أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة سيحافظ على وجود محدود في قاعدة عين الأسد غربي الأنبار، بهدف دعم العمليات الجارية ضد تنظيم داعش داخل سوريا المجاورة والتنسيق في قاعدة التنف، وذلك بالتوازي مع نقلٍ تدريجي للمهام إلى السلطات العراقية.
وأوضح السوداني أن الانتقال يسير «بسلاسة وبالتنسيق مع الجهات الأمنية»، فيما تستمر جولات الحوار مع واشنطن لترسيم شكل الشراكة الأمنية المقبلة.
وجود «مركز» بدور استشاري
بحسب السوداني، تقرر الإبقاء على نحو 250–300 مستشار داخل عين الأسد لمهام المراقبة والتنسيق العملياتي ضد خلايا داعش في سوريا، على أن يواصل هؤلاء تقديم المشورة والدعم الفني للقوات العراقية ضمن ترتيبات انتقالية تُقلص بصمة التحالف وتبقي قدرته على الإسناد العابر للحدود.
وتأتي الخطوة بعد جولتين من المحادثات الثنائية، على أن تُعقد جولة ثالثة لبحث الأرقام النهائية وتموضع القوات.
وتنسجم هذه المقاربة مع اتجاهٍ أوسع لخفض الوجود الأميركي في العراق وتحويله إلى إطارٍ ثنائي أكثر ضيقًا، مع تركيزٍ أكبر على الإقليم الكردي وإعادة توزيع القدرات.
من «مهمة التحالف» إلى شراكة ثنائية
تشكل التحالف الدولي عام 2014 لوقف تمدد داعش في العراق وسوريا، وبلغ الوجود الأميركي ذروته عند آلاف المستشارين والمدربين الذين أسهموا في بناء قدرات الجيش العراقي ومكافحة الإرهاب.
ومع انحسار سيطرة داعش الإقليمية منذ 2017 في العراق ثم 2019 في سوريا، بدأت المهمة تتحول تدريجيًا من القتال المباشر إلى التدريب والاستشارة والاستخبارات.
وتشير تقديرات صدرت مطلع أكتوبر/تشرين الأول إلى خفض إجمالي القوات الأميركية في العراق إلى أقل من 2000 عنصر بعد اكتمال الانتقال، مع إبقاء ترتيبات دعمٍ للعمليات في سوريا.
وهذا التحول ليس جديدًا بالكامل؛ فخطط إنهاء مهمة التحالف على مراحل طُرحت منذ 2024 مع تأكيد استمرار دورٍ عراقي–أميركي لوجستي واستخباري من داخل العراق لدعم مكافحة داعش في سوريا حتى 2026، قبل أن تُسرع بغداد وواشنطن وتيرة التفاوض هذا العام وتبدآ إجراءات إعادة التموضع.
عين الأسد… محور الربط مع الساحة السورية
تكتسب عين الأسد أهمية عملياتية بوصفها منصة مراقبة ودعم لإيقاع الضربات الدقيقة ضد قيادات داعش داخل سوريا، وللاتصال مع الشركاء في التنف.
وتُظهر تقارير المتابعة أن المستشارين يركزون على تطوير بنك الأهداف، وعمليات الجو، واللوجستيات، وتبادل المعلومات، والتخطيط المشترك—وهي ركائز تُعد حيوية لضمان عدم عودة التنظيم إلى شن هجمات واسعة.
,سياسيًا، يواجه السوداني ضغوطًا من قوى برلمانية وفصائل تطالب بجدولة خروجٍ كامل للقوات الأميركية. وفي المقابل، يلفت خبراء أمنيون إلى أن خلايا داعش ما زالت تنفذ هجمات متقطعة في مناطقٍ متباعدة، وأن الانسحاب المتسرع قد يترك فراغًا تستغله الجماعة في بادية الأنبار والممرات الحدودية مع سوريا.
وقد واصل التحالف خلال العامين الماضيين عمليات اصطياد قيادات داعش، شملت تصفية مسؤولين بارزين في شمال غرب سوريا، بالتنسيق مع الأجهزة العراقية وشركاء دوليين.
إلى أين تتجه العلاقة مع واشنطن؟
تقول الحكومة إن الهدف هو إنهاء «مهمة التحالف» كإطارٍ متعدد الأطراف والتحول إلى شراكة أمنية ثنائية تركز على بناء القدرات وتبادل المعلومات وتنفيذ ضربات نوعية عند الحاجة عبر آلياتٍ متفق عليها.
وحتى حين يُعلن رسميًا اكتمال إعادة التموضع، سيظل ملف داعش متداخلًا عبر الحدود، ما يبرر—وفق مقاربة بغداد—الإبقاء على وجودٍ استشاري محدود في عين الأسد ومرتكزات دعم في أربيل، مع تقليص الانتشار داخل المراكز الحضرية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72966