هآرتس: حماس قلبت الطاولة فوق رؤوس الجميع وأفشلت خطط الإمارات والسعودية

القدس المحتلة- خليج 24| اعتبرت صحيفة إسرائيلية دخول حركة حماس الفلسطينية في مواجهة عسكرية مع إسرائيل بسبب التطورات الأخيرة في مدينة القدس المحتلة بمثابة قلب للطاولة فوق رؤوس الجميع.

واستعرض المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” تسفي برئيل كيف نجحت حماس في قلب الطاولة وأفشلت خطط الإمارات والسعودية ضد القضية الفلسطينية.

وكتب برئيل إن “الردود على التصعيد في العالم العربي هي مكعب هنغاري لتضارب المصالح”.

وقال إن “الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الرئيس جو بايدن من اجل احلال وقف لإطلاق النار يتم صدها في الوقت الحالي من قبل إسرائيل وحماس”.

وأضاف برئيل “حماس تطالب بإنجاز في القدس وإسرائيل تعتقد أنها لم تحقق أهدافها بعد دون إعطاء تفاصيل ما هي هذه الأهداف”.

وأوضح أنه حسب تقارير تستند لتصريحات قادة كبار في حماس، فإن الحركة تصمم على أن وقف إطلاق النار إذا حدث يكون متزامن.

في حين فإن إسرائيل تطالب بفجوة زمنية تمكنها من مواصلة القصف.

وذكر المحلل الإسرائيلي أن هذه ليست نقطة الخلاف الوحيدة. ويبدو أن الطرفين يركزان مطالبهما على الصعيد التكتيكي.

وبين أن إسرائيل تسعى لإشارة في إلى جانب أكبر قدر من الأهداف.

فيما تطالب حماس بأن تخرج إسرائيل قواتها من الحرم القدسي وأن تمنع طرد سكان الشيخ جراح من بيوتهم، بحسب برئيل.

لكن فعليا-يضيف- كل طرف يسعى لتحويل طلباته التكتيكية إانجاز سياسي.

وأردف “حماس التي اعتبرت كمن جاءت لإنقاذ القدس نجحت في إبعاد السلطة الفلسطينية والأردن عن مكانتهما كأصحاب البيت”.

وتابع برئيل “فهما ليستا شريكتين بالمفاوضات حول وقف إطلاق النار ولا تمثلان المطالب الوطنية الفلسطينية التي تتعلق بالمس بالأماكن المقدسة”.

وبين أنهما تستمران في كونهما شفافتين في نظر كل من إسرائيل وحماس.

واعتبر أن المعركة التي تديرها إسرائيل ضد حماس لن تغير هذه النظرة، حتى لو لم تتنازل إسرائيل في موضوع القدس.

فإذا كان هناك بالماضي-يضيف هرئيل- احتمالية معينة للتوصل لاتفاقات مع السلطة الفلسطينية في مسألة القدس واعتبار شطرها الشرقي عاصمة لفلسطين.

فإن هذه الاحتمالية حطمها دفعة واحدة الرئيس الامريكي دونالد ترامب عندما اعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، كما ذكر.

وأعرب عن اعتقاده أنه بذلك قد أزال موضوع القدس عن جدول الأعمال.

ونبه إلى المرة الثانية التي حدث فيها ذلك، حماس أخذت على عاتقها دور المخلص.

وقال المحلل السياسي الإسرائيلي إنه “من هنا فإن تدمير الأهداف المادية بغزة من مباني عامة وقيادات وأنفاق، وتصفية قادة كبار، يعتبر لإسرائيل انجازات مثيرة للانطباع”.

لكن لا يمكنها التعويض عن تعريف حماس للانتصار، كما رأى برئيل.

وأضاف “نظريا، إذا دخلت إسرائيل الى مفاوضات مع الأردن أو مع السلطة الفلسطينية حول ترتيبات جديدة في الحرم”.

ورأى أنها بهذا تحرم حماس من مظهر الانجاز السياسي، كان يمكنها الاكتفاء بالتدمير الذي أحدثته حتى الآن في غزة.

إضافة إلى تأطيره كعملية انتقام واسعة ضد اطلاق الصواريخ على القدس، وبعد ذلك على أرجاء إسرائيل.

لكن-يضيف برئيل- في المرحلة التي توجد فيها المعركة فإن إجراء مفاوضات كهذه هو أمر غير ممكن سياسيا.

واعتبر أنه يبدو كخضوع لضغط حماس، في المقابل بدون مفاوضات كهذه النتيجة ستكون أن القدس ستواصل كونها في مركز المواجهة بين الجانبين.

ورأى برئيل أن هذا تطور يفيد بشكل كبير اليمين في إسرائيل وحماس أيضا.

ونبه إلى أنه إذا كانت حكومة إسرائيل تبحث أيضا عن انجاز سياسي فإنه يوجد هنا.

ولفت إلى أن المشكلة هي أن استمرار المعركة بغزة وانزلاقها للضفة الغربية، واشتعال “أعمال إرهابية” وعصيان مدني ومواجهات واسعة يمكن أن يعرض للخطر أساس جوهري آخر في سياسة بنيامين نتنياهو.

وذكر أن نتنياهو قام طوال سنوات ببناء الفصل السياسي بين غزة والضفة.

وأوضح أن هذا الفصل ماديا واقتصاديا وسياسيا، كان حيويا من أجل صد أي احتمالية لتقدم عملية سلمية”.

وذلك بذريعة أن السلطة الفلسطينية لا تمثل جميع الفلسطينيين، فهذه النظرية نجح نتنياهو في تسويقها بنجاح.

وأشار برئيل إلى أن نتنياهو نجح بتسويقها بنجاح للإدارات الأمريكية ومصر.

وبعد ذلك للسعودية والإمارات والبحرين والمغرب ودول عربية أخرى.

وقال إن مصر توقفت حتى في عهد حسني مبارك عن محاولة ايجاد حل سياسي شامل، بعد أن قامت بلي ذراع ياسر عرفات وجعلته يوقع على اتفاقات أوسلو.

في حين اكتفى الأردن- وفق برئيل- بالمكانة الخاصة التي أعطيت له في الأماكن المقدسة.

لكن في جميع العمليات السياسية الأخيرة كان الأمر بالنسبة له مجرد معرفة، كما ذكر.

ونوه إلى أنه في صفقة القرن لترامب لم يتم حتى شمل الأردن في دائرة التشاور.

ونبه إلى أنه في السنوات الأخيرة كان قلق الأردن من سيطرة السعودية على الأماكن المقدسة وإبعاده عنها.

ويبن برئيل أن العلاقات المتوترة بينه وبين إسرائيل لم توقف في الحقيقة التعاون الأمني بين الدولتين، لكن التنسيق السياسي أخذ يتلاشى.

وقال “إذا كان هناك في قضية البوابات الالكترونية التي وضعتها إسرائيل على بوابات الحرم قبل 4 سنوات قد كان ما زال للأردن تأثير في قرارات الحكومة، فإنه بهذه المرة تم تحييده تقريبا بشكل كامل”.

وأضاف “حماس لم تدق إسفين بين الأردن وإسرائيل فقط، ففي المعركة التي تسميها سيف القدس أيضا الدول التي وقعت على اتفاقات سلام مع إسرائيل وجدت نفسها في معضلة سياسية معقدة”.

وأردف برئيل “عندما وقعت دولة الإمارات على اتفاق التطبيع مع اسرائيل أوضح ولي العهد محمد بن زايد أن هذه الوثيقة ستخدم المصالح الفلسطينية والسلام”.

كما أنها بالأساس ستحبط نوايا إسرائيل لضم جزء من المناطق، كما ادعى ابن زايد.

ورفضت السلطة الفلسطينية وحماس هذه المبررات، وحتى أن السلطة رفضت أيضا قبول مساعدات انسانية من الإمارات.

كما أعادت السلطة الفلسطينية لفترة معينة سفيرها من أبو ظبي.

وأشار برئيل إلى أن رد أبو ظبي على الأحداث في غزة والقدس فاتر جدا.

وقال “عبرت عن القلق من أن هذه التطورات يمكن أن تعرض المنطقة للخطر”.

لكنها لم تتخذ أي خطوة فعلية مثل اعادة سفيرها من تل ابيب، بحسب برئيل.

وذكر المحلل السياسي الإسرائيلي أنها في المقابل لم تقم بإدانة حماس.

كما كان هناك موقف مشابه عبرت عنه كل من السعودية والمغرب، فيما فقط الأردن هو الذي تبنى لهجة شديدة ضد إسرائيل.

وأضاف “طالب نواب في البرلمان الأردني بطرد السفير الإسرائيلي من عمان وإعادة السفير من تل أبيب”.

وأردف برئيل “مصر تواصل لعب دور الوسيط النزيه الذي يمكنه التحدث مع إسرائيل وحماس”.

وأشار إلى أنه توجد في جعبة القاهرة انجازات الماضي في تثبيت وقف إطلاق النار عدة مرات بينهما.

غير أنه لفت إلى أن مصر والأردن والسعودية والإمارات قلقة من قوة حماس السياسية أكثر من الرعاية التي أخذتها على عاتقها بالقدس.

وحول هذه المسألة-يضيف هرئيل- تطور في السنوات الأخيرة خلاف بين هؤلاء الحلفاء.

وقال “مصر بذلت جهودا لا تكل من أجل التوصل لمصالحة بين فتح وحماس، وهي جهود واجهت الكثير من العقبات إلى أن توصل الطرفين لاتفاق على إجراء الانتخابات”.

وتم إلغاء الانتخابات الشهر الماضي بأمر من محمود عباس بذريعة أنه بدون انتخابات في القدس التي لا تسمح بإجرائها إسرائيل.

وأضاف “مصر تقدر أن سيطرتها الاقتصادية على غزة وسيطرة إسرائيل على الضفة ستحيد ضرر حماس السيء”.

واعتبر أنها ستضطر إلى العمل بإطار فلسطيني أوسع، وفي نفس الوقت يمنحها أداة تأثير على ما يجري في كل فلسطين وليس فقط بغزة.

في حين السعودية التي لها تجربة صعبة مع حماس، والإمارات التي تعتبر حماس فرع من الإخوان المسلمين، تختلفان مع مصر.

وأردف “فهما تعتقدان أن المصالحة بشكل عام والانتخابات بشكل خاص يشكلان تهديدا يمكن أن يضعهما أمام حكومة فلسطينية حماسية”.

وهما بذلك- كما يرى برئيل- ترى الإمارات والسعودية أنهما تشجعان حركات إسلامية راديكالية فيهما ويقوض شرعية السلطة الفلسطينية.

وذكر أن الدائرة العربية في هذه المسألة تحولت لمكعب هنغاري، فيه كل دورة تخلق تضارب مصالح داخلية – عربية.

وقال “عندما ستتصالح حماس وفتح فهذا يعني أن قطر وتركيا وإيران الركائز الاقتصادية والسياسية للحركة وأعداء دول الخليج، يمكنها أن تبعد مصر عن مكانة التأثير”.

وأضاف “دول الخليج فضلت بسبب ذلك الوضع الراهن، وحتى لو كان فيه أيضا بموافقة اسرائيل، دور حيوي لقطر”.

إلا أنه يقزم حماس لتصبح تهديد تكتيكي يرتبط قبل كل شيء بمصر وإسرائيل، بحسب المحلل السياسي الإسرائيلي.

وختم “اعتبارات ومصالح الدول العربية لا تعني إسرائيل التي تواصل تقديرها بأن أي تطور سياسي أو عسكري بغزة والضفة يجب أن يكون دائما تحت السيطرة”.

وأضاف “حسب الصيغة المعروفة التي تقول بأنها مستعدة لكل سيناريو”.

وتابع “وإلى حين أن يأتي سيناريو تكون غير مستعدة له مثل إطلاق الصواريخ على القدس”.

وراى برئيل أن “المشكلة هي أن نجاح التكتيك، إذا كان يوجد أمر كهذا، سيبقي خلفه أنقاض من الخرائب”.

وتابع “سيضطر أحد ما تمويل إصلاحها قبل أن تتحول بذاتها إلى ذريعة جديدة للمواجهة مثلما حدث بمظاهرات العودة”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.