يُعرف الصيام بفوائده الصحية الجسدية ، لكن الخبراء يقولون إنه من المهم بنفس القدر معرفة تأثيره على الصحة العقلية والعاطفية. يتفق علماء النفس والمتخصصون الطبيون على أنه إذا تم الصيام بشكل مسؤول خلال شهر رمضان ، فيمكن أن يعزز الانضباط الذاتي ويحسن المزاج.
وأوضحت الدكتورة ندى عمر محمد البشير، استشارية الطب النفسي في مستشفى برجيل في أبو ظبي، أن الصيام يتطلب مستوى عاليًا من ضبط النفس، وبالتالي فهو مهارة قابلة للنقل ويمكن أن يكون لها فوائد في مجالات أخرى من الحياة.
وقالت: “إن ممارسة حرمان النفس من الطعام والشراب تبني قوة ذهنية ويمكن أن تساعد الأفراد على مقاومة الإغراءات والمشتتات في روتينهم اليومي”.
بالإضافة إلى ضبط النفس، يرتبط الصيام بتحسن الحالة المزاجية. ويذكر العديد من الأشخاص أنهم يشعرون بالوضوح والارتقاء العاطفي أثناء الصيام.
وتابع “قد يكون هذا بسبب التغيرات الهرمونية، مثل زيادة مستويات الإندورفين، فضلاً عن الفوائد النفسية لتحقيق هدف وممارسة اليقظة الذهنية”. كما تشجع هذه الممارسة اليقظة الذهنية والتأمل، مما يسمح للناس بالتباطؤ وممارسة الامتنان وتحسين التنظيم العاطفي.
وقال الدكتور محمود نجم، استشاري الطب النفسي في مدينة برجيل الطبية في أبوظبي، إن الصيام يمكن أن يعزز الوظائف الإدراكية من خلال تعزيز المرونة العصبية وتكوين الخلايا العصبية.
وأضاف: “إن انخفاض مستويات الجلوكوز وزيادة الكيتونات – التي تعمل كمصدر طاقة بديل للدماغ – قد يساعد في تحسين التركيز واليقظة والوضوح العقلي”.
وقد يساعد الصيام أيضًا في تقليل التوتر والقلق من خلال تعديل محور الوطاء – الغدة النخامية – الغدة الكظرية (HPA)، والذي يلعب دورًا حيويًا في استجابة الجسم للتوتر. قال الدكتور نجم: “إن الإجهاد الخفيف الناجم عن الصيام يمكن أن يعزز القدرة على الصمود في مواجهة الضغوط النفسية، على غرار الطريقة التي تعمل بها التمارين الرياضية على تقوية العضلات”.
وقال إن الصيام المتقطع أثبت ارتباطه بانخفاض مستويات الكورتيزول وتحسين تنظيم التوتر لدى المشاركين. ويعزى تحسن الحالة المزاجية المرتبط بالصيام إلى حد كبير إلى تأثيراته على النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، والتي تساهم في الشعور بالرفاهية والنشوة.
وفي الواقع، أفاد المشاركون في دراسة حول آثار فترات طويلة من عدم تناول الطعام بارتفاع مستويات السعادة وانخفاض أعراض الاكتئاب بعد ممارسة الصيام المتقطع، بحسب الدكتور نجم.
وقال الدكتور نجم “إن الصيام هو تقييد طوعي لحاجة أساسية، وهو ما يدرب المخ على مقاومة السلوك الاندفاعي. وهذا يعزز قوة الإرادة، وهو عنصر أساسي في ضبط النفس”.
وأضاف أن الأبحاث في نظرية تنظيم الذات تشير إلى أن الانخراط في أعمال الانضباط الذاتي، مثل الصيام، يمكن أن يعزز تنظيم الذات بشكل عام في مجالات أخرى من الحياة، بما في ذلك التحكم في العواطف واتخاذ القرار.
على المستوى العصبي، يعمل الصيام على تنشيط القشرة الجبهية، وهي المنطقة المسؤولة عن الوظائف التنفيذية مثل اتخاذ القرار، والتحكم في الانفعالات، والتخطيط في الدماغ. كما يمكن للصيام أن يساعد الناس على التخلص من العادات غير الصحية والإدمان.
ومن خلال تعزيز الانضباط، فإنه يقلل من الاعتماد على المكافآت الخارجية مثل الإفراط في تناول الطعام أو التدخين، ويمكن أن يقلل من تناول الطعام المرتبط بالتوتر.
وقد يجد العديد من الأشخاص صعوبة في تحقيق التوازن بين الصيام وجدول عملهم اليومي. ومع ذلك، يقترح الخبراء أنه من خلال العادات الصحيحة، يمكن تحقيق الإنتاجية والتركيز.
خطط لجدولك الزمني: قم بإعطاء الأولوية للمهام المهمة عندما تكون مستويات الطاقة في أعلى مستوياتها، عادةً بعد الإفطار أو في الصباح الباكر قبل السحور.
الحفاظ على رطوبة الجسم: شرب كميات كبيرة من الماء أثناء ساعات عدم الصيام يمكن أن يساعد في مكافحة التعب والحفاظ على الوظيفة الإدراكية.
خذ فترات راحة: يمكن أن تساعد فترات الراحة القصيرة طوال يوم العمل في إعادة شحن مستويات الطاقة. يمكن أن تساعد الأنشطة مثل التنفس العميق أو التمدد أو المشي السريع في توفير الوضوح العقلي.
تناول الطعام بذكاء: ركز على الوجبات المتوازنة التي تحتوي على العناصر الغذائية التي توفر الطاقة المستدامة، مثل الكربوهيدرات المعقدة والبروتينات والدهون الصحية.
إدارة مستويات الطاقة: إن استخدام تقنيات إدارة الوقت مثل تقنية بومودورو – العمل في فترات قصيرة ومحددة تليها فترات راحة – يمكن أن يساعد في الحفاظ على الإنتاجية.
التواصل مع الزملاء: إن إخبار زملاء العمل بجدول صيامك يمكن أن يشجع على الفهم والدعم، مما يسمح بإجراء تعديلات في الجهود التعاونية.
ممارسة اليقظة الذهنية: إن دمج تمارين اليقظة الذهنية، مثل التأمل أو تقنيات التنفس العميق، يمكن أن يساعد في إدارة التوتر وتحسين التركيز.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70801