الأمم المتحدة: 673 مليون إنسان يبيتون جياعًا كل ليلة

حذرت الأمم المتحدة من تباطؤ مقلق في مسار القضاء على الجوع عالميًا، مؤكدة أن 673 مليون شخص ما زالوا يبيتون جياعًا كل ليلة، فيما يواجه عدد أكبر حالة عدم يقين يومية بشأن الوجبة التالية.

ودعت المنظمة الدولية إلى إعادة بناء المنظومات الغذائية على نحو يضمن إطعام البشر ويصون البيئة في آن واحد، محذرة من أن التقدم المحقق خلال عقود “بدأ يتآكل” في بعض المناطق.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن “البلدان اجتمعت قبل 80 عامًا، في عالم مزقته الحرب، لدحر الجوع.

وفي العقود التالية حقق العالم تقدمًا كبيرًا”، لكنه نبّه إلى أن الأزمات المتلاحقة—من تغيّر مناخي وصراعات مسلحة واضطرابات اقتصادية—تُظهر أنه “لا مجال للتراخي” إذا أردنا الحفاظ على المكاسب.

وأضاف: “لدينا الأدوات والمعارف والموارد للقضاء على الجوع وتوفير غذاء جيد وصحي للجميع… ما نحتاجه هو الوحدة”.

“من المخجل استخدام الجوع سلاحًا”

شدّد غوتيريش على تحديات “جديدة–قديمة” تفاقمت مع الوقت، من ارتفاع معدلات السمنة وتردّي جودة الأنماط الغذائية، إلى الصدمات المناخية التي تعصف بالأمن الغذائي والمائي.

واعتبر أنه “من المخجل أن يجري استخدام الجوع سلاحًا”، لافتًا إلى “واقعٍ مروّع” يتمثل في مجتمعاتٍ تُدفَع عمدًا إلى حافة المجاعة داخل بؤر النزاع.

وتحت شعار “يدًا بيد من أجل أغذية أفضل ومستقبل أفضل” ليوم الأغذية العالمي هذا العام، أكّد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) شو دونيو أن “الجوع لا يعرف الحدود، وتحدي الأمن الغذائي يتطلب وحدة بين الأمم”، داعيًا قادة العالم وشعوبهم إلى الإيمان بأن الحق في الغذاء حقٌ أساسي من حقوق الإنسان، وأن السلام شرطٌ مسبق للأمن الغذائي.

من جهته لفت البابا ليو الرابع عشر الانتباه إلى “أعدادٍ هائلة” تفتقر إلى مياه الشرب والغذاء والرعاية الصحية والسكن والتعليم والعمل الكريم، قائلاً: “كيف ننسى المحكومين بالموت والمشقة في أوكرانيا وغزة وهايتي وأفغانستان ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى واليمن وجنوب السودان… لا يمكن للمجتمع الدولي أن يدير ظهره. يجب أن نجعل معاناتهم معاناتنا”.

غزة نموذجًا: من “نظامٍ زراعيّ حيوي” إلى خطط تعافٍ

خلال فعالية في روما، ربط متحدثون أمميون بين تصاعد النزاعات واتساع رقعة الجوع الراهن.

وقالت بيث بيشدول، نائبة المدير العام للفاو، إن قطاع غزة كان يمتلك قبل الحرب نظام إنتاج زراعيًا “حيويًا” يضم صوباتٍ زراعية وبساتين وقطاعًا لتربية الماشية، مؤكدة أن الوكالة بدأت بالفعل التخطيط لإعادة البناء عبر توفير المدخلات الزراعية وإصلاح البنية التحتية الصغيرة ومساندة صغار المزارعين.

وتؤكد هيئات الأمم المتحدة أن كسر حلقة الجوع يتطلب حزمة متكاملة من الإجراءات:

* استثمارات مرنة في سلاسل الإمداد المحلية والإقليمية لتقليل هشاشة الأسواق أمام الصدمات.

* حماية اجتماعية ذكية تستهدف الأكثر هشاشة—من تحويلات نقدية إلى برامج التغذية المدرسية.

* تحوّل زراعي مستدام يحدّ من الهدر، ويعزّز تنوع المحاصيل وقيمتها الغذائية، ويخفض البصمة الكربونية.

* تمويل ميسّر وبرامج تحوطٍ من المخاطر المناخية لصغار المنتجين.

* فتح الممرات الإنسانية وضمان عدم تسييس وصول الغذاء والماء في مناطق النزاع.

شهرٌ للأمن الغذائي… ورسالة واحدة

طوال أكتوبر/تشرين الأول، تستضيف روما—مقر الفاو—فعاليات “أسبوع الأغذية العالمي”: حوارات سياسات، ومعارض تعليمية، ومبادرات لرواد الأعمال الخضر، بهدف حشد التزامات جديدة وتعزيز تبادل الخبرات.

وتُجمِع رسالةُ الفعاليات على أن مكافحة الجوع ليست شأنًا إنسانيًا “طارئًا” فحسب، بل سياسة تنموية وبيئية بامتياز، تتقاطع مع الصحة والتعليم والمناخ والعمل اللائق.

في المحصلة، تُذكّر الأمم المتحدة بأن أرقام الجوع “ليست قَدَرًا”، وأن العالم يمتلك قدرة إنتاج غذاء كافية، لكن اختناقات التوزيع، وانعدام العدالة، وتداعيات المناخ والحروب تُحوّل وفرةً إجمالية إلى ندرةٍ على موائد ملايين الفقراء.

وبينما يبيت 673 مليون إنسان جائعًا كل ليلة، تشدد المنظمة على أن الاختبار الحقيقي ليس في توفّر الحلول، بل في الإرادة السياسية لوضع الغذاء والصحة والكوكب في صدارة الأولويات—”يدًا بيد، لأغذيةٍ أفضل ومستقبلٍ أفضل”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.