أوبك+ تقرر زيادة إنتاج النفط في يوليو وسط ضغوط اقتصادية وتوترات تجارية

اتفقت دول تحالف “أوبك+” على زيادة إنتاج النفط بمقدار 411 ألف برميل يوميًا خلال شهر يوليو المقبل، في خطوة تهدف إلى دعم استقرار سوق النفط في ظل ظروف اقتصادية مضطربة، وتأثير التوترات التجارية العالمية على توقعات الطلب.

ويُعد هذا القرار استمرارًا لمسار التخفيف التدريجي للقيود الطوعية على الإنتاج التي أقرّها التحالف منذ أبريل الماضي، ويأتي للشهر الثالث على التوالي بذات المستوى، ما يعكس تمسك الدول الأعضاء بنهج مرن يوازن بين الحذر والتحفيز.

وجاءت الزيادة بعد اجتماع افتراضي عقده وزراء الطاقة في الدول الأعضاء، حيث أكدت المجموعة أن القرار يستند إلى “أساسيات سوقية مستقرة وتراجع المخزونات النفطية”، كما أشارت إلى أنها ستحتفظ بالمرونة لإيقاف هذه الزيادات أو عكسها في حال طرأت تغيّرات في أوضاع السوق.

رسائل مزدوجة للأسواق والسياسة

يُنظر إلى القرار على أنه يحمل دلالات اقتصادية وسياسية في آن واحد. فاقتصاديًا، يسعى التحالف إلى معالجة تأثير التوترات التجارية، خصوصًا بعد فرض الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب رسوماً جمركية شاملة في أبريل، والتي تسببت في اضطراب أسواق المال وأثرت على التوقعات الاقتصادية العالمية.

وأسهم ذلك في تراجع أسعار خام برنت وغرب تكساس الوسيط بأكثر من 15% منذ بداية أبريل.

أما سياسيًا، فيرى بعض المحللين أن الخطوة قد تحمل طابعًا تهدويًا تجاه إدارة ترامب، التي دعت مرارًا إلى خفض أسعار النفط دعماً للاقتصاد الأميركي ومصالح منتجي النفط المحليين.

وقد أشار محللون إلى أن التحرك الأخير قد يهدف إلى إرضاء البيت الأبيض أو مواءمة مصالح بعض أعضاء التحالف مع الحراك الدولي المتسارع.

تقلبات الأسعار وتحديات المستقبل

بدأت أسعار النفط العام الجاري على ارتفاع ملحوظ، حيث تجاوز سعر برميل برنت 82 دولارًا في منتصف يناير، فيما بلغ سعر خام غرب تكساس نحو 79 دولارًا. إلا أن أسعار الخام دخلت منذ ذلك الحين في موجة من التقلبات، خصوصًا مع بدء تطبيق الرسوم الجمركية وتزايد مخاوف الركود.

في مارس الماضي، أعلنت أوبك+ عن خطة لتقليص تدريجي لتخفيضات الإنتاج الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، على أن تُرفع بنحو 138 ألف برميل شهريًا حتى سبتمبر 2026. لكن تنفيذ هذه الخطة ظل معلقًا بفعل التقلبات السوقية، وأُعيد جدولتها أكثر من مرة، لا سيما للدول التي تجاوزت حصصها الإنتاجية.

وبحسب الجدول الزمني الجديد، ستجري سبع دول تخفيضات إضافية تتراوح بين 189 ألفًا و435 ألف برميل يوميًا، في مسعى لفرض انضباط داخلي في الحصص، ومن المقرر أن تستمر هذه التخفيضات حتى منتصف 2026.

أوبك+ بين الانضباط والمنافسة

تشهد منظمة أوبك تراجعًا تدريجيًا في حصتها من السوق العالمية، إذ انخفض إنتاجها إلى أقل من 27 مليون برميل يوميًا في 2024، مقارنة بـ30 مليون في 2015، وذروة بلغت 34 مليونًا في 2016. وهذا ما يدفعها للسعي إلى استعادة بعض نفوذها عبر الضغط على المنتجين الأعلى تكلفة، وفي مقدمتهم منتجو النفط الصخري الأميركي.

ويرى خبراء أن هذه السياسة قد تساعد أيضًا في تعزيز العلاقات مع واشنطن، لا سيما في ظل رغبة ترامب في خفض أسعار النفط للحد من التضخم المحلي، وممارسة ضغط إضافي على روسيا في سياق الحرب المستمرة مع أوكرانيا.

تصريحات وتحذيرات

دعا وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إلى التحلي بالحذر في التعامل مع معطيات السوق، مشددًا على أن أوبك+ تبذل “قصارى جهدها لتحقيق التوازن وضمان استمرار الاستثمار في قطاع الطاقة”.

من جانبه، قال الخبير الاستراتيجي في بنك UBS السويسري، جيوفاني ستاونوفو، إن مستوى صادرات أوبك+ النفطي ظل مستقرًا مقارنة بشهر أبريل، ما يدل على التزام واسع داخل التحالف.

وفي بيانها الختامي، أعادت أوبك التأكيد على التزامها بتعزيز استقرار السوق على المدى الطويل، وسط توقعات بأن تواصل ضبط إنتاجها وفقًا للتطورات الجيوسياسية وتوازنات العرض والطلب خلال النصف الثاني من العام.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.