعتقد أن وضع الصور للقاءات والمناظر في وسط متن الدراسة لم يكن موفقا لان هذه الصور لا تضيف لا منهجيا ولا معلوماتيا، فهي تختلف عن الجداول التي هي جزء من متن البحث.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.