أعلن الاتحاد الأوروبي، عن انطلاق مفاوضات مع دول مجلس التعاون الخليجي بشأن إبرام اتفاقيات شراكة استراتيجية ثنائية تهدف إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين الجانبين، في خطوة تعكس تصاعد أهمية الخليج كشريك دولي رئيسي للاتحاد الأوروبي.
وذكرت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية والتشريعية للاتحاد، في بيان رسمي، أن المفاوضات ستبدأ “في أقرب وقت ممكن”، وتشمل الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي: الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، قطر، الكويت، البحرين، وسلطنة عُمان.
شراكات استراتيجية لتعميق العلاقات
وأكدت كايا كالاس، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن هناك “إمكانات هائلة غير مستغلة” في العلاقات مع منطقة الخليج.
وقالت “سنتفاوض على اتفاقيات شراكة استراتيجية ثنائية مع شركائنا الخليجيين الستة، من أجل بناء تعاون شامل وفعّال يعكس أولوياتنا المشتركة”.
وتهدف هذه الاتفاقيات إلى وضع أطر حديثة وطموحة للتعاون، تغطي ملفات متعددة من بينها السياسة الخارجية والأمن، والعدالة، وإنفاذ القانون، والتجارة، والاستثمار، والطاقة، وتغير المناخ، وفقاً للبيان الصادر عن المفوضية.
تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية
من جانبه، قال ماروس سيفكوفيتش، مفوض التجارة والأمن الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي، إن الشراكات الجديدة ستُشكّل دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية.
وأضاف: “المفاوضات المرتقبة ستفتح المجال أمام فرص أوسع للتجارة والاستثمار، في ظل الاهتمام المتزايد من الجانبين بتقوية سلاسل التوريد وتعزيز الشراكات الصناعية”.
وأشار إلى أن الاتفاقيات ستُصمم بشكل فردي حسب خصوصية كل دولة خليجية، ما يمنحها مرونة وفعالية في تنفيذ برامج التعاون المشترك.
تكميل لمفاوضات التجارة الحرة
تُعد هذه المحادثات جزءاً من جهود أوسع لتطوير العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، حيث تسعى الأطراف إلى إحياء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، التي توقفت عام 2008 بعد عدة جولات غير مكتملة.
وشهدت العلاقات الخليجية-الأوروبية زخماً متزايداً في السنوات الأخيرة، خاصة في ضوء التطورات الجيوسياسية العالمية، والتغيرات في أسواق الطاقة، والتحولات الاقتصادية في دول الخليج نحو التنويع الاقتصادي والاستثمارات الخارجية.
في عام 2023، كان الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك استيرادي لمجلس التعاون الخليجي بقيمة بلغت 93.8 مليار يورو (نحو 102 مليار دولار)، كما احتل المرتبة الرابعة كشريك تصديري، بإجمالي صادرات بلغت 76.3 مليار يورو.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الإمارات والاتحاد الأوروبي عن بدء محادثات ثنائية مستقلة بشأن اتفاقية تجارة حرة، ما يمهد لإبرام اتفاق مشابه على المستوى الإقليمي.
التعاون من أجل الاستقرار الإقليمي
وقالت دوبرافكا سويكا، مفوضة شؤون البحر الأبيض المتوسط، إن الشراكات الجديدة ستسهم أيضاً في تعزيز التعاون السياسي والأمني في منطقة الشرق الأوسط الأوسع، مؤكدة “الاتفاقيات المقترحة ستعزز جهودنا المشتركة في بناء السلام وتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة”.
ويأتي هذا التحرك في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه النظام الدولي، مثل اضطرابات سلاسل الإمداد، وتقلبات الطاقة، والتوترات الإقليمية، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى توسيع نطاق شراكاته الإستراتيجية بعيداً عن الجوار التقليدي.
اتفاقيات مشابهة مع حلفاء دوليين
ويُذكر أن الاتحاد الأوروبي سبق أن أبرم اتفاقيات شراكة استراتيجية مع كندا (2016) واليابان (2019)، ضمن سياسة أوروبية لتعزيز روابطه الاستراتيجية مع قوى اقتصادية عالمية.
من المتوقع أن تسهم الشراكة الأوروبية-الخليجية الجديدة في ترسيخ حضور الاتحاد الأوروبي كمحور سياسي واقتصادي مؤثر في منطقة الخليج، وأن توفر أرضية جديدة للتعاون في ملفات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والحوكمة، والتنمية المستدامة.
ومع بدء المفاوضات خلال الأشهر المقبلة، يتطلع الطرفان إلى تجاوز العقبات السابقة التي أعاقت اتفاقيات التجارة، والانطلاق نحو مرحلة جديدة من التكامل السياسي والاقتصادي تخدم المصالح المتبادلة في بيئة دولية معقدة ومتغيرة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72025