افتتاح قاعدة أبو عمامة في السودان يحبط خطط الإمارات

قالت دراسة بحثية إن افتتاح قاعدة أبو عمامة البحرية العسكرية يحبط آمال دولة الإمارات العربية المتحدة في موانئ السودان.

وقد افتتح اللواء ركن بحري، محجوب بشرى رحمة، قائد القوات البحرية السودانية، يوم 18 أكتوبر 2023، قاعدة أبو عمامة البحرية العسكرية على ساحل البحر الأحمر، بالقرب من المنطقة التي جرى تخصيصها لمشروع ميناء أبو عمامة ومنطقة أبو عمامة الاقتصادية.

ويقع الميناء في ولاية البحر الأحمر شمال ميناء بور سودان بنحو 180 كلم وهو أقرب إلى الحدود المصرية، ويوجد بين مينائين صغيرين هما ميناء محمد قُول وميناء أوسيف، والمينائين على شكل مرسى سفن شحن.

وتعيش في المنطقة مجموعة من قبائل البجا خاصة من قبيلة البُشاريين والعبابدة التي تكثر بين مصر والسودان، كما تعيش فيها مجموعات عربية أخرى.

وبحسب منصة “أسباب” فإن افتتاح القاعدة البحرية يرتبط ببعدين رئيسين:

البعد الأول: تعزيز جهود مكافحة التهريب وزيادة التأمين في السهل الساحلي. بالإضافة إلى المرسى البحري القديم المتواجد به قوة بحرية صغيرة تعمل في مكافحة التهريب من اتجاه البحر؛ والتي كان مقررا لها الانتقال إلى منطقة شنيعاب لتنفيذ الاتفاقية السودانية الإماراتية لإنشاء ميناء أبو عمامة.

البعد الثاني: القاعدة تعني على الأرجح تجميد المشروع الذي سبق الاتفاق عليه مع الإمارات، ديسمبر/كانون أول 2022، وتعقّد العمل به، خاصة في ظل الدعم السياسي والإعلامي والمالي والاستخباري الإماراتي لقوات الدعم السريع.

ويتمثل الاتفاق مع الإمارات في تطوير وتشغيل ميناء (أبو عمامة)، بما يشمل حزمة استثمارية بقيمة 6 مليارات دولار، وتحصل حكومة السودان على 35% من صافي الأرباح.

كما تتضمن تفاصيل المشروع الإماراتي منطقة اقتصادية ومطاراً ومنطقة زراعية بمساحة 400 ألف فدان، مع ترتيبات لإنشاء طريق بطول 450 كيلومتراً لربط ميناء أبو عمامة، بمنطقة أبو حمد الزراعية، في ولاية نهر النيل السودانية.

وجرى التوقيع عليه في القصر الجمهوري بالخرطوم من قبل كل من وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ أبوظبي محمد جمعة الشامسي، ورجل الأعمال أسامة داود عبد اللطيف عن مجموعة انفيكتوس للاستثمار.

نتج المشروع عن صفقة خاصة بالإمارات، لم تحصل عليها من خلال عطاءات رسمية دولية، وإنما نتيجة صفقة سياسية عمل عليها حلفاء الإمارات الكبار داخل السودان.

ولكن مع نقل مركز ثقل الدولة السودانية إلى بورت سودان، بالقرب من ميناء أبو عمامة، بات من الصعب المضي قدماً في الاتفاق مع الإمارات التي انحازت إلى قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش.

اعتبر المشروع حصيلة عمل طويل بين حكومة الإمارات وممثلين عن بعض قبائل شرق السودان، لكنّه واجه رفضا محليا لأي استثمارات خارجية في الموانئ السودانية.

خاصة من قبل قبائل البجا المسيطرة على الموانئ البحرية الأخرى على البحر الأحمر خاصة ميناء بورت سودان وميناء سواكن وما يتبع لهما من موانئ ومراسي، وهي التي أفشلت معظم محاولات الهيمنة على هذه الموانئ تاريخياً، لذلك هدد سابقاً رئيس اللجنة السيادية لتقرير مصير إقليم البجا بإيقاف المشروع الإماراتي بالدم والسلاح، وحمّل مسؤولية التوقيع عليه للجيش.

على الجانب الآخر؛ يؤثر المشروع سلباً على تنافسية الموانئ البحرية المصرية خاصة ميناء العين السخنة والمنطقة اللوجستية في قناة السويس، في حال تطور ليقدم خدمات بحرية للسفن في البحر الأحمر، بينما حاولت الإمارات تقديمه كمشروع محلي سيتعاون مع ميناء العين السخنة الذي تديره شركة إماراتية.

لكن لا شك أن المشروع يأتي ضمن استراتيجية إماراتية واسعة لخلق نفوذ إقليمي عبر سلسلة من الموانئ اللوجستية، مدنية وعسكرية، تمتد من جزر اليمن مرورا بالصومال والقرن الإفريقي حتى تصل إلى السودان.

وربما تستهدف استثمارات طويلة الأجل في موانئ مصرية مطروحة للمستثمرين الاستراتيجيين بما في ذلك ميناء سفاجا على البحر الأحمر، وميناء العين السخنة جنوبي قناة السويس.

وضمن هذه الاستراتيجية الإماراتية، جاء توقيع تنزانيا على اتفاق مع شركة موانئ دبي العالمية، في 22 أكتوبر/تشرين أول 2023، لاستئجار وتشغيل أربعة من أصل 12 رصيفًا في أكبر ميناء في البلاد لمدة 30 عاما، والذي تقدم دار السلام من خلاله خدمات للدول غير الساحلية في شرق أفريقيا وجنوبها مثل أوغندا ورواندا وبوروندي وزامبيا المنتجة للنحاس، بما يجعله بوابة بحرية لحزام النحاس ومعادن الطاقة الخضراء المهمة الأخرى.

ويشمل الاتفاق استثمارات من موانئ دبي العالمية بقيمة 250 مليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لتطوير الميناء وتحسين أنظمة الإفراج عن البضائع.

وفي الخلاصة، فإن إنشاء القاعدة البحرية السودانية ليس هو المعرقل لاتفاقية الميناء الإماراتي ولكنّه دليل على أن المشروع بات في حكم المجمد، نتيجة عوامل سياسية وأمنية، على رأسها الموقف الإماراتي من الحرب الدائرة في السودان والتهديد الذي يمثله المشروع على مركز ثقل الدولة السودانية الجديد في بورت سودان، ومعارضة جهات قبلية محلية.

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.