السعودية تطالب واشنطن بدعم انتشار القوات السورية في السويداء رغم اعتراضات إسرائيل

أبلغت المملكة العربية السعودية الولايات المتحدة بضرورة السماح لقوات الأمن السورية بالانتشار في محافظة السويداء جنوبي البلاد، على الرغم من اعتراضات إسرائيل، حسبما كشف مسؤول أمريكي رفيع لموقع ميدل إيست آي.

 

وقال المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه نظرًا لحساسية المحادثات، إن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أبلغ نظيره الأمريكي ماركو روبيو خلال مكالمة هاتفية، يوم الخميس، بأن الرياض تدعم إعادة بسط الجيش السوري سيطرته على الجنوب، وبخاصة السويداء التي تعاني اضطرابات طائفية متصاعدة.

 

وأوضح المسؤول أن السعودية “غاضبة” من الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على مواقع للجيش السوري في دمشق والسويداء، وتعتبرها تدخلاً مرفوضاً في الشأن السوري الداخلي.

 

وجاء في بيان مقتضب لوزارة الخارجية الأمريكية أن الوزيرين “ناقشا مسائل الأمن الإقليمي، بما في ذلك الجهود الرامية إلى إنهاء العنف في سوريا”، دون الإشارة إلى تفاصيل الخلاف بين السعودية وإسرائيل.

 

السعودية وتركيا تدينان الضربات الإسرائيلية

وأصدرت السعودية، إلى جانب تركيا ومصر والأردن والإمارات، بيانًا مشتركًا يوم الخميس، أدانت فيه الضربات الإسرائيلية ووصفها بـ”الاعتداء الصارخ على سيادة سوريا”، وأكدت على دعمها “لأمن سوريا ووحدتها واستقرارها”.

 

تأتي هذه التطورات بعد أن شهدت السويداء موجة عنف دموي بين البدو السنة والأغلبية الدرزية، ما دفع السلطات المحلية إلى طلب تدخل الجيش السوري. وفعلاً، أرسلت دمشق قوات إلى المدينة، مما أثار رد فعل إسرائيلي عنيف، حيث شنت تل أبيب ضربات على قوافل عسكرية ومقرات حكومية في العاصمة.

 

وفي تحول مفاجئ، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر رسمي أن إسرائيل قررت “السماح” بانتشار مؤقت لقوات الأمن السورية في السويداء لمدة 48 ساعة فقط، في خطوة وُصفت بأنها تراجع عن موقفها الأولي.

 

الخلاف يعكس صراع النفوذ

قال مسؤولون أمريكيون وعرب إن إسرائيل تسعى إلى تأسيس منطقة نفوذ في جنوب سوريا، وهو ما تعتبره واشنطن غير منسجم مع رؤية إدارة ترامب الحالية التي تدفع نحو وحدة سوريا تحت قيادة الرئيس الجديد أحمد الشرع.

 

وكان الرئيس الشرع، الزعيم السابق لتحرير الشام، قد أطاح ببشار الأسد في ديسمبر 2024، وهو يحظى بدعم من الرياض وأنقرة. واستضافت السعودية لقاءً ثلاثيًا في مايو الماضي جمع ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب والشرع في الرياض، في إشارة إلى التحول في السياسة الإقليمية نحو دمج دمشق مجددًا في المحور العربي.

 

وقال مصدر أمريكي لموقع ميدل إيست آي: “دفع إسرائيل نحو السيطرة جنوب سوريا يتناقض تمامًا مع ما تريده إدارة ترامب… هناك رؤية أمريكية واضحة بأن وحدة سوريا ومركزيتها ضرورية، وإسرائيل تزعزع هذا المسار”.

 

دور متزايد لأنقرة والرياض

في سياق متصل، أجرى الأمير فيصل بن فرحان مكالمة مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، لمناقشة التصعيد الأخير. وأكدت مصادر أن أنقرة تنسق مع السعودية بشأن إعادة تأهيل القوات الأمنية التابعة للشرع، وسبق أن قصفت إسرائيل مواقع في سوريا كانت تركيا تخطط لاستخدامها لتدريب هذه القوات.

 

وتؤكد الرياض أنها ملتزمة بتمويل إعادة إعمار سوريا، وتعتبر الاستقرار السياسي شرطاً أساسياً لنجاح جهودها في هذا المسار.

 

وبحسب المصادر، فإن التحركات السعودية تعكس اتجاهاً جديداً في السياسة الإقليمية يضع المصالح الاستراتيجية العربية فوق التحفظات الإسرائيلية، حتى في ظل التقارب بين الرياض وتل أبيب الذي ترعاه واشنطن.

 

وفي الوقت نفسه، يقول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لا يزال يأمل في التوسط لاتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، رغم تصاعد الخلافات حول الملف السوري.

 

لكن تطورات السويداء توضح أن السعودية مستعدة لتحدي النفوذ الإسرائيلي حين يتعارض مع رؤيتها لمستقبل سوريا.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.