وسط ضغوط سياسية وإعلامية متصاعدة، يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفي تراجع شعبيته، ويصر على أن الدعم له في صفوف الجمهوريين ومؤيدي حركة “ماجا” (اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا) آخذ في الارتفاع، رغم ما تكشفه استطلاعات الرأي من مؤشرات عكسية، خاصة بعد تجدد الجدل حول علاقته بقضية جيفري إبستين.
استطلاعات الرأي تُظهر تراجعًا
وفقًا لشبكة “سي بي إس” الأمريكية، تراجعت نسبة تأييد الرئيس ترامب إلى 42% في يوليو، مقارنة بـ53% في فبراير/شباط، وهو ما يعكس تراجعًا عامًا في رضا الناخبين عن أدائه، خصوصًا في ملفات الاقتصاد والهجرة والسياسة العامة، وهي الملفات التي كانت تمثل نقاط قوة له خلال حملته الانتخابية.
لكن ترامب، كعادته، لجأ إلى منصته “تروث سوشيال” للرد، مؤكدًا أن شعبيته داخل الحزب الجمهوري “في أعلى مستوياتها على الإطلاق”، مشيرًا إلى أرقام تأييد تتراوح بين 90 و95%، دون أن يوضح مصدر هذه البيانات أو الجهة التي أجرت الاستطلاع.
وكتب الرئيس الأمريكي على منصته: “لقد ارتفعت أرقام استطلاعاتي منذ أن كشفت خدعة إبستين التي خطط لها اليسار المتطرف ومثيرو الشغب”.
تصاعد الانتقادات بسبب إبستين
الجدل حول ملفات إبستين، رجل الأعمال المدان بجرائم استغلال جنسي والذي توفي في زنزانته عام 2019 أثناء انتظار المحاكمة، عاد إلى الواجهة مؤخرًا بعد تقارير عن تردد البيت الأبيض في الإفراج عن الوثائق المتعلقة بالقضية. ويُعتقد أن إبستين كان يحتفظ بشبكة علاقات مع شخصيات بارزة، من بينهم سياسيون ورجال أعمال عالميون.
البيت الأبيض واجه انتقادات لرفضه إصدار الوثائق الكاملة حول تحقيقات إبستين، فيما عبّرت أوساط سياسية عن مخاوف من التستر على علاقات محتملة تربط الرئيس ترامب بالشبكة. وتشير تقارير إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) راجع ما يصل إلى 100 ألف وثيقة بحثًا عن اسم ترامب.
خطوة قانونية ومواقف متباينة
لمحاولة امتصاص الضغوط، طالب ترامب المدعية العامة بام بوندي بتقديم طلب رسمي إلى محكمة فدرالية لكشف نصوص هيئة المحلفين الكبرى في قضية إبستين. وقال في منشور على “تروث سوشيال”: “حتى لو منحت المحكمة موافقتها الكاملة، فلن يرضي ذلك اليسار المتطرف”.
لكن الخطوة لم تكن كافية لإقناع عدد من المشرعين. فقد قال النائب الجمهوري تيم بورشيت إن خطوة الرئيس “جيدة لكنها لا ترقى إلى مطالبنا”، في إشارة إلى تعديل تشريعي يُطرح في مجلس النواب ويطالب بالكشف الكامل عن جميع ملفات إبستين. ويؤيد هذا التعديل ما لا يقل عن عشرة نواب جمهوريين.
من جهتها، أعربت السيناتور الديمقراطية آمي كلوبوشار عن شكوكها في نوايا الرئيس، قائلة: “لقد وعد بنشر الوثائق، والآن تراجع فجأة”. وأضافت أن البيت الأبيض وزّع في السابق ملفات جزئية مكتوب عليها “الجزء الأول”، ثم توقف دون مبرر.
تصعيد قانوني ضد الإعلام
وفي تطور لافت، رفع ترامب دعوى قضائية ضد صحيفة وول ستريت جورنال بتهمة التشهير، مطالبًا بتعويضات لا تقل عن 20 مليار دولار. وتعود القضية إلى تقرير نشرته الصحيفة بشأن رسالة من ترامب إلى إبستين في ألبوم تذكاري بمناسبة عيد ميلاده الخمسين عام 2003. ووصف ترامب التقرير بأنه “كاذب وتشهيري”، بينما أكدت الصحيفة صحة الوثيقة.
وقد حظيت هذه القضية باهتمام واسع في الإعلام الأمريكي، وكانت من بين أكثر المواضيع قراءة على موقع الصحيفة خلال الأيام الماضية.
دور ماسك ورد الفعل الجماهيري
أضفى الملياردير إيلون ماسك مزيدًا من التعقيد على الجدل، عندما كتب في منشور على منصة X (تويتر سابقًا) أن “لترامب حضورًا لافتًا في ملفات إبستين”، قبل أن يتراجع عن تصريحاته لاحقًا، ويشكك في صحة الأدلة التي استند إليها التقرير الصحفي.
ورغم احتجاجات متواصلة أمام البيت الأبيض، يبدو أن ملف إبستين سيبقى مصدرًا دائمًا للضغوط والشكوك، خصوصًا في ظل اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72051