قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن توسعة “الاتفاقيات الإبراهيمية” باتت “قريبة”، مؤكّدًا أنه تلقّى “حتى يوم أمس” إشارات من مسؤولين سعوديين تُفيد باستعداد الرياض للانضمام إلى مسار التطبيع مع إسرائيل، شريطة تثبيت وقف إطلاق النار في غزة و“تحييد” التهديد النووي الإيراني.
وجاءت تصريحات ترمب في مقابلة مع “فوكس نيوز”، حيث أبدى أمله بأن “يدفع انضمام السعودية دولًا أخرى للحاق بها”، على حدّ تعبيره.
وعند سؤاله عمّا إذا كان قد تلقّى رسائل مباشرة من الجانب السعودي، قال ترمب: “نعم، فعلوا. حتى يوم أمس تقريبًا. كانت لدي محادثات جيدة جدًا”. لكنه لم يوضح ما إذا كانت الاتصالات قد جرت معه شخصيًا أم عبر وسطاء.
وفي وقت سابق من الأسبوع نفسه، تحدّث عن نقل رسالة إلى حركة حماس بشأن التخلي عن السلاح، قبل أن يوضح أن الرسالة مرّت عبر “أشخاص تابعين له”؛ ما أثار تساؤلات حول طبيعة قنوات التواصل التي يستند إليها الرئيس الأميركي السابق في ملف بالغ الحساسية.
رغم ذلك، يظل الموقف السعودي المعلن ثابتًا: لا تطبيع من دون مسار سياسي “موثوق، محدد زمنيًا، ولا رجعة فيه” نحو إقامة دولة فلسطينية.
وقد جدّدت الرياض في أكثر من مناسبة هذا الشرط، معتبرة أن أي ترتيبات إقليمية لا يمكن أن تتجاوز حق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة دولتهم.
مسار دبلوماسي متشعّب
تتزامن تصريحات ترمب مع مسار دبلوماسي متشعّب أعقب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في شرم الشيخ الأسبوع الماضي، والذي قاد إلى إطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء.
ويراهن ترمب على توظيف هذا الزخم لطرح خطة سلام مكوّنة من عشرين بندًا، وافق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شفهيًا بحسب ما تسرّب من مداولات، وتنص على الربط بين إعادة إعمار غزة وإصلاح السلطة الفلسطينية من جهة، وفتح “مسار موثوق” نحو تقرير المصير الفلسطيني من جهة أخرى.
مع ذلك، لا تزال نقاط جوهرية عالقة. فالبند السياسي المتعلق بإمكان قيام دولة فلسطينية لم يُدرج ضمن اتفاق شرم الشيخ نفسه، كما أن ترمب، في خطابه الذي أعلن فيه الخطة، أقرّ بـ“المعارضة المفهومة” لنتنياهو لفكرة الدولة الفلسطينية، وقال لاحقًا إنه لم يحسم موقفه من حل الدولتين.
ويربك هذا التناقض فرص التطبيع السريع مع السعودية، إذ يُعد الاعتراف بمسارٍ واضح نحو الدولة شرطًا سعوديًا لا يمكن تجاوزه.
وفي الإقليم، ظهرت تكهّنات بشأن دول مرشّحة للانضمام لاحقًا إلى الاتفاقيات، من بينها إندونيسيا التي قيل إن رئيسها برابوو سوبيانتو يفكّر في زيارة تاريخية إلى إسرائيل عقب قمة شرم الشيخ، قبل أن ينفي مكتبه “بشكل قاطع” وجود خطة من هذا النوع.
وكان سوبيانتو قد أثار جدلًا في الأمم المتحدة الشهر الماضي بإشارته إلى حق إسرائيل في العيش بأمان وختمه كلمته بعبارة “شالوم”، غير أن الموقف الرسمي الإندونيسي ما يزال يربط أي تحوّل باعترافٍ ملموس بحقوق الفلسطينيين.
على الجانب الأميركي، عبّر المبعوث الخاص ستيف ويتكوف عن تفاؤله بإمكان “توسيع جدي” للاتفاقيات، مؤكدًا التزام واشنطن بتحسين حياة سكان غزة بعد الحرب، وإن تجنّب التعهّد صراحةً بضمان مسار تقرير المصير.
وقال في كلمة له بواشنطن إن “السلام الدائم” يتطلب ألا تعيش إسرائيل تحت تهديد الصواريخ أو الهجمات، وفي الوقت نفسه “يجب أن يتمكّن سكان غزة من عيش حياة كريمة”، داعيًا إلى نزع سلاح حماس “بشكل لا لبس فيه”.
ويظهر من مجمل المؤشرات أن نافذة توسيع “الاتفاقيات الإبراهيمية” ترتبط بتقدّم ثلاثة مسارات مترابطة: تثبيت وقف النار وإعادة الإعمار، إصلاح السلطة الفلسطينية وبناء مؤسسات قادرة، وتحديد أفق سياسي قابل للقياس نحو الدولة الفلسطينية.
وبينما يقدّم ترمب الأمر بوصفه “قريبًا”، تبقى الكلمة الفصل لدى الرياض التي ربطت التطبيع بوضوح المسار السياسي وضماناته الزمنية والقانونية، ولدى المشهد الداخلي الإسرائيلي المنقسم حول أي خطوة تُقارب حل الدولتين.
وفي غياب إجابات عملية عن هذه العقد، قد يظل التفاؤل الأميركي معلّقًا بانتظار تحويل العناوين العامة إلى التزامات مُلزِمة تُقنع السعوديين والرأي العام العربي بأن التطبيع لن يأتي على حساب الحق الفلسطيني.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72946