إيران تُعدم ستة متهمين بالتجسس لصالح إسرائيل: تصعيد أمني جديد

أعلنت السلطات الإيرانية، عن تنفيذ أحكام الإعدام بحق ستة سجناء قالت إنهم أدينوا بتنفيذ هجمات في محافظة خوزستان الغنية بالنفط جنوب غرب البلاد “بناءً على طلب من إسرائيل”، في خطوة وصفتها منظمات حقوق الإنسان بأنها جزء من “موجة إعدامات هي الأكبر منذ عقود”.

وتأتي الإعدامات في أعقاب الحرب الإيرانية–الإسرائيلية التي اندلعت في يونيو/حزيران الماضي واستمرت 12 يومًا، وانتهت بتوعد طهران بـ“ضرب أعدائها في الداخل والخارج”.

ويقول محللون إنّ طهران تحاول عبر هذه الإعدامات توجيه رسالة مزدوجة: إظهار الحزم الأمني الداخلي، والرد على الهجمات السرّية الإسرائيلية المتزايدة داخل إيران خلال العامين الأخيرين.

لكنّ منظمات حقوقية أكدت أن المحاكمات “سريعة وغير شفافة”، وأن “الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب” لا يمكن اعتبارها أدلة قانونية.

تهم بالتجسس والعمليات المسلحة

قالت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية إن الرجال الستة “نفذوا تفجيرات وقتلوا ضباط شرطة وقوات أمن” في مدينة خرمشهر، وإنهم “عملوا بتوجيه من الموساد الإسرائيلي”.

وبثّ التلفزيون الرسمي مقطعًا لأحد المدانين وهو “يعترف” بالتورط في التخطيط للهجمات، فيما وصفت وسائل الإعلام الإيرانية ذلك بأنه “كشف غير مسبوق لتفاصيل عمليات التخريب الإسرائيلية داخل إيران”.

من جانبها، أكدت منظمة هنغاو لحقوق الإنسان، ومقرها أربيل، أنّ جميع الذين أُعدموا هم “سجناء سياسيون من العرب الأهوازيين” اعتُقلوا خلال احتجاجات عام 2019، مضيفة أن السلطات “عذّبتهم بشدة وأجبرتهم على الإدلاء باعترافات متلفزة تحت الإكراه”.

وتقول المنظمة إنّ الرجال اتُّهموا بالانتماء إلى “حركة النضال العربي لتحرير الأهواز”، وهي جماعة انفصالية متهمة بشن هجمات سابقة على خطوط أنابيب النفط والمنشآت الحكومية في خوزستان.

خلفية توتر قومي وطائفي

تُعدّ محافظة خوزستان الغنية بالنفط أحد أكثر الأقاليم توترًا في إيران، إذ يقطنها عدد كبير من العرب الذين يشكون من التهميش الاقتصادي والسياسي.

وشهدت المنطقة مرارًا احتجاجات على البطالة والتلوث وشحّ المياه، قوبلت بحملات اعتقال واسعة. كما استخدمت طهران في السنوات الأخيرة اتهامات الإرهاب والتجسس لتبرير حملات أمنية ضدّ المعارضين المحليين.

يقول ناشط عربي أهوازي من المنفى لـ“أسوشيتد برس” إن “الإعدامات الجديدة هي محاولة لإخافة المجتمع المحلي بعد الاحتجاجات الشعبية الواسعة في خوزستان عامي 2019 و2022، والتي قوبلت بعنف مفرط”.

سبعة إعدامات في يوم واحد

إلى جانب الستة المدانين في قضية التجسس، نفّذت إيران السبت أيضًا حكم الإعدام في سجين سابع أدين بقتل رجل دين سني في محافظة كردستان عام 2009.

ويرى مراقبون أنّ هذا العدد المرتفع في يوم واحد يؤكد تسارع وتيرة الإعدامات منذ يونيو الماضي، حيث تستخدم السلطات “الردع العلني” كأداة لإظهار السيطرة بعد الحرب مع إسرائيل والاحتجاجات الداخلية.

ووفقاً لتقارير مشتركة صادرة عن منظمة حقوق الإنسان في إيران (مقرها أوسلو) ومركز عبد الرحمن بوروماند لحقوق الإنسان (مقره واشنطن)، تجاوز عدد من أعدمتهم طهران خلال عام 2025 ألف شخص، وهو أعلى معدل منذ عام 1988، حين أُعدم آلاف السجناء السياسيين في نهاية الحرب الإيرانية–العراقية.

وتقول المنظمتان إن “الحصيلة الحقيقية ربما تكون أعلى بكثير، إذ لا تُعلن السلطات عن جميع الإعدامات رسميًا”، مشيرتين إلى أن معظمها يتعلق بتهم التجسس، والاحتجاج، وجرائم المخدرات، وغالبًا ما يتمّ في محاكم ثورية تفتقر للشفافية.

انتقادات أممية ودولية

ندّد خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بالإعدامات الأخيرة، معتبرين أنها “تمثل استمرارًا مروعًا لسياسة العقاب الجماعي”، ودعوا طهران إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام فورًا وضمان محاكمات عادلة وشفافة.

وفي بيان مشترك، قالت المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران إن “استخدام الاعترافات المنتزعة بالإكراه والأحكام الصادرة بعد محاكمات مغلقة يشكّل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي”.

وتُظهر الإعدامات الأخيرة مفارقة واضحة في سلوك النظام الإيراني:

فمن جهة، تسعى القيادة إلى استعراض الحزم الأمني بعد أشهر من التوتر الإقليمي مع إسرائيل، ومن جهة أخرى، تواجه أزمة شرعية داخلية متصاعدة بفعل الفقر والتضخم والاحتجاجات المتكررة.

ويقول محلل إيراني سابق في مركز “كارنيغي للشرق الأوسط” إن “السلطات تستخدم سيف الإعدام كأداة سياسية أكثر منها قضائية، لتأكيد أن النظام ما زال يملك زمام المبادرة بعد الحرب”.

لكنّ المراقبين يرون أن هذه السياسة قد تعمّق الانقسام الداخلي وتزيد من عزلة إيران الدولية، خصوصًا بعد أن وصف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الإعدامات الأخيرة بأنها “انتهاك صارخ لحقوق الإنسان” و“دليل على انعدام الثقة في مؤسسات العدالة الإيرانية”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.