بلومبيرغ: السعودية والإمارات تسلكان طريقين اقتصاديين متباينين في أسواق المال

في وقت ينشغل فيه المستثمرون العالميون بقرارات أسعار الفائدة والرسوم الجمركية، تدور في الخليج قصة أكثر إثارة بين أكبر اقتصادين في المنطقة: السعودية والإمارات. إذ تظهر أسواق المال في البلدين اتجاهين اقتصاديين متعاكسين، وسط تغييرات عميقة في التوجهات الاستثمارية والقطاعات الرائدة.

 

الإمارات تتصدر بمكاسب مدفوعة بالعقار

شهدت الأسواق الإماراتية أداءً قويًا منذ بداية العام 2025. فقد ارتفع مؤشر سوق دبي بنسبة 18%، وحقق مؤشر أبوظبي ارتفاعًا يقارب 10%. ويقف خلف هذا النمو طفرة اقتصادية تركز بشكل أساسي على القطاع العقاري.

 

ففي دبي، ارتفعت أسعار الشقق بنسبة 122% خلال خمس سنوات، بينما زادت الإيجارات بنحو 50%، بحسب دويتشه بنك. هذا الازدهار حفز موجة جديدة من الطروحات العامة، لا سيما من قبل شركات عقارية ومنصات تكنولوجيا عقارية تستعد للإدراج في السوق، مدفوعة بثقة متزايدة من المستثمرين المحليين والدوليين.

 

كما ساهم إدراج صندوق استثمار عقاري وشركة تكنولوجية هذا العام في إعادة الحيوية للسوق، بعد أداء ضعيف لطروحات نهاية 2024.

 

ويقول ميغيل أزيفيدو، نائب رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية في “سيتي غروب” للشرق الأوسط وأفريقيا: “هناك طلب محلي كبير، والشرق الأوسط بات خيارًا جذابًا للإدراج، بتسعير مناسب ونتائج إيجابية بعد الإدراج”.

 

تراجع نسبي في السوق السعودية رغم الزخم السابق

في المقابل، شهدت السوق السعودية تراجعًا ملحوظًا في مؤشر الأسهم الرئيسي الذي انخفض بنسبة تفوق 8% منذ بداية العام، بالتوازي مع تراجع أسعار النفط العالمية.

 

ورغم أن السعودية تصدرت الطروحات في المنطقة هذا العام، بجمع أكثر من 3 مليارات دولار، فإن أداء بعض الإدراجات، مثل “طيران ناس” و”المتخصصة الطبية”، كان دون التوقعات، ما زاد من حذر المستثمرين.

 

رامي سيداني، رئيس الاستثمارات الحدودية في “شرودر”، علّق قائلًا: “هناك نبرة أكثر واقعية الآن. لم يعد يُفترض أن يقفز كل طرح في أول يوم. هذا يعكس نضج السوق”.

 

لكن ذلك لم يمنع السعودية من مواصلة نشاط الطروحات، إذ تجري التحضيرات لصفقات كبيرة في النصف الثاني من العام. ويقول أزيفيدو: “لا أحد مجبر على شراء أصول من الشرق الأوسط، لكن الجميع يريد ذلك”.

 

شركات ناشئة وتدفقات رأس مال جريء

وفي ظل التراجع العالمي في استثمارات رأس المال الجريء، تبرز السعودية والإمارات كمحورين للنمو. فقد جمعت الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط نحو 1.35 مليار دولار في النصف الأول من 2025، بينما تراجع التمويل في الأسواق الناشئة عالميًا إلى 3.98 مليار دولار، وهو الأضعف منذ عام 2017، بحسب منصة Magnitt.

 

تقارب اقتصادي رغم التباين

رغم التباين في أداء السوقين، ظهرت مؤشرات على تقارب اقتصادي بين السعودية والإمارات. فقد وافقت مجموعة “الفطيم” الإماراتية على دفع نحو 700 مليون دولار مقابل 50% من أسهم “سينومي ريتيل” السعودية، مع تقديم قرض داعم للميزانية. وقال عمر الفطيم: “استثمارنا يعكس ثقتنا في اقتصاد المملكة ورؤية 2030”.

 

وفي قطاع الطيران، فاز تحالف تقوده “العربية للطيران” الإماراتية بعقد لتأسيس شركة طيران اقتصادي سعودية ستنطلق من الدمام بأسطول من 45 طائرة، في انسجام مع استراتيجية السعودية لاستثمار تريليون دولار في السياحة واستقطاب 150 مليون زائر سنويًا.

 

مراجعة مشروع “ذا لاين”

من جانب آخر، تخضع مدينة “ذا لاين” المستقبلية، حجر الزاوية في مشروع نيوم، لمراجعة استراتيجية شاملة. وأكدت مصادر أن السعودية طلبت من شركات استشارية تقييم جدوى المشروع الحالي واقتراح تعديلات.

 

وذكرت بلومبيرغ أن الأهداف السكانية للمشروع خُفّضت من 1.5 مليون نسمة إلى ما لا يتجاوز 300 ألف نسمة بحلول 2030، في ظل ضغوط الميزانية وتراجع الاستثمارات الأجنبية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.