تتجلى مأساة لبنان الحديث من خلال قصة إبراهيم عبد الله (اسم مستعار)، مطور عقاري بارز، الذي عاش تجارب قاسية خلال الخمس سنوات الماضية والتي شهدت أزمات متتالية، عائدًا إلى بلاده في عام 2019 بعد 17 عامًا من النجاح في دبي، كان عبد الله يحلم بإعادة بناء حياته وتحقيق أحلامه، لكنه لم يكن يعلم أن الواقع سيكون أكثر قسوة مما تخيله.
بدأت مشكلات عبد الله عندما انطلقت احتجاجات شعبية في لبنان تطالب بإسقاط النظام السياسي الفاسد. انضم عبد الله إلى هذه الاحتجاجات، حيث كان يعتقد أن التغيير ممكن. لكن سرعان ما أُغلقت المصارف، مما حرمه من الوصول إلى مدخراته، وأصبح بلا سيولة للعيش. كانت هذه بداية انهيار حياته المهنية والشخصية.
مع تفشي جائحة كورونا، تفاقمت الأزمات، وتعرض لبنان لانفجار مدمر في ميناء بيروت عام 2020، هذه الكارثة، التي دمرت أجزاء واسعة من العاصمة، وصفتها التقارير بأنها واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخ البلاد، في ظل هذه الظروف، وجد عبد الله نفسه مضطرًا للبحث عن وسائل بديلة للبقاء على قيد الحياة.
تتالت الضغوطات، ومع تصاعد الهجمات الإسرائيلية، زادت الأوضاع سوءًا، فخلال إحدى الغارات الجوية، دُمر منزله في قريته، الذي كان قد بناه بتعبه، مما زاد من شعوره بالفقدان، يقول عبد الله بحسرة “لقد عملت بجد لتحقيق أحلامي، ولكن كل شيء تدمر في لحظة”.
بالإضافة إلى منزله، تعرضت شقة عائلته في الضواحي لضربات جوية، مما أدى إلى تدمير المكان الذي يحمل ذكريات عائلية عزيزة، لم يكن عبد الله مجرد ضحية للظروف، بل أصبح ناشطًا ضد النظام المالي المتعفن، حيث نظم مجموعات من المودعين الذين حاولوا استعادة أموالهم المفقودة، كان يحلم بأن يكون صوته جزءًا من التغيير، لكن الواقع كان مختلفًا.
وعلى الرغم من التحديات، استمر عبد الله في التظاهر ورفع صوته ضد الفساد، ومع ذلك، كان يشعر بالألم من خيبة الأمل تجاه الحكومة، حيث تمكن السياسيون من نقل أموالهم إلى الخارج بينما عانى المواطنون. يضيف عبد الله: “إنهم يعيشون في عالم آخر، بينما نحن نكافح من أجل البقاء”.
تتزايد التوترات الداخلية في لبنان، مع تصاعد تأثيرات الصراع الإقليمي، يشعر عبد الله بأنه ضحية لصراعات لا علاقة له بها، ولكنه يتوق إلى مستقبل أفضل لأبنائه، متابعا: “أريد لأطفالي أن يعيشوا في مكان آمن، حيث يمكنهم بناء مستقبلهم بعيدًا عن الفوضى”.
مع كل ما فقده، يظل عبد الله متمسكًا بأمل إعادة بناء حياته، فعلى الرغم من أن معظم أمواله محبوسة في البنوك، إلا أنه لا يزال يحاول البحث عن فرص جديدة للعمل. يتابع بتصميم: “أريد فقط أن أعمل مرة أخرى، وأعيش حياة كريمة. ليس لي، بل من أجل أطفالي”.
قصته ليست مجرد سرد فردي، بل تعكس واقع العديد من اللبنانيين الذين فقدوا كل شيء بسبب الأزمات المستمرة، تعاني البلاد من أزمة سياسية واقتصادية عميقة، مما يجعل من الصعب على الناس العيش بشكل طبيعي.
يعيش عبد الله وعائلته في حالة من عدم اليقين، حيث تتزايد المخاوف بشأن المستقبل.
إن قدرة عبد الله على الصمود أمام هذه الظروف القاسية هي شهادة على قوة الروح الإنسانية، ومع ذلك، فإن معاناته تبرز الحاجة الملحة لإيجاد حلول دائمة للأزمات التي تواجه لبنان.
إن التغيير يتطلب جهودًا جماعية، ويجب أن يكون هناك التزام من الحكومة والمجتمع الدولي لدعم الشعب اللبناني في هذه الأوقات العصيبة.
في ختام القصة، تبقى آمال عبد الله معلقة على إمكانية استعادة حياته، رغم كل ما فقده.
إن قصته تذكرنا بأهمية التضامن والتغيير في مواجهة الظروف القاسية، وتسلط الضوء على الحاجة الملحة لإيجاد حلول مستدامة للأزمات التي تواجه لبنان وشعبه. إن الأمل في المستقبل، رغم كل التحديات، هو ما يجمع اللبنانيين في سعيهم نحو حياة أفضل.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=69168