أعلن البنتاغون عن خطط لإنشاء منشأة جديدة في قاعدة ماونتن هوم الجوية بولاية أيداهو لاستضافة مقاتلات F-15QA التابعة لسلاح الجو القطري وتدريب طيّاريها، في خطوة وُصفت بأنها مرحلة جديدة في الشراكة الدفاعية بين الولايات المتحدة وقطر، الحليف الخليجي الذي لعب دورًا محوريًا في جهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة.
وقال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسِث خلال مؤتمر صحفي في واشنطن إن المشروع “سيُعزّز من قدرات التدريب المشترك، ويرفع مستوى الفاعلية والجاهزية بين القوات المسلحة في البلدين”.
وأضاف: “رأينا، في اللحظات التي احتجنا فيها إلى دعم من المنطقة، أن قطر كانت حاضرة دون تردد أو تراجع”، مشيرًا إلى مساهمة الدوحة في الضربات الأميركية التي استهدفت مواقع نووية إيرانية في يونيو الماضي.
وردّ وزير الدفاع القطري الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني خلال ظهوره المشترك مع هيغسِث في البنتاغون مؤكدًا أن المنشأة “ستُسهم في تعزيز أهدافنا الدفاعية المشتركة وتوسيع مجالات التدريب والتنسيق بين الجانبين”.
منشأة تدريب استراتيجية في أيداهو
ووفق بيان صادر عن وزارة الدفاع الأميركية، فإن الخطة تشمل دمج 12 مقاتلة من طراز F-15QA ومعداتها المساندة ضمن القاعدة الجديدة، لاستخدامها في “التدريب على الدفاع الجوي والإجراءات المضادة والذخائر الحية”.
كما سيتم نشر نحو 300 من عناصر القوات الجوية القطرية والأميركية، مع بناء وتحديث منشآت وبنية تحتية متقدمة لدعم عمليات التدريب.
وأشار البيان إلى أن القاعدة الجوية في ماونتن هوم والمجال الجوي الواسع المحيط بها “سيتيحان تنفيذ تدريبات معقّدة ومتعددة المهام”، في إطار اتفاق طويل الأمد يهدف إلى رفع مستوى التكامل العملياتي بين سلاحي الجو في البلدين.
من أزمة غزة إلى ضمانات أمنية
تأتي هذه الخطوة بعد أسبوع من تقديم الرئيس ترامب ضمانة أمنية رسمية لقطر، عقب الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة مطلع سبتمبر وأثار أزمة كادت تُهدد جهود الوساطة القطرية.
واعتبر مراقبون أن إنشاء المنشأة في أيداهو يمثل “ترجمة عملية” لتلك الضمانة، ورسالة واضحة مفادها أن واشنطن ترى في الدوحة شريكًا استراتيجيًا لا يمكن الاستغناء عنه في ملفات الشرق الأوسط، من الاتفاق النووي الإيراني إلى التسوية في غزة.
وتستضيف قطر أصلًا أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة – قاعدة العديد الجوية – التي تُعد محورًا لعمليات القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM).
غير أن مشروع أيداهو يُمثل توسعًا نوعيًا للتعاون، إذ سينقل جزءًا من التدريب المشترك إلى الأراضي الأميركية لأول مرة منذ بدء الشراكة الدفاعية بين البلدين قبل عقدين.
انتقادات داخلية من اليمين الأميركي
رغم الترحيب الرسمي، أثار المشروع جدلًا سياسيًا في الداخل الأميركي. فقد هاجمت الناشطة اليمينية لورا لومر – المقربة من ترامب – الخطة ووصفتها بأنها “خطر على الأمن القومي”، مؤكدة عبر منصة “إكس” أنها لن تصوّت في انتخابات عام 2026 احتجاجًا على ما اعتبرته “تنازلات لبلد دعم حماس في الماضي”.
لكن أصواتًا أخرى داخل الحزب الجمهوري أيدت الخطوة. إذ قال النائب مايك سيمبسون، عضو لجنة الاعتمادات في مجلس النواب عن ولاية أيداهو، إن القرار “خبر رائع يعزز التدريب العسكري ويحسّن جاهزية قواتنا، ويقوّي شراكتنا مع أحد حلفائنا الرئيسيين في الشرق الأوسط”.
ويرى محللون أن توطين تدريب الطيارين القطريين في الولايات المتحدة يُظهر مستوى غير مسبوق من الثقة السياسية والأمنية بين البلدين.
فبعد دور قطر الحاسم في تسهيل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بوساطة أميركية، تسعى إدارة ترامب إلى تثبيت التحالف مع الدوحة عبر تعاون دفاعي مؤسسي دائم.
ويشير خبراء في شؤون الدفاع إلى أن اختيار أيداهو – بظروفها الجوية والجغرافية القريبة من بيئة العمليات في الخليج – يمنح الطيارين القطريين فرصة لاكتساب خبرة أميركية متقدمة في أنظمة الدفاع والهجوم الجوي، خصوصًا على مقاتلات F-15QA التي تُعد من أحدث النسخ التصديرية في العالم.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72895