مشروع العلا التراثي في السعودية يطلق حزمة استثمارية كبيرة لإشراك القطاع الخاص

أعلنت الهيئة المكلفة بتطوير موقع العلا التراثي عن إطلاق حزمة استثمارية كبيرة لإشراك القطاع الخاص في استكمال مشروع تحويل المحافظة إلى وجهة سياحية ثقافية وطبيعية رائدة، في خطوة تأتي ضمن أهداف السعودية الواسعة لتنويع اقتصادها ضمن «رؤية 2030».

وقال رئيس قطاع السياحة في الهيئة الملكية لمحافظة العلا إن حزمة الفرص الاستثمارية تبلغ نحو 6 مليارات ريال (حوالي 1.6 مليار دولار) موزعة على 21 مشروعاً سيُطرح معظمها في السوق قبل نهاية العام الجاري أو في بداية العام المقبل.

وتستهدف هذه الفرص قطاعات متعددة مرتبطة بالسياحة والترفيه والضيافة والخدمات اللوجستية والبنى التحتية المكملة لزيارة الموقع التاريخي والطبيعي.

وجذبت العلا، المدرجة ضمن مواقع التراث العالمي، خلال العام الماضي نحو 300 ألف زائر، وتطمح الهيئة إلى الوصول إلى حاجز المليون زائر سنوياً بحلول عام 2030.

ولدى الموقع خصوصية بيئية ومجتمعية، إذ يشكل نحو 60% منه متنزهاً وطنياً محمياً لا يسمح بالتطوير العمراني أو الصناعي، ما يفرض على المطوّرين والمستثمرين احترام قيود صارمة للحفاظ على المشهد الطبيعي والتراثي.

وحتى الآن كان تمويل المرحلة الأولى لتطوير العلا يأتي بصورة أساسية من الميزانية الحكومية، إلا أن الهيئة قررت توسيع قاعدة التمويل عبر دعوة القطاع الخاص للمساهمة برأسمال وخبرات تشغيلية، مع ضمان استمرار التمويل العام للمرحلة المقبلة عبر تخصيص ميزانية مضمونة للخمس سنوات المقبلة.

ويهدف هذا التوازن بين الدعم العام ودور القطاع الخاص إلى تسريع وتيرة الإنجاز مع الحفاظ على جودة وتجربة الزائرين والمعايير البيئية.

وفيما يتعلق بإمكانية إدراج جزء من أصول المشروع في سوق الأسهم عبر طرح عام أولي، أوضح المسؤول أن الفكرة قيد الدراسة لكنه حذّر من أنها ليست قريبة التنفيذ، مع إمكانية أن تُدرس خيارات الإدراج مع نهاية العقد.

واعتبر أن قرار الطرح العام يعتمد على نضج المشاريع، وقدرة الكيانات العاملة على تقديم نموذج مالي مستدام يجذب المستثمرين الأفراد والمؤسسات.

وتُنهي الهيئة حالياً المرحلة الأولى من خطة تطوير العلا وتدخل الآن المرحلة الثانية، متوقعة استكمال هذه المرحلة بحلول 2030، تليها مراحل لاحقة تفتح المزيد من الفرص الاستثمارية والبنيوية.

وتؤكد الخطة أن المشاريع المطروحة ستراعي الدمج مع المجتمع المحلي وتوفير فرص توظيف وتدريب لأبناء المنطقة، إضافة إلى الحفاظ على قيمة الموقع التاريخية والأثرية.

من ناحية الزوار، يشكل السياح من دول الخليج نسبة كبيرة من القادمِين إلى العلا، حوالي 70%، بينما يساهم الزوار من دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والهند وعدة دول أوروبية والصين بنحو 30% من إجمالي الأعداد. وتستهدف الهيئة حالياً توسيع قاعدة الأسواق المصدرة للسياح عبر حملات تسويق دولية وتسهيلات بنية تحتية لنقل الزوار وإقامتهم.

ويبقى التحدي أمام القائمين على المشروع ضمان توازن دقيق بين اجتذاب الاستثمارات الخاصة وتوفير حماية صارمة للمكونات الطبيعية والثقافية للموقع، مع تقديم عوائد اقتصادية مستدامة للمملكة والمجتمع المحلي.

ويرى مراقبون أن نجاح تجربة العلا في إشراك القطاع الخاص بصورة مسؤولة قد يشكّل نموذجاً يمكن تكراره في مواقع تراثية أخرى داخل المملكة، ويعزز من قدرة الاقتصاد على التنوع بعيداً عن الاعتماد النفطي.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.