إيران تستهدف تأمين مصالحها في أي تسوية فلسطينية إسرائيلية مستقبلية

رأت دراسة تحليلية أن إيران التي تعتمد “سياسة النفوذ من مسافة آمنة” تستهدف تأمين مصالحها في أي تسوية فلسطينية إسرائيلية مستقبلية بعد الحرب المستمرة على قطاع غزة.

وقالت الدراسة الصادرة عن “معهد دراسات الشرق الأوسط” إن الزيارة المقررة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى إيران في أواخر مارس الماضي، قيمة دعائية حربية، من خلال محاولة نقل مسؤولية بناء السلام بشكل كامل على عاتق إسرائيل.

وجاءت هذه الزيارة في نفس الوقت الذي زار فيه زعيم الجهاد الإسلامي الفلسطيني زياد النخالة العاصمة الإيرانية.

بعد اجتماعهما مع قادة إيران، قالت حماس إن المحادثات سلطت الضوء على الحاجة إلى التحرك على عدة جبهات.

وقبل ذلك أعلنت الحركة أن أي مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار يجب أن تكون مشروطة بوقف الهجوم على غزة، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية، وتقديم ضمانات العودة للفلسطينيين الذين فروا من منطقة الصراع، وتسليم المساعدات الإنسانية إلى تلك المناطق التي مزقتها الحرب، والإفراج المتزامن عن المعتقلين الفلسطينيين.

رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ذلك بالقول إن حماس تقدم مطالب وهمية، لكن إيران ظلت تقف إلى جانب حليفتها الفلسطينية، مراهنة على أن تصبح إسرائيل معزولة سياسيا.

وكان الدليل الأحدث على ذلك في نظر طهران، هو القرار الذي اتخذه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في حرب غزة، والذي لم تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضده.

ترفض إيران التدخل بشكل مباشر في هذا الصراع، وتفضل ترك الباب مفتوحاً أمام الدبلوماسية، وهو ما من شأنه أن يمكنها من العمل مع الجماعات الفلسطينية التي تدعمها عبر (سياسة نفوذ طويلة الأمد من مسافة آمنة) من أجل تشكيل مستقبل غزة.

وتشير إيران، من خلال دفع حماس إلى المقدمة، إلى أن هذه الجماعة جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية الأوسع اي بمعنى آخر، تصبح حماس الموالية لإيران هي المحور الذي تدور عليه القضية الفلسطينية، بتمويل ودعم إيرانيين.

كما تعمل طهران على تضخيم شبكتها من قوى المقاومة الفلسطينية على الساحة العالمية، وقد حذر حليفان إقليميان لإيران في الفترة الأخيرة (سرايا القدس، الفرع العسكري للجهاد الإسلامي في فلسطين وكتيبة شهداء القدس) في مناسبات متفرقة، جهاز المخابرات التابع للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية من وقف اعتقال عناصر المقاومة.

واعتبرت الفصائل أن مثل هذه الأنشطة تشكل مساعدة لإسرائيل وقامتا بالتشديد على رام الله على أن اعتقال هذه الوحدات ومقاتليها يشكل خطوطا حمراء في حال تجاوزها ستؤدي إلى ردود أفعال مؤلمة.

الهدف من هذا الدعم الإيراني والرسائل المتعلقة به هو دفع إسرائيل إلى المزيد من العزلة السياسية، وحرمانها من الخيارات الاستراتيجية لتوجيه ضربة حاسمة ضد حماس والمقاتلين الفلسطينيين الآخرين الموالين لإيران.

لذلك ليس من المستغرب أن يؤكد هنية في طهران على أن إسرائيل تواجه “عزلة سياسية غير مسبوقة”.

وقد استغلت وكالة أنباء تسنيم، التابعة للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، نفس الرواية هذا الأسبوع، مذكّرة قراءها بأن الظروف اللاإنسانية السائدة في غزة كانت بسبب استهداف إسرائيل للمراكز الصحية في مناطق النزاع.

تساعد هذه الرسائل إيران على تحقيق هدف رئيسي آخر: إنها تشير إلى الولايات المتحدة بأن الدور الدبلوماسي الإقليمي الذي تلعبه إيران يشكل أهمية حيوية للتوصل إلى حل فلسطيني في المستقبل.

لم تكن واشنطن تعتبر حتى الآن طهران طرفا فاعلا جديا في المفاوضات الدولية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ولكن مع ظهور الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تأمل طهران أن يراها ويسمعها صناع القرار في واشنطن هذه المرة.

ليس من المستغرب أن تكون وزارة الخارجية الإيرانية مشغولة بتوجيه الشكر إلى المجتمع الدولي لتنظيمه مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في عواصم العالم.

وفي حين تدعو إيران إلى تعزيز مقاومة ما تسميه بالمغامرة الخطرة من جانب الحكومة الإسرائيلية، فمن الواضح أن طهران تريد أن تؤخذ وجهات نظرها ومصالحها بعين الاعتبار في أي تسوية فلسطينية إسرائيلية مستقبلية بعد الحرب.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.