كوشنر يعود إلى المشهد: مستشار “من الظل” لإدارة ترامب في زيارة مرتقبة للخليج
مع اقتراب أول جولة خارجية للرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط خلال ولايته الثانية، عاد اسم جاريد كوشنر، صهر الرئيس ومستشاره السابق، إلى الواجهة.
ورغم ابتعاده رسميًا عن العمل الحكومي، كشفت مصادر مطلعة داخل إدارة ترامب أن كوشنر يقدّم نصائح استراتيجية خلف الكواليس، خصوصًا فيما يتعلق بالتعامل مع قادة المنطقة، وعلى رأسهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
كوشنر، الذي لعب دورًا محوريًا في هندسة “اتفاقات أبراهام” خلال ولاية ترامب الأولى، لا يشارك في الوفد الرسمي المرافق للرئيس، لكنه يُعد أحد العقول الأساسية التي توجه مسار التفاوض غير المباشر مع عدد من الدول العربية، بحسب مصادر متعددة تحدثت إلى شبكة CNN.
محادثات تطبيع جديدة ومصالح اقتصادية
الهدف الأساسي من الجولة، وفق مسؤولين في البيت الأبيض، هو تعزيز الاتفاقات الاقتصادية مع ثلاث دول رئيسية هي السعودية، وقطر، والإمارات. وتشمل تلك الاتفاقات خططًا لزيادة الاستثمارات الخليجية في قطاعات البنية التحتية والطاقة الأميركية.
لكن خلف هذا الهدف المعلن، يجري العمل على هدف استراتيجي آخر: توسيع اتفاقات التطبيع بين دول عربية وإسرائيل. وفي هذا السياق، يلعب كوشنر دورًا محوريًا في تقديم مشورة غير رسمية، لا سيما في ما يتعلق بصياغة مقترحات مخصصة للموقف السعودي المتشدد بعد حرب غزة.
وقال أحد كبار مسؤولي الإدارة: “جاريد يعرف خريطة المصالح والتعقيدات. لقد بنى علاقات ثقة مع عدد كبير من القادة في المنطقة، ولا سيما محمد بن سلمان.”
عقبات أمام التطبيع: حرب غزة وتراجع المسار الفلسطيني
منذ نهاية ولاية ترامب الأولى، شهدت المنطقة تحولات كبرى، أبرزها تصاعد الصراع في غزة، خصوصًا بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، ورد إسرائيل العنيف.
هذه التطورات خلقت فجوة عميقة بين تل أبيب وعواصم عربية، دفعت السعودية إلى إعادة التأكيد على موقفها المشروط بالتطبيع، والذي يرتكز على إقامة دولة فلسطينية ووقف الحرب.
في هذا السياق، تقول المصادر إن كوشنر يؤمن بوجود “مقترحات بديلة” قد تليّن الموقف السعودي، دون الحاجة إلى إعلان فوري عن دولة فلسطينية. لكنه لم يكشف عن مضمون هذه المقترحات حتى داخل دوائر الإدارة.
علاقة شخصية ومباشرة مع بن سلمان
طوال فترة ولاية ترامب الأولى، تمتع كوشنر بعلاقة شخصية وثيقة مع ولي العهد السعودي، كثيرًا ما تواصل خلالها الطرفان عبر تطبيق “واتساب”. وتؤكد المصادر أن هذه العلاقة لم تنقطع، بل باتت الآن ركيزة أساسية في الجهود الرامية إلى إعادة دفع مسار التطبيع، رغم التحولات الإقليمية.
“جاريد يعتقد أن هناك فرصة رغم التعقيدات”، يقول أحد مساعديه السابقين. “لديه رؤية غير تقليدية ويعرف كيف يوجّه النقاش مع السعوديين بطريقة واقعية.”
ورغم الإشادات داخل البيت الأبيض بدور كوشنر، إلا أن عدداً من الدبلوماسيين السابقين ونقاد الإدارة أبدوا قلقهم من تضارب محتمل في المصالح، خاصة بعد أن أنشأ كوشنر شركة استثمارية باسم Affinity Partners، حصلت على تمويل كبير من صناديق خليجية سيادية، في مقدمتها صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
لكن إدارة ترامب لم تُظهر أي انزعاج من هذه المسألة. وقال ستيفن تشيونغ، مدير الاتصالات في البيت الأبيض، في بيان لـCNN: “قاد السيد كوشنر بعضًا من أعظم إنجازات الإدارة الأولى، بما فيها اتفاقات أبراهام التاريخية. لا شك أن الإدارة تُقدّر خبرته وترحب بمشورته.”
ويتكوف… الذراع الجديدة في الشرق الأوسط
يلعب ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب الجديد إلى الشرق الأوسط، دورًا رسميًا في إدارة ملفات المنطقة، بما في ذلك العلاقات مع إسرائيل، إيران، وروسيا. وتؤكد المصادر أن ويتكوف يتواصل بانتظام مع كوشنر ويعتمد على توجيهاته في التفاوض مع القادة العرب.
وقال مسؤول في البيت الأبيض: “كوشنر ساعد ويتكوف على التواصل مع الشخصيات الصحيحة، وقدم له رؤى استراتيجية مهمة حول طريقة التفكير في الرياض وأبو ظبي وتل أبيب.”
وكان كوشنر قد حضر مؤخرًا مراسم أداء اليمين لويتكوف في البيت الأبيض، وشارك في عدد من الاجتماعات التحضيرية للرحلة المرتقبة.
ويرافق ترامب في زيارته المقبلة وفد رفيع يضم وزراء بارزين، مثل وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ووزير الخزانة سكوت بيسينت، إضافة إلى وزيرة التجارة، هوارد لوتنيك، وكبير موظفي البيت الأبيض، سوزي وايلز.
لكن كوشنر، الذي لا يشغل منصبًا رسميًا، لن يكون ضمن الوفد. وقال أحد المسؤولين: “هو مرتاح لدوره غير الرسمي. يفضل العمل في الظل إلى أن يتحقق شيء ملموس يمكنه التفاخر به.”
وفي تصريحات حديثة بسفارة إسرائيل في واشنطن، قال ويتكوف إن الإدارة تتوقع توسيع اتفاقات أبراهام “قريبًا جدًا”، وربما يُعلَن عن ذلك خلال الأشهر المقبلة.
ومع استمرار الدور الخفي لكوشنر، بات واضحًا أن صهر الرئيس السابق لم يغادر المشهد فعليًا، بل لا يزال أحد أبرز مهندسي السياسة الأميركية في الشرق الأوسط — وإن من خلف الستار.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71529