الإيكونومست: السعودية تتحول إلى قوة عظمى في ألعاب الفيديو

تكثّف السعودية حضورها في صناعة الألعاب الإلكترونية عبر سلسلة صفقات بمليارات الدولارات، culminated بصفقة استحواذ على شركة إلكترونيك آرتس (EA) بقيمة 55 مليار دولار تقودها مجموعة تضم صندوق الاستثمارات العامة (PIF) وشركتي سيلفر ليك وأفينيتي بارتنرز، لتصبح واحدة من أضخم عمليات الشراء بالاقتراض في التاريخ الحديث لقطاع التقنية والترفيه.

وذكرت مجلة الإيكونومست البريطانية أن الصفقة—التي تبقي المقر التنفيذي لـEA ورئيسها التنفيذي أندرو ويلسون—تنتظر موافقات المساهمين والجهات التنظيمية، ومن المتوقع إغلاقها في الربع الأول من السنة المالية 2027.

ورؤية التحول لم تأتِ من فراغ. فقد عرضت الإيكونومست مسار السعودية لتصبح “قوة ألعاب” عالمية، بالاعتماد على ذراعها Savvy Games Group وتمويل سيادي ضخم للسيطرة على سلاسل القيمة: محتوى، نشر، وبطولات رياضات إلكترونية. وتضع صفقة EA حجر الزاوية لهذه الاستراتيجية.

على خطٍ موازٍ للمحتوى الغربي، تُظهر يوبيسوفت ميلاً لتضمين السعودية مسرحًا لسردياتها: توسعة مجانية مرتقبة للعبة Assassin’s Creed Mirage تدور في العُلا، أُعلن عنها خلال فعالية بالرياض، وأثارت نقاشات داخلية حول طبيعة التمويل وحدود الاستقلال الإبداعي. تؤكد يوبيسوفت أنها تحتفظ بالتحكم الإبداعي، وأن التطوير يجري مع “خبراء محليين ودوليين”.

صفقات محتوى محورية عبر “ساڤي”

في 2023، استحوذت ساڤي على شركة Scopely (مطوّرة Monopoly Go!) مقابل 4.9 مليارات دولار. ومنذها، قفزت اللعبة إلى عوائد تتجاوز 5 مليارات دولار خلال عامين، لترسخ موطئ قدم سعودي قوي في ألعاب الهواتف.

وفي 2025 أُنجزت صفقة استحواذ Scopely—المملوكة لساڤي—على أعمال الألعاب لدى Niantic (Pokémon GO وPikmin Bloom…)، بقيمة تقارب 3.5 مليارات دولار، ما يمنح السعودية واحدة من أنشط محافظ ألعاب المحمول في العالم.

إلى جانب ذلك، لدى PIF/ساڤي حصص ثقيلة وتأثير إداري في شركات كبرى مثل Embracer؛ إذ انتُخب براين وورد (الرئيس التنفيذي لساڤي) إلى مجلس إدارتها في 2024، مع مساهمة تقارب 7–8%، رغم تعثر صفقة استثمارية ضخمة سابقة.

هذا الحضور يمنح الرياض نفاذًا إلى مكتبات عناوين تاريخية (Tomb Raider وغيرها) ويكرّس دورها كمموّل ومؤثّر في قرارات النشر والأصول.

من الملكية إلى “تضمين الثقافة الشعبية”

يتوسع الأثر السعودي إلى SNK (Fatal Fury، Metal Slug)، حيث تمتلك مؤسسة مسك المرتبطة بولي العهد ما يقرب من 96% من الشركة منذ 2022.

وعلى نحوٍ لافت، أعلنت SNK هذا العام إدراج كريستيانو رونالدو كشخصية قابلة للعب في Fatal Fury: City of the Wolves—إضافة قرأها محللون كامتدادٍ لنفوذ الرياض داخل سلاسل شرقية راسخة.

وتتبنّى السعودية نموذج “بناء الجمهور” عبر البطولات الحية. فبعد شراء ESL وFACEIT بنحو 1.5 مليار دولار (2022)، استضافت الرياض كأس العالم للرياضات الإلكترونية وجذبت مئات آلاف الحضور ومئات الملايين من المشاهدات عبر المنصات، مع خطط لإطلاق “كأس الأمم للرياضات الإلكترونية” ابتداءً من العام المقبل.

والهدف—كما يردده قادة ساڤي—هو صناعة منظومة مستدامة تُحوّل السعودية إلى محور مسابقات ومؤتمرات ألعاب على مدار العام. (تشير تقارير صناعية إلى أن ذراع الرياضات الإلكترونية لا يزال في طور تحقيق الربحية، لكنه يخلق تأثيرًا تسويقيًا وتواصليًا واسعًا).

سوق عمل وتمكين محلي

تسعى رؤية 2030 لتوليد عشرات آلاف الوظائف في مجال الألعاب، مع مبادرات تدريب محلية (بينها شراكات جامعية) وارتفاع ملحوظ في مشاركة النساء كلاعبات وموظفات.

ورغم أن نحو ثلث موظفي ساڤي أجانب، تتوقع الشركة انخفاض النسبة مع نضج السوق المحلي. هذا المزيج—استقطاب خبرات عالمية ونقلها—يدعم نقل المعرفة وبناء سلاسل إنتاج داخلية بمرور الوقت.

في المقابل تُحذّر تحليلات مالية من تحدي تحقيق عائد خاص بصفقة EA نظرًا لحجم الدين والتمويل اللازمين، ومتطلبات العائد الداخلي لصنّاع الصفقات. كما أن انكشاف السعودية الكبير على القطاع يجعلها عرضة لدورات الطلب، وإغلاقات المشاريع، وتقلبات تفضيلات اللاعبين.

وعلى صعيد المحتوى، يثير تمدد رأس المال السعودي تساؤلات قديمة-جديدة حول استقلالية الإبداع واتجاهات “تبييض الصورة” عبر الترفيه.

الجدل المحيط بتوسعة Assassin’s Creed Mirage في العلا مثالٌ ظاهر؛ إذ تتعهد يوبيسوفت بـ“السيطرة الإبداعية”، لكن مراقبين يحذرون من تأثير الممولين على موضوعات وأماكن وأبطال السرد مستقبلاً—مع التذكير بسوابق مشابهة في السينما العالمية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.