ميدل إيست تُعلق على أنباء الانقلاب في قطر.. ما علاقة الرياض وأبو ظبي؟

نشرت صحيفة “ميدل إيست” البريطانية، مقالا للكاتب أندرياس كريج، اليوم الأربعاء، حول الأنباء التي نُشرت مؤخرا بشأن حدوث محاولة انقلاب على الحُكم في قطر.

وفيما يلي نص المقال:

في مجابهة أزمة فيروس “كورونا” المستجد، ومع التزام ثلث سكان العالم بالإغلاق الكامل، ازدادت الدعوات إلى العمل الجماعي لمكافحة الفيروس باستثناء الخليج، إذ تواصل حملات التضليل والروايات المسلحة؛ توسيع الفجوة التي قسمت المنطقة لمدة ثلاث سنوات.

وفي يونيو 2017، فرضت  دول المملكة السعودية، والإمارات، والبحرين، وانضمت إليها مصر؛ حصاراً على دولة قطر، مصحوباً بعملية ضخمة  هدفها تشويه صورة الدوحة على مستوى العالم، وتعبئة الناس في الخليج ضد القيادة القطرية، وحتى محاولة وضع الأساس لتغيير النظام الحاكم هناك.

*وهم خيبة الأمل:

في المرحلة الأولية من الأزمة، حاولت دولتي السعودية والإمارات مرارًا وتكرارًا تقديم سرد لتغيير النظام، وعرضا أفراداً بدا أنّهم منشقون من عائلة آل ثاني الحاكمة في قطر ومؤيديهم؛ لخلق الوهم بأن القطريين قد خاب أملهم من قيادتهم.

وفي الواقع، تبيّن أن “عبد الله بن علي آل ثاني”، الذي روّجت له منافذ سعودية وإماراتية كأمير بديل في عام 2017، محتجز ضد إرادته في الإمارات.

وبالنسبة لسلطان بن سحيم آل ثاني، الذي قُدِمَ كذبا ًعلى أنه أمير بديل آخر في سبتمبر 2017، فهو شاباً مجهولًا إلى حد كبير، ربما اعتقد أنه يمكن أن يصنع لنفسه اسماً.

في حين أن استراتيجية تغيير النظام لم تفشل فحسب، بل تسبّبت في زيادة الالتفاف حول العلم في قطر منذ عام 2017، ومع ذلك فلا تزال شبكات التضليل المرتبطة بالحكومتين السعودية والإماراتية تقصف بلا هوادة مجال وسائل التواصل الاجتماعي بروايات كاذبة تستهدف قطر وسياساتها.

في الذكرى السنوية الثالثة للحصار، نشرت العديد من الشائعات أخبار حول انقلاب في قطر، وكان هذا على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، روّج لها المتسلقون والمتصيدون المرتبطون بالسعودية.

في حين أن وسائل الإعلام العالمية والصحفيين والمعلقين قد سئموا من هذه الحرب السردية في الخليج، فإنّ مجال الإعلام الاجتماعي في قطر يتطلع إلى هذه الادعاءات الغريبة من الحدود مع جرعة من الكفر بها و أيضا الفكاهة.

ومع ذلك، فإن حملات التضليل السعودية والإماراتية مخصصة في المقام الأول للاستهلاك المحلي.

*الضغوط المحلية:

يعتبر موقع “تويتر” في المملكة العربية السعودية، من بين أعلى نسبة اختراق بين بلاد العالم، وتستخدم شبكات التضليل التي تديرها الدولة نظريات المؤامرة والأخبار الكاذبة؛ لحشد الجمهور السعودي حول العلم.

وبالنسبة للظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المملكة فهي حالكة، مع ضغوط شديدة وسط تراجع اقتصادي عالمي، وانكماش غير مسبوق في سوق النفط، وملايين الناس يخضون للحجر المنزلي في ظل شهر رمضان المبارك.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الرياض تسعى بشدّة إلى استراتيجية خروج من الحرب المكلفة في اليمن، إذ تتصاعد الضغوط الحزبية على القيادة السعودية في واشنطن، وسط ما يعتبره الكثيرون في الولايات المتحدة حرب أسعار النفط بفعل السعودية.

وفي هذا السياق، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بحاجة ماسة إلى التغيير، لأنه يخطط للانتقال السياسي عاجلاً وليس آجلاً.

كانت “السلطوية” الوسيلة المفضلة في المملكة لإدارة المجتمع المدني الناشئ في وسائل الإعلام الاجتماعية، فبدلاً من حظر منصات التواصل الاجتماعي تمامًا، يقود “سعود القحطاني” –أحد أكبر مستشاري بن سلمان الموثوق بهم- جيشًا من بدائل الإنترنت والتي من الممكن أن تسهم في  أن يقوّض الخطاب المجتمعي الحقيقي .

وبنى القحطاني شبكات التضليل، بالاعتماد على مزارع القزم والروبوتات لمطاردة المنشقين محليًا، بل وأيضاً أصوات الناقدين على مستوى العالم.

وترتبط هذه المنافذ الإلكترونية التي ترعاها الدولة والمرتبطة بوسائل الإعلام التقليدية الحالية المملوكة للسعودية؛ بمدى انتشار القصص الإخبارية التي ترغب الحكومة في الترويج لها، مع إنشاء اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مصطنع في بيئة خاضعة للرياضيات.

*إغلاق نافذة الفرصة:

القصص التي قد تجذب القليل من الاهتمام، مثل قطعة في الجريدة السعودية على مجهول من آل ثاني يطالب أمير قطر بالاستقالة، تنبع من شبكة تضليل واسعة، تجذب الحداثة والإثارة.

وتجذب المصطلحات العربية القوية أو التي تعتبر من علامات التصنيف الاصطناعية، مثل “الانقلاب في قطر”؛ مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين قضوا أسابيع في حالة إغلاق ويواجهون طريقاً اقتصادياً صعباً.

لقد كان “الخبز والسيرك” –وهو مصطلح يستعمل لنقد سياسة الإلهاء المُنظّم التي تقوم بها الحكومات من خلال توفير الطعام (الخبز) والترفيه (السيرك) لعامة الشعب لاسترضائه مقابل دفعهِ عن الانشغال بالأمور العامة-؛ وصفة مجربة لابن سلمان لتحويل انتباه الرأي العام السعودي عن الأسئلة غير المريحة حول التقدم في برنامجه الإصلاحي.

وأما بالنسبة لأزمة الخليج، فمع اقتراب عامها الرابع، فإن لا شيء واضح بشأن مصيرها، في حين أن أزمة ” كوفيد-19″ تتطلب استجابة جماعية في الخليج، فمن المرجح أن تتعامل هذه الدول بشكل فردي مع إيران بدلاً من الانخراط الجماعي مع بعضها البعض.

لقد دمرت حملة التضليل المستمرة من قبل السعودية والإمارات ضد قطر أي آمال في التقارب في أي وقت قريب، أو في المصالحة، وتم إغلاق النافذة الصغيرة للفرص التي فتحتها الرياض والدوحة في أواخر عام 2019 بحزمٍ من قبل بن سلمان، والذي كان رده على الأزمة الحالية هو سحب الجسر بدلاً من القيادة، كما فعلت المملكة في السابق.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.