في الأسبوع المقبل، سيشهد التاريخ لحظة تاريخية عندما يخطو الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد على حديقة البيت الأبيض.
ولن يصبح محمد بن زايد أول رئيس دولة إماراتي يتلقى اعترافاً بزيارة دولة إلى المقر الرئاسي الأميركي فحسب، بل سيمهد الطريق أيضاً لفصل جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط، بحسب موقع thenation الدولي.
فقد تطورت التحالفات التي بدأت في الصحراء إلى تعاون يمتد إلى استكشاف الفضاء والتكنولوجيا المتطورة والدبلوماسية عالية المخاطر.
إن هذه الزيارة التاريخية، التي ستضمن اجتماعات رئيسية مع بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس وكبار قادة الكونجرس، تعني أكثر من مجرد إجراءات شكلية. إنها شهادة قوية على مدى تقدم الشراكة بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة ومدى أهميتها لمستقبل كلا البلدين.
وبينما تعمل الإمارات على تعزيز دورها كلاعب محوري في المنطقة، فإن هذه الزيارة تؤكد على الروابط المتعمقة بين البلدين – وهي علاقة تزداد قوة منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم في عام 2020.
لم تؤد اتفاقيات إبراهيم إلى إقامة علاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة فحسب، بل إنها أدت إلى تعزيز المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط .
وبرزت الإمارات من هذه الاتفاقيات كوسيط إقليمي حاسم وشريك استراتيجي للولايات المتحدة. وتسلط زيارة الشيخ محمد الضوء على تسارع هذه العلاقة، حيث وصلت العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة الآن إلى آفاق جديدة، مدفوعة بالمصالح المشتركة والأهداف المتبادلة.
ومع ذلك، وبينما تعمل الإمارات على تعزيز مكانتها العالمية، فإنها تواجه أيضاً الحقائق المعقدة للصراع الإقليمي. ومع استمرار أزمة غزة دون أي حل واضح في الأفق، تولت الإمارات العربية المتحدة دوراً إنسانياً مهماً، حيث قدمت المساعدات والدعم للمتضررين.
ومن خلال استضافة ما يقرب من 2000 جريح ومريض فلسطيني من غزة وأسرهم، وتقديم الإمدادات الأساسية، فإن الجهود الإنسانية التي تبذلها الإمارات العربية المتحدة تثبت التزامها بتخفيف المعاناة.
وفي الوقت نفسه، أوضحت الإمارات أيضاً أنها لن تقدم أي دعم لإعادة الإعمار بعد الحرب دون إحراز تقدم ملموس نحو إقامة دولة فلسطينية. ويعكس هذا الموقف الحازم الإحباط الإقليمي المتزايد إزاء عملية السلام الراكدة.
وعلى الصعيد الاقتصادي ، ترتبط الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة بشكل وثيق. فوفقًا للأرقام الرسمية، ارتفعت التجارة الثنائية إلى أكثر من 31 مليار دولار العام الماضي، حيث قفزت الصادرات الأمريكية إلى الإمارات العربية المتحدة بنسبة 19 في المائة، مما دعم ما يقرب من 166 ألف وظيفة أمريكية. وشهد النصف الأول من هذا العام بالفعل تجارة بلغت 16.9 مليار دولار، وهو اتجاه لا يُظهر أي علامات على التباطؤ.
وباعتبارهما شريكين في الاقتصاد العالمي، أصبحت الدولتان عملاء مفضلين في أسواق كل منهما، مع تدفق مليارات الدولارات في كلا الاتجاهين.
ولا تقل الاستثمارات الإماراتية في الولايات المتحدة إثارة للإعجاب. فقد وجهت شركة مبادلة للاستثمار، وهي أحد صناديق الثروة السيادية الإماراتية، أكثر من 100 مليار دولار إلى مشاريع أميركية.
وتعمل هذه الاستثمارات على إعادة تشكيل الصناعات، من التمويل إلى التكنولوجيا، وترسيخ مكانة الإمارات العربية المتحدة كجسر بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط الأوسع.
ولا يوجد مكان آخر تتجلى فيه الشراكة بشكل أوضح من عالم التكنولوجيا. فمن وادي السيليكون إلى الخليج، تبني الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة المستقبل معًا.
ولا يعد استثمار مايكروسوفت البالغ 1.5 مليار دولار في شركة الذكاء الاصطناعي الإماراتية G42 سوى البداية، حيث تواصل الشركة تكوين شراكات مع عمالقة التكنولوجيا مثل Nvidia وCerebras.
ويجسد استثمارهما المشترك البالغ مليار دولار في كينيا كيف يعمل التعاون التكنولوجي بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة على توسيع نطاقه التحويلي إلى أفريقيا. إن آفاق الشراكات الثنائية بين الشركات الأمريكية والإماراتية على مستوى العالم بعيدة المدى.
وفي قطاع الطاقة، يشهد التعاون بين الولايات المتحدة والإمارات تحولاً كبيراً. فما بدأ كصفقات نفطية تقليدية توسع الآن ليشمل مشاريع رائدة في مجال الطاقة المتجددة.
وتحرز شركة مصدر، الشركة الرائدة في مجال الطاقة المتجددة في الإمارات العربية المتحدة، تقدماً كبيراً في السوق الأميركية، في حين تعمل شركة النفط الوطنية أدنوك على تنويع محفظتها من خلال الاستثمارات في مشاريع الطاقة الأميركية، بما في ذلك قطاع الهيدروجين المزدهر في تكساس. ويعكس مشهد دول الخليج وهي تستثمر في الهيدروجين تحولاً نموذجياً في كيفية تطور الشراكات الخليجية الأميركية.
وتقدم صناعة الطيران مثالاً آخر بارزاً على حجم العلاقة. فالطلب الأخير الذي قدمته مجموعة الإمارات لشراء 95 طائرة إضافية من طراز بوينج بقيمة 52 مليار دولار أميركي من شأنه أن يدعم آلاف الوظائف في قطاع الطيران الأميركي.
ويجسد هذا الاتفاق الضخم كيف تتجاوز الشراكة بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الصناعات، وتعزز النمو الاقتصادي والابتكار على الجانبين.
وفي مجال الرعاية الصحية، يشكل التعاون تحولاً كبيراً. إذ تستفيد دولة الإمارات العربية المتحدة من الخبرة الأميركية لبناء مرافق طبية متطورة، الأمر الذي يعود بالنفع على المرضى من بالتيمور إلى البحرين.
ومن الجدير بالذكر أن استثمار شركة PureHealth بقيمة 490 مليون دولار أميركي في شركة Ardent Health Services يسلط الضوء على العلاقات المتنامية في قطاع الصحة، في حين تعمل المشاريع المشتركة على إعادة تشكيل تقديم الرعاية الصحية في كلا البلدين.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=67738