أبرزت صحيفة اندبيندنت البريطانية أن إسرائيل فشلت في معرفة أن هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” قادم بشكل غير مسبوق.
وبحسب الصحيفة فإن التوقيت بالتأكيد ليس محض صدفة. شنت جماعة حماس المسلحة – التي تحكم غزة – هجومًا مفاجئًا غير مسبوق على إسرائيل، حيث اخترق مقاتلوها السياج الحدودي وقتلوا إسرائيليين، واحتجزوا مدنيين أسرى وأطلقوا آلاف الصواريخ من قطاع غزة.
ورأت الصحيفة أنه ليس من الدراماتيكي أن نقول إن يوم السبت هو التحدي العسكري الأكثر أهمية لإسرائيل في نصف قرن منذ حرب يوم الغفران عام 1973 (المعروفة أيضًا باسم حرب أكتوبر)، عندما شن تحالف من الدول العربية هجومًا مفاجئًا عليها.
لقد شنت حماس هجومها واسع النطاق بعد ما يقرب من 50 عاما من اليوم الذي بدأ فيه ذلك الصراع. ولم يره أحد قادمًا.
وتقول إسرائيل إنها الآن في حالة حرب بكل حزم.
وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن “هذه ليست عملية عسكرية مزعومة، وليست “جولة” أخرى من القتال”، بينما أمر بتجنيد احتياطي واسع النطاق وتعبئة القوات للرد “سيدفع عدونا ثمنا لم يعرفه من قبل. نحن في حالة حرب، وسوف ننتصر”.
إن الخطاب الحذر الذي يظهر أحيانًا في خطابات المسؤولين الإسرائيليين في أوقات التصعيد العسكري، بما في ذلك عبارات مثل “الرد المتناسب” و”الدفاع”، كان غائبًا بوضوح عن هذا البيان.
واليوم – مثل الهجوم – مختلف. وستكون العواقب وخيمة.
ومن المرجح أن يضع خطاب نتنياهو جميع الخيارات على الطاولة، بدءاً من الغزو البري الوشيك لغزة كما لم نشهده من قبل إلى احتمال إعادة انتشار الجنود الإسرائيليين على المدى الطويل داخل غزة.
وسيكون ذلك الأول من نوعه منذ انسحاب إسرائيل الأحادي الجانب من قطاع غزة الصغير في عام 2005.
وستكون له عواقب على الضفة الغربية المحتلة المضطربة، حيث تصاعدت أعمال العنف في الأشهر الأخيرة وحيث قُتل ما يقرب من 200 فلسطيني في غارات عسكرية إسرائيلية هذا العام.
ومن المرجح أن تحول إسرائيل شراستها، بعد تأمين الجنوب، إلى الغرب.
وكانت مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ميتة منذ فترة طويلة، ولكن أي بصيص من الأمل في إعادة إشعال فكرة حل الدولتين قد يتبدد الآن.
لقد قال البعض على مر السنين بأن إسرائيل شددت على التهديد الوجودي الذي تشكله حماس والفصائل المسلحة التابعة لها. ومن الآن فصاعدا ستستشهد إسرائيل بتاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر كمثال على هذا التهديد.
بالنسبة للإسرائيليين، ستكون هناك أسئلة متكررة حول كيف لم يكن هذا على رادار استخباراتهم. تشتهر إسرائيل بكونها مسقط رأس أقوى برامج المراقبة في العالم. ولديها عيون على غزة التي يبلغ طول حدودها 42 كيلومترا فقط وعرضها 12 كيلومترا.
عندما تكون في القطاع، فإن الشيء الثابت الوحيد هو الطنين المستمر لطائرات المراقبة الإسرائيلية في السماء. لديهم معلومات استخباراتية على الأرض.
لقد سيطروا (أو كانوا) يسيطرون بشكل شبه كامل على ما يدخل إلى غزة ويخرج منها على طول حدودها، بعد فرض حصار دام 16 عامًا في أعقاب سيطرة حماس العنيفة على القطاع في عام 2007.
لكن من الواضح أنهم لم يتوقعوا حدوث ذلك. أخبرني الإسرائيليون الموجودون في “غلاف غزة”، أي المناطق الإسرائيلية المحيطة بغزة، أنهم يحتمون في منازلهم ويختبئون بينما يتجول مسلحو حماس في الشوارع.
وقال إسرائيليون آخرون لشبكات محلية إن المسلحين كانوا في الواقع داخل المنازل محاولين تحطيم أبواب الملاجئ الخاصة بهم أثناء اختبائهم.
وأظهرت لقطات فيديو مدنيين إسرائيليين يركضون للنجاة بحياتهم عبر الحقول، وأظهرت مقاطع أخرى نشرتها وسائل إعلام تابعة لحماس، ولم يتسن التحقق من صحتها بشكل مستقل، مسلحين فلسطينيين يحتجزون على ما يبدو مدنيين إسرائيليين كرهائن، ويأخذون جنودا أسرى، وينقلون جثث جنود إسرائيليين إلى غزة.
وكانت هناك لقطات للسياج الحدودي ممزقا إلى أشلاء، وكذلك دبابة إسرائيلية مدمرة.
وقالت جماعة حزب الله اللبنانية، التي تدعم حماس، إن الهجوم جاء ردا على “جرائم الاحتلال الإسرائيلي والعدوان على الأماكن المقدسة” ويهدف إلى إرسال رسالة واضحة إلى العالم العربي والإسلامي “وخاصة أولئك الذين يسعون جاهدين للتطبيع”.
ومن الواضح أن هذا مخصص للسعودية والولايات المتحدة. وكانت واشنطن تعمل على التوصل إلى اتفاق من شأنه تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية لأول مرة على الإطلاق، على خطى الإمارات.
وأصدرت السعودية بيانا سريعا على نحو غير معهود يوم السبت دعت فيه إلى “الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين”.
وأضاف البيان بعناية أن “المملكة تُذكّر بتحذيراتها المتكررة من خطورة الوضع المتفجر نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه”. فهل تخشى الرياض العنف داخل حدودها؟
في الوقت الحالي، الوضع غير واضح بشكل مثير للقلق وعنيف بشكل متزايد.
وقالت الشرطة الإسرائيلية، التي تستدعي أيضا جميع جنود الاحتياط والمتطوعين لديها، إن هناك “21 مشهدا نشطا” في جنوب إسرائيل، مما يشير إلى حجم الهجوم.
ما زالت الصواريخ تقصف جنوب إسرائيل، ولا تزال صافرات الإنذار تدوي. ولم يكن الجيش الإسرائيلي، حتى وقت كتابة هذا التقرير، قد تمكن من السيطرة على الجنوب بعد.
الشيء الوحيد المؤكد هو أن هذه لحظة حاسمة ودموية في التاريخ.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=65705